دراساتصحيفة البعث

نيران الحرب الأمريكية إلى آسيا والمحيط الهادئ

عائدة أسعد

لعبت الولايات المتحدة لسنوات عديدة دور المحرّض في منطقة آسيا والمحيط الهادئ، ما أدى باستمرار إلى إحداث موجات حول النزاعات البحرية الإقليمية لزرع بذور الصراع، وقد تمّ تصميم كلّ من استراتيجية “التمحور نحو آسيا” لإدارة باراك أوباما، والاستراتيجية الحالية “المحيطين الهندي والهادئ” لهذا الغرض.

ولتبرير أفعالها، تتهمُ الولايات المتحدة الصين بالعدوانية. وفي آخر مزاعمها، قال كارلوس ديل تورو وزير البحرية الأمريكية في مقابلة مع وكالة “أسوشيتيد برس” في مانيلا قبل أيام: “إن أي معتدٍ آسيوي ينتهك سيادة دول أخرى في المنطقة يخاطر بإجراءات عقابية مضادة”.

لقد استخدمت الولايات المتحدة مثل هذا الخطاب لفترة طويلة لدرجة أنها لا تحتاج حتى إلى ذكر الصين بالاسم، والجميع يعلم أن هذه هي الدولة التي يتمّ توجيه اللوم لها!.

وقبل يوم واحد من تصريحات ديل تورو التي تحمل في طياتها النوايا السيئة، شدّد المسؤولون من الصين وأعضاء رابطة دول جنوب شرق آسيا على الإجماع الإقليمي المهمّ على ضرورة الحفاظ على السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي بقوة بأيديهم في ندوة في بكين.

فقد اتفق المشاركون في اجتماع الاحتفال بالذكرى العشرين لتوقيع إعلان سلوك الأطراف في بحر الصين الجنوبي على أن الصين ودول الآسيان يجب أن تركز على التعاون، وتواصل اتباع نهج المسار المزدوج في التعامل مع القضايا المتعلقة ببحر الصين الجنوبي، وأعربوا عن تطلعهم إلى إبرام مبكر لمدونة قواعد السلوك الخاصة بالمياه.

إن نيّة ديل تورو تتمثل في تصعيد التوترات بشأن النزاعات الإقليمية، فالولايات المتحدة لا تريد رؤية الوضع السلمي الحالي في بحر الصين الجنوبي والذي كان نتيجة صعبة من الجهود الإقليمية المشتركة في السنوات الأخيرة. وعلى الولايات المتحدة أن تكفّ عن محاولاتها الخبيثة لاستغلال الخلافات البحرية الإقليمية لتحقيق مآربها الخاصة، وأن تتصرف وفقاً لرغبة دول المنطقة في إحلال السلام والاستقرار في بحر الصين الجنوبي، وعليها أن تحترم الجهود التي بذلتها دول المنطقة وتبذلها في هذا الصدد.

وما تجدرُ الإشارة إليه أنه يمكن لدول المنطقة أن تتمتّع ببيئة سليمة للتنمية فقط في حال ظل بحر الصين الجنوبي ينعمُ بالسلام والاستقرار، ويجب ألا تقوم القوى من المنطقة الخارجية ولاسيما الولايات المتحدة بتخريب الجهود المشتركة التي تُبذل لتعزيز التنمية المشتركة وتحسين حياة الناس في المنطقة.

ويمكن القول إنه من خلال محاولة الربط بين ما حدث في أوكرانيا وبحر الصين الجنوبي وتصريحات ديل تورو في الفلبين يسلّطُ الضوء على أن الولايات المتحدة تحاول توجيه نيران الحرب إلى منطقة آسيا والمحيط الهادئ. ولذلك، على دول المنطقة الاحتراس من مثل هذه الخطوة الخطيرة، ومعارضة أي محاولات من قبل الولايات المتحدة لتقويض السلام والاستقرار في المنطقة والآفاق الحالية للتنمية الإقليمية.