ثقافةصحيفة البعث

كلية الفنون الجميلة.. ليس كل خريج فناناً بالضرورة

استعداداً للعام الجامعي الجديد واستقبال الطلبة الجدد بعد فترة إجراءات القبول ونتائج المفاضلة العامة التي تحدّد توجهات الطلبة النهائية، بدأت دورات التأهيل الخاصة للطلبة الراغبين بدخول كلية الفنون الجميلة وكلية الهندسة المعمارية وبعض المعاهد المتخصّصة بدراسة الفنون التطبيقية التابعة لوزارتي التربية والثقافة، هذه الجهات التعليمية يتطلّب دخولها شرطاً أساسياً، وهو تجاوز المسابقة الأساسية التي تؤهل الطالب للمتابعة نحو المفاضلة العامة.

المهمّ أن هذه الدورات التأهيلية تجري في مراسم بعض الفنانين المعروفين وأساتذة الرسم التقليديين وفي جامعة وبإشراف أساتذة متخصّصين، والحاصل الآن في كلية الفنون أن أعداداً كبيرة من الطلبة التحقوا بهذه الدورات والعدد إلى ازدياد. والأمر نفسه يحدث حالياً في بعض المراكز الأخرى، وقد يضطر الأهالي لوضع أبنائهم ضمن دورة مكثفة لقاء مبالغ مالية مرهقة، وقد يقعون تحت رحمة الأمل، وخاصة أولئك الذين لم يحصل أبناؤهم على معدلات عالية في الشهادة الثانوية ظناً منهم أن دخول الجامعة بهذه السهولة، معتقدين أن تجاوز امتحان القبول كاف، وغاب عنهم أن الفن موهبة تصيب الفرد منذ الطفولة وينمو الميل نحوه بالتدرّب والمعايشة وتطوير الموهبة، فلا العلامات العالية في البكالوريا تصنع فناناً ولا تجاوز امتحان القبول الخاص بكلية الفنون، ولا حتى المتخرج منها هو فنان بالضرورة، والمتابع لأعداد المتخرجين من كلية الفنون يرى أنهم بالعشرات كلّ عام، إلا أن عدد الفنانين منهم لا يتجاوز أصابع اليد الواحدة، والباقي يذهبون نحو سوق العمل والتدريس وقد يبتعدون عن الفن كلياً!

المأمولُ من أهلنا الأعزاء الانتباه إلى هذا الشرط إذا توفر عند أبنائهم والدفع بهم نحو تحقيق ذاتهم التي يرغبون تحقيقها، ولا يجبرونهم على ما لا يحبون أو يظنون أنهم إن سخوا في دفع ابنهم أو ابنتهم نحو الفن والسخاء على تعليمهم سيجعل منهم فنانين كباراً، وننصحُ أولئك الذين يظنون أنهم يستطيعون صناعة فنان أن يكفوا عن هذا الوهم، فمن الممكن أن تضع الآخر في أي موقع تريد إن كنت قادراً، لكن هذا الآخر لن يكون خلاقاً إلا بما يحبّ ويصنع من نفسه ما يشاء وبإرادته، وخاصة في مجال الفن والإبداع، لأن الفن من أهم شروط وجوده الحرية، وما الخلق الفني إلا تلك التجليات العميقة للحرية العميقة في النفس الإنسانية، ولن يكون خالداً إن لم يكن في فضاء تلك النزعات الخاصة التي لا تتشابه إلا في سلامها الداخلي الذي يبحث في السيرورة والديمومة وإطلاق أسئلة الحياة والوجود من منصة القلق المبدع.

إن الشغف هو الدافع الأساسي نحو تحقيق الهدف، وهناك أمثلة كثيرة عن فنانين لم يدرسوا في أكاديميات الفنون أو جامعاتها.

أكسم طلاع