أخبارصحيفة البعث

العراق.. ثمة من يدفع باتجاه إحداث فراغ دستوري

تقرير إخباري

على خلفية التطوّرات الأخيرة على الساحة العراقية التي بدأت بانسحاب كتلة النواب الصدريين من البرلمان، وصولاً إلى اقتحام أنصار التيار البرلمان العراقي وتعطيل عمله، ثم محاصرة مجلس القضاء الأعلى لإجباره على اتخاذ قرار بحلّه، تتزايد المخاوف من أن يؤدّي اللجوء إلى الشارع لحسم الخلاف السياسي حول تشكيل الحكومة، إلى حدوث صراع بين أنصار تحالف قوى الإطار التنسيقي وأنصار التيار الصدري.

تظاهرات أنصار التيار الصدري في العراق بدأت أواخر تموز الماضي، احتجاجاً على ترشيح الإطار التنسيقي محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة، وبعد رفض المحكمة الاتحادية تنفيذ مطالب الصدريين بحل البرلمان، لأن هذا الأمر يخضع لإجراءات دستورية ليست ضمن اختصاص المحكمة، وإنما ينبغي عقد جلسة برلمانية بطلب من رئيس الجمهورية للتصويت على ذلك بأغلبية الثلثين، وهذا لن يتحقق طبعاً لعدم توفّر الأغلبية، ولأن الصدر استبق ذلك بسحب نواب كتلته من البرلمان، وبالتالي يستحيل تحقيق هذه الأغلبية، لجأ التيار إلى محاصرة مجلس القضاء الأعلى وتعطيل المؤسسات الدستورية، ولكن رفض المحكمة الدستورية الابتزاز وإصدارها مذكرات توقيف قضائية بحق المحرّضين أجبره على فك الحصار.

والأمر يتجاوز كونه خلافاً بين حزبين سياسيين على أمور تتعلق بمَن يحكم البلاد، إلى خلاف على توجّه البلاد السياسي بالكامل، حيث تخشى بعض الدول الإقليمية توجهات تشعر من خلالها أن العراق سيسحب البساط من تحتها، وهذا بالضبط ما يقلّص فرص التنمية في بلدٍ لديه إمكانات نفطية هائلة، علماً أن إيرادات النفط وحدها يمكن أن تجعله من أغنى دول العالم، وخاصة في ظل طفرة الأسعار الحالية.

ومن هنا، يبدو أن هناك أطرافاً إقليمية ودولية تعمل على تعطيل أيّ حل سياسي في العراق، وتراهن في ذلك على الدور السلبي الذي يؤدّيه فصيل سياسي معيّن، فالمشهد العراقي الساخن الآن ربما يكون شرارة لانطلاق صراع مسلح في كامل الإقليم لن يستفيد منه إلا “داعش” والاحتلال الأمريكي الذي يدعمه.

وفي هذا الصدد، أعلنت هيئة الحشد الشعبي، أنها “لن تكون طرفاً في الأزمة السياسية الراهنة”، مشيرةً إلى أنها “تراقب عن كثب، وباهتمام بالغ، ما يحدث من تطوّرات، وآخرها محاصرة مجلس القضاء من جانب مجاميع منظّمة، بينها مسلحون”.

ويبدو واضحاً من هذا البيان أن هناك من يسعى إلى جرّ الحشد الشعبي إلى الصراع الداخلي العراقي، وبالتالي إخلاء الساحة لتنظيم “داعش” الإرهابي لإعادة السيطرة مجدّداً، وهذا حاجة أمريكية بامتياز للحصول على ذريعة لاستمرار القوات في العراق تحت عنوان “محاربة تنظيم داعش”.

لذلك أعلنت الهيئة “استعدادها للدفاع عن مؤسسات الدولة، وعلى رأسها السلطتان القضائية والتشريعية، والنظام السياسي والدستور”، داعيةً حكومة تصريف الأعمال إلى تحمّل المسؤولية.

وحسب البيان، تُلزم هيئة الحشد الشعبي “قيادات جميع عملياتها وقيادة عمليات سامراء بعدم الدخول في المعترك السياسي”.

هذا البيان الواعي من الهيئة أجبر زعيم التيار الصدري على دعوة أنصاره إلى “الانسحاب من ساحة الاعتصام، أمام مجلس القضاء الأعلى العراقي، وإبقاء وجود الخيام في محيطه”، حيث أعلن المجلس استئناف عمله بعد انسحاب المتظاهرين و”فك الحصار” عن مبنى المجلس والمحكمة الاتحادية العليا، مؤكداً “المضي في اتخاذ الإجراءات القانونية بحق كل من يخالف القانون ويعطّل المؤسسات العامة”.

إن إصرار أي طرف في العراق الشقيق على فرض رأيه على البلاد بالقوة، واستخدام المال السياسي للإغراء لا شك أنه سيدفع البلاد إلى المجهول، وذلك لمنع تشكيل حكومة جديدة وانتخاب رئيس للبلاد، وبالتالي إحداث فراغ دستوري وإبقاء الوضع على ما هو عليه.

طلال ياسر الزعبي