رياضةصحيفة البعث

بغياب الخطط والإستراتيجية.. كرتنا تسير بلا معايير!

ناصر النجار

إرضاء الكرويين غاية لا تُدرك، مقولة تنطبقُ على الواقع الرياضي الكروي تماماً، فجماهير الأندية لا يعجبها من فرقها إلا لغة الفوز، ويمكن أن تنقلب على فرقها في أي لحظة استاءت من الأداء أو النتيجة، وكم من فريق تأذّى من جمهوره، فشتمَ لاعبيه أو مدرّبه، لأن ثقافة جمهورنا لم تؤسّس إلا للغة الفرح وليس غيره، وكذلك أي قرار يصدر عن اتحاد كرة القدم سنجدُ له مؤيدين ومعارضين، وكلّ ذلك لأن المعايير التي تسير عليها كرتنا غير واضحة المعالم والآليات.

وما وجدناه في الآونة الأخيرة، رأيان متناقضان عن منتخب الناشئين، فالرأي الأول نوّه بالمنتخب، أداءً ومواهب، لأن أصحاب هذا الرأي اعتبروا أن هذا المنتخب يمكن البناء عليه للمستقبل ويحتاج للخبرة والصقل وتوفر المباريات الودية الكثيرة ليقوى عودهُ، بينما كان الرأي الآخر متشائماً معتبراً أن كرتنا تسير نحو الهاوية، ولا شيء يبشّر بالخير، وكلّ ذلك لأن المنتخب خسر أمام السعودية وتعادل مع لبنان، ولو أن منتخبنا الصغير كان بطلاً في هذه المسابقة أو له إنجاز سابق لما استغربنا حجم النقد السلبي الذي طاله، فهذا المنتخب ولد من رحم العجز، وهذا يفرضُ علينا أن ندعم وجوده ليكون اللبنة الأولى على صعيد تصحيح مسار كرة القدم.

لا ندّعي أن المنتخبَ خالٍ من الأخطاء، ولا ندافع عن تشكيلته بأنها الأفضل على مستوى مواهب القطر، إنما ندعو إلى عدم وأد أي فكرة صحيحة في عملية البناء الكروي.

والكلامُ نفسه ينطبق على عملية تعيين المدرّبين، سواء أكان المدرّب محلياً أم خارجياً، فكلّ مدرّب له مؤيد وألف معارض، وهكذا دواليك، لنصل إلى مفهوم عام يطوق كرتنا ويكاد يخنقها، وهو عدم الاتفاق على شيء واحد. كلّ الآراء المختلفة قد تكون حالة صحية لأنها تبحث عن الفكرة الصحيحة والعمل السليم، إلا في كرة القدم فإن الاختلاف لا يوصلها إلى الصواب والطريق الصحيح، لأن كلّ الأفكار المؤيدة والمعارضة مبنيّة وفق المصلحة الشخصية الضيّقة، والأسس والمعايير مفقودة في عالم كرتنا!.

ما وصلتْ إليه كرتنا من وضع متدهور لا يمكن إصلاحه بالسهولة المتوقعة، وإن بدأنا خطوات الإصلاح بشكل جديّ فسنحتاج لسنوات عديدة لتبصر كرتنا النور على صعيد الخطط والأفكار.

بناءُ كرة القدم ليس مسؤولية اتحاد اللعبة وحده، بل مسؤولية جماعية مطلوبة من كلّ العاملين بالشأن الكروي، بدءاً من الأندية وصولاً إلى الكوادر واللاعبين، فكرةُ القدم تحتاج صحوة جماعية واليد الواحدة لا تُصفق.