ثقافةصحيفة البعث

“دوحة الفكر السياسي”.. دراسة الظواهر السياسية بالتحليل والنقد

وجد الكاتب حسين راغب لزاماً عليه في كتابه “دوحة الفكر السياسي” القيام بواجبه الأخلاقي والوطني والثقافي وتناول بعض المفاهيم في الفكر السياسي. وباعتبار أنه من الصعوبة لأي كاتب الإحاطة بمجمل الأفكار السياسية فقد قام باختيار البعض منها من “دوحة الفكر السياسي” الغنّاء، والتي وجدت بأنها الأكثر إطلالة واضطراباً في المشهد الثقافي العربي وأنه من الضروري الحديث عنها وتحليلها كقاعدة ضرورية لبناء المواقف الوطنية الصلبة.

“دوحة الفكر السياسي” الصادر عن دار الشعب للنشر والتوزيع، اعتبر فيها الكاتب أن دراسات الفكر السياسي بدأت تنال أهمية كبيرة في وقتنا الحاضر لما تحمله من تحليل للظواهر السياسية المتسارعة التي يعشها العالم جميعاً. فمن خلال الفكر السياسي يمكن دراسة الظواهر السياسية بالتحليل والنقد والتفسير في سبيل تكوين مفهوم محدد عن هذه الظاهرة أو تلك وتحديد مسارات وآليات التعامل معها. واليوم يتفق الجميع بأننا نعيش أزمة مفاهيم في أدبيات الفكر السياسي المعاصر، وأمتنا العربية تحديداً تتعرض لغزو فكري وثقافي وتحديات بمختلف المجالات، فتبدل الأحوال والظروف وما رافق ذلك من تحولات كبيرة أدت كلها إلى حصول تطورات وتغيرات واسعة وعميقة في المفاهيم والمصطلحات من خلال تحول معانيها ودلالاتها. وفي الواقع، نجد أننا لا نستطيع الانتصار ومواجهة المخاطر والتحديات المحدقة  بأمتنا إن لم تكن مسلحين بالوعي العميق والارتكازات العلمية بعيداً عن التسطيح والشعارات والعموميات والعواطف، ونجد اليوم في كتابات وتحليلات المثقفين العرب والسياسيين خاصة تداخل كبير في المفاهيم المستخدمة، وظهر ذلك جلياً في الفهم القاصر والسلوك الخاطئ لدى الكثيرين حول طبيعة التحديات والتمييز بين المؤامرات الخارجية وأوجه القصور الذاتي، فوجدنا أن البعض تناسى خصوصية أمتنا التاريخية والثقافية والقومية والحضارية وقام باستجلاب مفاهيم أمم أخرى دونما تدقيق أو مراجعة مع تجاهل حقيقة إن أكثر هذه المفاهيم تحمل في ثناياها أهدافاً وغايات ودلالات لا تصب في مصلحة أمتنا وتاريخها وحقوقها بل تتعارض مع قيمنا وثقافتنا وحضارتنا وحاضرها ومستقبلنا. وفي هذا المجال، نجد كيف حذر سيادة الرئيس بشار الأسد مراراً وتكراراً من الحديث في مفاهيم ومصطلحات دون تحليل مضمونها، فمثلاً في كلمة الرئيس الأسد في الملتقى العربي لمواجهة الحلف الأميركي الصهيوني الرجعي ودعم مقاومة الشعب الفلسطيني في 14\ 11\ 2017، قال سيادته: “الحوار حول المصطلحات موضوع معقد، وهو بحاجة للقيام بعمل فكري على المستوى القومي لأن اختراق مجتمعاتنا بدأ بمصطلحات ونحن مع كل أسف دائماً نأخذ المصطلح ونردده من دون أن نعرف ماهو مضمونه، وبعد فترة يتحول إلى جزء من اللاوعي بالنسبة لنا، ويصبح جزءاً من شخصيتنا ونصبح منفذين لأجندات خارجية ثقافياً وسياسياً من دون أن ندري”.

جرى تقسيم كتاب “دوحة الفكر السياسي” إلى عشرة فصول، تناول راغب في الفصل الأول “المشروع القومي العربي المعاصر” تطور الفكر القومي العربي، وتحديات المشروع القومي العربي وسبل إعادة إحياء المشروع القومي العربي المعاصر، وتحدث في الفصل الثاني عن أبرز المفاهيم المرتبطة بالفكر الصهيوني، والجذور التاريخية الفكرية والسياسية للحركة الصهيونية وعلاقة الصهيونية بالملامح الغربية الاستعمارية، وأبرز التيارات ورواد الفكر الصهيوني. أما الفصل الثالث فقد تناول مفهوم الثقافة الوطنية في مواجهة التحديات وأهداف ومظاهر وأدوات الغزو الثقافي، وتم التركيز على مفهوم العولمة الثقافية ومظاهرها وسبل المواجهة.

وتحدث في الفصل الرابع عن مفهوم العلمانية وتطورها وأنواعها، وعلاقة العلمانية بالدين ونماذج الدول بالنسبة لتطبيق المفهوم العلماني. وتحدث في الفصل الخامس عن مفهوم الاعتدال في مواجهة التطرف والعوامل المسببة له وسبل مواجهته، وأشار في الفصل السادس إلى مفهوم الليبرالية وتطورها السياسي والاقتصادي، خاصة الليبرالية الجديدة وآثارها الاجتماعية تحديداً لأهمية وخطورة هذه الآثار على مجتمعاتنا.

وفي الفصول الأخيرة تطرق إلى محاولات التطبيع العربي الصهيوني، والتطورات الأخيرة في هذا المجال، وتحدث عن الحوار الوطني السوري ومفهوم هذا الحوار ومقوماته وأهم جولات ومبادرات الحوار الوطني السوري الناجح، وتناول مفهوم الأحزاب السياسية والمعارضة السياسية، في الفصل الأخير أشار إلى مفهوم المواطنة والتطور التاريخي لهذا المفهوم، وأبعاد ومكونات مفهوم المواطنة مع الإشارة إلى المواطنة وفق الدستور السوري الناقد، وسبل ترسيخ قيم المواطنة.