دراساتصحيفة البعث

“ريمباك 2022”.. لعبة واشنطن الخطيرة

هناء شروف

يواصل الغرب الذي تقوده الولايات المتحدة دفع توسّع الناتو باتجاه الشرق، وبناء تحالفات عسكرية شبيهة بالحلف في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، مثل تحالف “أوكوس” بين أستراليا، والمملكة المتحدة، والولايات المتحدة.

كذلك تُجري الولايات المتحدة أكبر تمرين في العالم “ريمباك 2022” مع 26 دولة شريكة في الفترة من 29 تموز الحالي إلى 4 آب المقبل، في أشبه ما تكون بلعبة جيوسياسية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، والسبب المزعوم الذي يستشهد به الغرب لغسل أدمغة السكان في تلك الدول وغيرها هو أن الصين وروسيا وبعض الدول الأخرى تمثل تهديداً كبيراً  لبقية العالم مثل هتلر ألمانيا النازية، وبالتالي يجب أن تقاوم.

“ريمباك 2022” عبارة عن تمرين قتالي في الوقت الفعلي، وجزء من استراتيجية المحيطين الهندي والهادئ الأمريكية، حيث تشمل التدريبات مناورات ضد الغواصات والدفاع الجوي، وإزالة الألغام والعمليات البرمائية، وتدريبات مكافحة القرصنة، وعمليات الغطس والإنقاذ، والتخلّص من الذخائر المتفجرة.

يشارك نحو 25000 فرد من 26 دولة، و38 سفينة سطحية، و4 غواصات، وأكثر من 170 طائرة في “ريمباك 2022”. الواضح أنه من خلال أكبر تمرين بحري، تريد الولايات المتحدة أن تثبت للعالم قوتها للتوافق مع دول آسيا والمحيط الهادئ لاستهداف أي بلد. ووفقاً للولايات المتحدة تشارك 11 دولة آسيوية، ودولتان من أوقيانوسيا في هذا التمرين، حيث تستخدم الولايات المتحدة التوترات العسكرية، والنزاعات البحرية في بحر الصين الجنوبي كذريعة لضمان مشاركة دول جنوب شرق آسيا مثل إندونيسيا، وماليزيا، والفلبين، وسنغافورة، وتايلاند في التدريبات البحرية.

تشعر روسيا والصين بالقلق من الاعتداءات والسياسات المزعزعة للاستقرار التي تنتهجها الولايات المتحدة وبريطانيا مع حلفائهما، فما الذي يكمن وراء مثل هذه السياسات المتهورة والخطيرة والغبية؟.

إن إدارة جو بايدن فشلت بشكل واضح في الالتزام بسياساتها المحلية ومجتمعها، ومع ذلك تفرضها على بقية العالم باعتبارها المصير الحتمي الذي لا مفرّ منه، لكن مثل هذه الغطرسة السخيفة تولّد حتماً عدواً مدمراً.

لقد اتخذ الرئيس الأمريكي جو بايدن نهجاً غامضاً بشأن التفاهم مع بكين بشأن قضية تايوان التي تمّ التفاوض عليها في عام 1972 من قبل الرئيس آنذاك ريتشارد نيكسون، والذي ضمن السلام والازدهار المتبادل في المحيط الهادئ لمدة نصف قرن. كما يواصل بايدن تسليح أوكرانيا حتى تتمكّن كييف من خوض صراع دموي لا يمكن أن تكسبه ضد موسكو.

لكن لا يُظهر بايدن، ولا أي من فريقه للأمن القومي المكوّن من وزير خارجيته أنتوني بلينكين، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ووزير الدفاع لويد أوستن، ووكيلة وزارة الخارجية فيكتوريا نولاند أدنى إدراك بأن جميع سياساتهم ستؤدي إلى الدمار الشامل.

في أول لقاء له وجهاً لوجه مع أوستن على هامش حوار “شانغريلا” في سنغافورة في 10 حزيران الماضي، أوضح عضو مجلس الدولة، ووزير الدفاع الصيني وي فنغي أن أي خطوة تشجعها أو تتلاعب بها الولايات المتحدة لجعل تايوان تعلن الاستقلال سوف تتخذها بكين على الفور كسبب للحرب.

اليوم تستضيف الولايات المتحدة “ريمباك 2022” باسم حماية الأمن الإقليمي، لكنها في الواقع تعطّل الأمن الإقليمي، وبإثارة الاضطرابات، وإكراه الدول في المنطقة لمساعدتها على ترسيخ تفوقها الاستراتيجي تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على هيمنتها العالمية.