دراساتصحيفة البعث

الاتحاد الأوروبي في مأزق

هناء شروف

تكشفُ التقلبات والمنعطفات، التي مرّ بها الاتحاد الأوروبي للتوصل إلى اتفاق خفض استهلاك الغاز الطبيعي بنسبة 15% هذا الشتاء، عن حجم التحدي الذي تعرّض له الأعضاء من خلال الانضمام إلى العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد روسيا.

كان الغرضُ من خفض الطلب على الغاز هو تحقيق وفورات قبل فصل الشتاء من أجل الاستعداد لانقطاع محتمل لإمدادات الغاز من روسيا، حيث يتوقع المجلس الأوروبي أيضاً إمكانية إطلاق “تنبيه الاتحاد” بشأن أمن الإمداد، وفي هذه الحالة يصبح خفض الطلب على الغاز إلزامياً، على الرغم من أن المجلس الأوروبي حدّد بعض الإعفاءات والإمكانيات لطلب عدم التقيد بالتخفيض الإلزامي ليعكس المواقف الخاصة للدول الأعضاء.

وفي بيان الإعلان عن الاتفاق، اتهم المجلس الأوروبي روسيا “باستمرار استخدام إمدادات الطاقة كسلاح”. ومع ذلك، وضع الاتحاد الأوروبي نفسه في هذا الموقف من خلال اتباع الولايات المتحدة بشكل أعمى في حملتها ضد روسيا، بالإضافة إلى تقديم الدعم المادي لأوكرانيا، وتسليح الوصول إلى الأسواق والتمويل والخدمات اللوجستية والتكنولوجيا.

من السخف توقع استمرار روسيا في توفير إمدادات مستقرة من الغاز الطبيعي للدول التي تفرض عليها عقوبات قاسية، حيث أدى نقص الطاقة إلى سلسلة من ردود الفعل. ومع تزايد حدة النقص في الطاقة، بدأت العديد من البلدان، بما في ذلك رواد التنمية الخضراء مثل ألمانيا، بزيادة حرق الفحم للحفاظ على التوازن الأساسي بين العرض والطلب، وهذا يعني أن العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة، وتتناقض بشكل أساسي مع احتياجات بناء آلية أمنية دائمة ومستدامة ومتوازنة في أوروبا، تُبالغ أيضاً في آفاق التنمية المستقبلية للعالم.

ما تحتاجُ الدول الأوروبية لإظهاره ليس أنها ستقف متحدة ضد أكبر مورد للطاقة، ولكن العمل معاً لمنع المصالح الأوروبية من الاختطاف من قبل الولايات المتحدة، فالولايات المتحدة وليس أوروبا هي التي دفعت نحو الشمال، وهي التي جعلت منظمة حلف شمال الأطلسي تتوسع إلى أعتاب روسيا.

في المقابل، ليست روسيا من حاول تقسيم الاتحاد الأوروبي، بل الولايات المتحدة بهدف تضليله للاعتقاد بأن إلزام نفسه بالولايات المتحدة هو الطريقة الوحيدة التي يمكن من خلالها ضمان أمنه.