دراساتصحيفة البعث

الحل في تطوير الاقتصادات المحلية

هناء شروف

رفع مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي سعر الفائدة القياسي بمقدار 75 نقطة أساس قبل أيام، وهو الارتفاع الثاني منذ حزيران الماضي، والرفع الرابع لسعر الفائدة هذا العام. من حيث الحجم والسرعة، تعتبر الزيادات الأخيرة في الأسعار في الولايات المتحدة هي الأكثر ارتفاعاً منذ الثمانينيات، وسيكون لها تأثير كبير على اقتصادات الولايات المتحدة والعالم.

السبب المباشر لارتفاع أسعار الفائدة من جانب بنك الاحتياطي الفيدرالي هو بالطبع التضخم المرتفع في الولايات المتحدة، ووفقاً لمكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل، ارتفع التضخم في البلاد منذ تشرين الأول 2021  مسجلاً مستوى قياسياً بلغ 9.1٪ في تموز 2022  وهو أعلى مستوى منذ عام 1981.

وعلى الرغم من بقاء معدل البطالة منخفضاً عند 3.6 في المائة، فقد زاد التضخم المرتفع من بؤس المستهلكين الأمريكيين العاديين. ومع ذلك، قال رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي جيروم باول في مؤتمر صحفي إنه يريد رفع أسعار الفائدة إلى 3-3.5 في المائة بحلول نهاية العام، مؤكداً أنه لن يتردد في اتخاذ خطوات أكثر جرأة إذا لزم الأمر.

كما قال بنك الاحتياطي الفيدرالي أيضاً إنه سيسرع “تخفيض الميزانية العمومية” الذي بدأ في أيلول العام الماضي كما هو مخطط له، ورفع الحد الأقصى للتخفيض الشهري في الأوراق المالية المدعومة بالرهن العقاري من 17.5 مليار دولار إلى 35 مليار دولار،  في حين أن الحد الأقصى للتخفيض الشهري في سندات الخزانة سيكون من 30 مليار دولار إلى 60 مليار دولار.

سيؤدي توافق رفع أسعار الفائدة، وخفض الميزانية العمومية إلى انخفاض هائل في السيولة الدولارية العالمية، مما سيكون له تأثير كبير على الاقتصاد العالمي. قد يرحب الأمريكيون العاديون بترويض التضخم، خاصة إذا ظل الطلب على الوظائف قوياً، لأن ذلك سيخفف الضغط النقدي عليهم إلى حد معين، لكن رفع أسعار الفائدة وتخفيض الميزانية العمومية سيثيران شبح حدوث أزمة اقتصادية في الولايات المتحدة. كان السبب المباشر لأزمة الرهون العقارية عالية المخاطر في الولايات المتحدة في عام 2007 هو الفقاعة الضخمة التي خلقتها فترة طويلة من انخفاض أسعار الفائدة والتي اخترقها الارتفاع المفاجئ في أسعار الفائدة.

خلال إدارة دونالد ترامب، سعى بنك الاحتياطي الفيدرالي إلى التيسير الكمي، وبعد اندلاع جائحة كوفيد 19 في أوائل عام 2020  اعتمدت الإدارة الأمريكية على صندوق إنقاذ، حيث بلغت قيمة الدولارات التي تم ضخها في السوق في ذلك العام 20 بالمائة من إجمالي الدولارات المتداولة.

نتيجة لذلك، سجلت سوق الأسهم الأمريكية ارتفاعات جديدة. ومع ذلك، عندما تنحسر فقاعة الدولار بسبب ارتفاع أسعار الفائدة، وتخفيض الميزانية العمومية سيكون هناك فرصة جيدة لإعادة تسعير العديد من الأصول سواء الحقيقية منها والمالية التي تم دفعها.

وبالنظر إلى أن الدولار الأمريكي، فإن معظم التجارة الدولية ستكون مستحيلة بدونه، ولكن في مواجهة الارتفاعات الشديدة لأسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي، فإن معظم الدول التي لا تتعامل بالدولار ستكون في مأزق، لأنها إذا لم تتبع الولايات المتحدة في رفع أسعار الفائدة، فمن المحتمل أن تنخفض قيمة عملاتها، وقد تشهد حتى فجوة مقلوبة في أسعار الفائدة مقابل الدولار، مما قد يزيد من مخاطر تدفق رأس المال من اقتصاداتها، ويعرض هيكل المدفوعات الدولية للخطر.

في الواقع  تسببت الزيادات الأخيرة في أسعار الفائدة الفيدرالية في حدوث اضطرابات اجتماعية واقتصادية في بعض الدول، لذلك فإن الطريقة الوحيدة للخروج من الوضع الحالي الناتج عن ارتفاع معدلات الدولار هي تطوير اقتصادها بشكل أفضل وتقوية عملتها.