دراساتصحيفة البعث

الفلسطينيون يسخرون من زيارة بايدن

سمر سامي السمارة 

في أعقاب زيارته القصيرة للأراضي المحتلة الأسبوع الماضي، قدّم الفلسطينيون تقييماً قاتماً لأجندة بايدن السياسية وسجله الحافل حتى الآن، حيث وصف أحد المسؤولين الفلسطينيين الإدارة الحالية بأنها لا تختلف عن إدارة ترامب. بعد سماعه جو بايدن يحدّد القدس المحتلة عاصمة للكيان الصهيوني، ويقرّ بأن حل الدولتين “بعيد المنال”.

وقوبلت رحلات بايدن إلى القدس الشرقية وبيت لحم باحتجاجات من الشعب الفلسطيني الذي استنكر رفض الإدارة الحالية اتخاذ موقف مغاير لمواقف سابقاتها، وإدانة العدوان العسكري الإسرائيلي الدموي، والاحتلال غير الشرعي للأراضي الفلسطينية، حيث أيّد بايدن علناً الاعتراف بالقدس الغربية عاصمة للكيان الإسرائيلي، وقال إنه لن يتراجع عن قرار ترامب المثير للجدل بإعادة السفارة الأمريكية هناك إلى تل أبيب.

خلال زيارته، التقى بايدن برئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، لكنه لم يتطرق أبداً إلى توسيع المستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وبينما كان يتشدق بحل الدولتين معرباً عن التزامه بالتقريب بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال: “الأرضية ليست ناضجة في هذه اللحظة لاستئناف المفاوضات”.

بدوره، ردّ رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، بأنه “إذا كان حل الدولتين بعيد المنال، كما قال الرئيس الأمريكي، فلا بد من تجميد الاستيطان الإسرائيلي على الفور، وفقاً للقانون والقرارات الدولية للحفاظ على حق الشعب الفلسطيني في دولته المستقلة”.

وعلى الرغم من تعهد بايدن خلال زيارته للشرق الأوسط بتخصيص 300 مليون دولار من المساعدات للمستشفيات واللاجئين الفلسطينيين، فإن مثل هذه التعهدات لم تفعل شيئاً يذكر لتهدئة الشكوك الفلسطينية فيما يتعلق بالتزامات الولايات المتحدة، إذ لم يذكر بايدن تعهده الذي لم يتمّ الوفاء به بإعادة فتح قنصلية أمريكية في القدس الشرقية، والتي كانت بمثابة سفارة بحكم الأمر الواقع للفلسطينيين قبل أن يغلقها الرئيس دونالد ترامب قبل ثلاث سنوات.

كما لم يستجب الرئيس الأمريكي لمناشدات جماعات حقوق الإنسان بقطع إمداد جيش الاحتلال الإسرائيلي بالسلاح الذي يستخدمه لارتكاب الأعمال الوحشية، وتدمير مشاريع الإغاثة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

جدير بالتذكير، أن إدارة بايدن وافقت على بيع ما قيمته 735 مليون دولار لما يُسمّى بـ”أسلحة دقيقة التوجيه” لإسرائيل في أيار 2021، على الرغم من قصف جيش الاحتلال الإسرائيلي لغزة.

وفي سياق متصل، قال بول أوبراين، المدير التنفيذي لمنظمة العفو الدولية في الولايات المتحدة الأمريكية: “إن غياب مساءلة الإدارة الأمريكية عن الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة، بما في ذلك جرائم الحرب، والجرائم ضد الإنسانية، تكرسه سياسة الولايات المتحدة، وبدلاً من توفير غطاء للإفلات من العقاب، يتعيّن على الولايات المتحدة أن تدعم التحقيقات المستقلة والشاملة والموثوقة في هذه الجرائم، مثل تلك التي فتحتها المحكمة الجنائية الدولية”.

من المؤكد أن زيارة بايدن للمنطقة لا تحمل في جوهرها أي بعد سياسي، وخصوصاً أنها لم تتبنَ رسمياً عزمها على إطلاق أي مشروع ذي أفق سياسي يتعلق بإيجاد حلّ للصراع الفلسطيني الإسرائيلي خلال الزيارة، أمام ما يُشاع عن أنها تدعم ما يُسمّى “حل الدولتين”.