مجلة البعث الأسبوعية

خان رستم باشا درة خانات محافظة حماة الأثرية

البعث الأسبوعية-معالي الخالد

تنتشر “الخانات” في جميع أنحاء بلاد الشام كأحد أبرز المعالم العمرانية التي تعود إلى العهد العثماني، والتي خصصت فيما مضى كمحطة لإقامة المسافرين من التجار والحجاج لهم ولخيولهم وبضائعهم، من هذه الخانات يبرز خان “رستم باشا” في مدينة حماة والذي يقع في الجهة الشرقية من شارع “المرابط” ليحدثنا عبد القادر فرزات رئيس الجمعية العلمية التاريخية بحماة والمشرف العام على سوق المهند اليدوية بتميز الخانات الأثرية في مدينة حماة بمداخلها المزخرفة بالمقرنصات من الأعلى الواسعة والعالية كي تسهل دخول الجمال والعربات المحملة بالبضائع وقد زالت جميع الخانات المؤرخة بالعهدين الأيوبي والمملوكي ولم يبق إلا الخانات المبنية في العهد العثماني وأهمها خان رستم باشا الواقع في محلة المرابط إلى الشرق من خان أسعد باشا العظم في محافظة حماة.

و أن الخان كان في الأصل تكية وقد بني على يد رستم باشا في عهد السلطان العثماني سليمان القانوني عام 1556م وفي أواخر العصر العثماني عرف باسم خان العسكر كونه اتخذ مقراً للجنود الخيالة وتحول إلى ثكنة عسكرية للجنود الفرنسيين في فترة الاحتلال الفرنسي، وبعد الاستقلال أصبح هذا الخان دارا للأيتام ولم يبق الخان على حالته القديمة وإنما أضيف إليه طابق ثان وفي عام 1983 اتخذ قرار بترميم الخان وتحويله إلى سوق للمهن اليدوية وتم افتتاحه كسوق للحرف والمهن اليدوية بتاريخ 12-10-2009 ويوجد حالياً أكثر من 30 محلاً للحرف اليدوية بداخل الخان.

وأوضح فرزات بأن الخان بني وفق مخطط عمراني مربع الشكل أضلاعه الأربعة متساوية ويبلغ طول الضلع فيه، ويتألف المبنى من طابقين يحيطان بالصحن وقد خصص الطابق العلوي والذي يشكل جزءاً من الواجهة الشمالية ويتألف من ثلاث غرف صنعت سقوفها على شكل عقود مصلبة لمبيت الغرباء، ووظف الطابق الأرضي المؤلف من أربعة أجنحة مبنية من حجر كلسي وتحصر بينها باحة سماوية مربعة الشكل ويتألف كل جناح من عشرة غرف ذات سقوف معقودة يتقدمها رواق محمول على دعائم مربعة تحيط بالباحة من جهاتها الأربع كبوائك كبيرة مخصصة لبضائع التجار توجد أمامها أروقة تنفتح على باحة الخان السماوية من جهاتها الأربع.

وللخان مدخل مسقوف وأهم ما يميزه بناء الأجنحة على أساس التناظر التام وبوابته الفخمة الواقعة في واجهته الشمالية ومدخله الواسع في وسط الواجهة والمزين أعلاه بقنطرة كبيرة مبنية من أحجار بيضاء وسوداء تتناوب مع مداميك المدخل حتى الطابق الثاني ومحاطة بشريط زخرفي ويوجد على جانبيها من اليمين والشمال معقدان حجريان.

وللخان صحن مربع الشكل ويتوسطه مسجد مثمن الشكل فيه حرم مثمن الأضلاع مغطى بقبة نصف كروية جعلت في أسفل القبة ثماني فتحات مستطيلة الشكل للإنارة وفي كل جدار من المثمن نجد نافذة صغيرة باستثناء الحائط القبلي الذي يضم المحراب ويشكل جزءاً من الجدار الجنوبي ويتقدم المسجد ميضأة مستطيلة الشكل وأمام واجهة الخان الشمالية كان يوجد بحرة مثمنة الأضلاع مبنية من حجر كلسي أبيض وكانت تغذي الخان بالماء الآتي من ناعورة الجسرية.

 

ويستخدم الخان حالياً لإقامة المعارض السياحية والتجارية الخاصة بالصناعات الفنية التراثية بالإضافة إلى كونه سوق للمهن اليدوية والتراثية التي تميزت بها محافظة حماة عبر العصور لتبقى شاهدة على تراث وحضارة هذه المدينة العريقة التي تشكل جزء هام من الحضارة السورية العربية التي أسهمت في إغناء الحضارة العالمية.