صحيفة البعثمحليات

التقرير الاقتصادي لنقابات العمال يتساءل: أين الحكومة من مواطن أبى العيش إلا في وطنه؟

دمشق – بشير فرزان

استبق التقرير الاقتصادي لمجلس الاتحاد العام لنقابات العمال في دورته السابعة اللقاء النقابي الحكومي المرتقب اليوم، والذي جرت العادة على عقده في كلّ مجلس عام، بجملة من التساؤلات والقضايا التي تهمّ الشارع السوري عامة والطبقة العاملة خاصة، حيث أكد أن ارتفاع تكاليف الحياة اليومية وتزايد أعبائها يشكلان في ظل الارتفاع  الكبير في المستوى العام للأسعار هاجساً يقضّ مضجع شرائح كبيرة وواسعة من المجتمع السوري، وخاصة أصحاب الدخل المحدود، وبشكل شرعن التساؤلات المطروحة حول زيادة الرواتب والأجور، وعن أسباب عدم اتخاذ الحكومة هذه الخطوة لتحسين مستوى المعيشة لما لها من دور في تنشيط السوق وتحريك عجلة الاقتصاد وتحفيز النمو ورفع مستوى التشغيل.

وتساءل التقرير: أما آن الأوان لمعالجة هذه المشكلة على نحو جديّ لأنها تجاوزت قدرة الناس على التحمّل نتيجة الهوة الكبيرة بين دخل العامل وإنفاقه، وخاصة مع المتغيّرات الأخيرة (ارتفاع أسعار المحروقات) التي أدّت إلى ارتفاع أسعار السلع والمواد الأساسية وبشكل يومي دون رقابة تموينية على الأسواق.

ويرى الاتحاد العام لنقابات العمال فيما يخصّ تحسين الوضع المعيشي أن التصريحات الحكومية انصبّت على اتخاذ كافة الإجراءات لتأمين رغيف الخبز للمواطن، وأنها ستضع حلولاً مناسبة لمواجهة التحديات وتذليل الصعوبات لتأمين مادة الطحين، في حين أن الواقع يشير إلى زيادة في سعر هذا الرغيف وصعوبة الحصول عليه، وتحوّل البلاد إلى مستورد للقمح والطحين بدل الاعتماد على الحلول البديلة المتمثلة بزراعة القمح في المساحات الواسعة على أرض الوطن والبعيدة عن الأعمال الإرهابية.

وأشار إلى أن الواقع فيما يخصّ التشدّد في ضبط السوق المحلية لا يخضع لأي ضوابط سوى الجشع والاحتكار، في ظل ضعف القوة الشرائية لدى المواطن، إضافة لانتشار الفساد والاستغلال ليشمل العديد من السلع والمواد المدعومة، وتحديداً المشتقات النفطية، إذ أنه يتمّ فقدان بعض موادها لفترات متقطعة دون معرفة سبب واضح، علماً أنها موجودة في السوق السوداء وبكثرة.

وحول تحسين الظروف المعيشية، أكد التقرير أن الواقع يشير إلى تدهور المستوى المعيشي وحدوث فجوة هائلة بين الأسعار والرواتب، حيث يلاحظ زيادة في تعرفة الكهرباء وأسعار المكالمات الأرضية والخلوية، ورفع سعر الخبز والغاز المنزلي والمازوت والبنزين والسكر والأرز، إضافة إلى ارتفاع أسعار الخضار والفواكه والمواد الغذائية الأخرى بسبب زيادة الطلب عليها.

لينتهي التقرير بعد هذا العرض إلى التساؤل: أين الحكومة من هذه الصفعات المتكررة لمواطن أبى العيش إلا في وطنه سورية؟!.

كما سلّط التقرير الضوء على بعض الجوانب الجوهرية والمفصلية التي تساعد على رؤية سلبياتها والسعي للبحث عن إيجابياتها، لافتاً إلى قضايا عديدة كانت حاضرة في اللقاءات العمالية النقابية، وفي مقدمتها ضرورة العمل المستمر والسعي الدائم لدى الجهات الوصائية من أجــل تحسـين الرواتب والأجـور، على أن تكون الزيادة متناسبة مع ارتفاع الأسعار الكبير، وأن تشمل كافة القطاعات، بما فيها العاملون في القطاع الإداري، وإعادة النظر في بعض القوانين والمراسيم المتعلقة بالضريبة والإعفاءات الضريبية، وضرورة توجيه الدعم لمستحقيه والذي أوجد إشكالات كثيرة نتيجة عدم جهوزية البيانات المستند إليها في بعض الجهات العامة، وضرورة التدقيق في الآليات المستخدمة واستفادة العاملين في القطاعين العام والخاص من الوفر الذي يتحقق من إلغاء الدعم للفئات التي تمّ إقرارها أصولاً، وفتح سقف الراتب لإفادة العاملين من الترفيعات الدورية.

وطرح التقريرُ أنه بعد ارتفاع أسعار المحروقات بشكل غير مسبوق أصبح من الضروري الاهتمام بموضوع النقل الجماعي للعاملين في المحافظة الواحدة، والذي بات ضرورة ملحة نظراً لارتفـاع أجور النقل واستنزافها جزءاً كبيراً من الراتب، وإعفاء كامل الرواتب والأجور من ضريبة الدخل باعتبار أن كامل الدخل لا يغطي الحدّ الأدنى الفعلي لنفقات المعيشة.

وحول الوضع الوظيفي للعاملين طالب التقرير بتثبيت العمال المؤقتين، وخاصة من تجاوزت خدماتهم الخمس سنوات كعقود ومعيّنين على أعمال ذات طبيعة دائمة واستفادوا من ترفيعات دورية على الراتب، وتعويض نقص الكوادر والخبرات في الجهات العامة، وضرورة تعويضها (تعيين عمال جدد، تمديد خدمة الخبرات)، وأشار التقرير إلى أن المسابقة المركزية التي أطلقتها وزارة التنمية الإدارية لم تغط العدد الكافي لتعويض النقص في العمالة في كافة المؤسّسات، وخاصة الإنتاجية منها، وإشراك العمال المؤقتين فيها بغية إعادة تعيينهم بصفة دائمة.

أما بالنسبة للقطاع العام الصناعي والاقتصادي، فقد بيّن التقرير أنه منذ العام 2000 وحتى اليوم لم تتوفر الجديّة من قبل جميع الحكومات تجاه هذا القطاع، وكلما توصلنا إلى نقطة البدء يتمّ التراجع عنها، لذلك ترهّل هذا القطاع وشاخ ونحن نتحدث عن إصلاحه دون جدوى، مؤكداً أن الإمكانيات لدى الحكومة غير متوفرة لإصلاحه ولكنها قادرة على إدارته الإدارة الصحيحة، والأزمة أثبتت صحة توجّه من يتمسّك بالقطاع العام، فالمؤسّسات التي تتدخل في الأسواق لضبطها والتي تملكها الدولة يجب تعزيز دورها وضبط إداراتها ولاسيما في هذه الظروف، وهي قادرة على أن توفر قسماً كبيراً من حاجة السوق، والعمل على إصلاح شركات ومؤسّسات القطاع العام، سواء منها المعطلة أصلاً أو تلك التي استهدفها الإرهاب الأسود ودمرها جزئياً أو كلياً، وتجديد وتطوير الآلات ورفده بالخبرات اللازمة.