رياضةصحيفة البعث

قواعد كرة القدم ضائعة بين البطولات المسلوقة وإهمال الأندية

ناصر النجار 

ما زال الحديثُ عن البناء الكرويّ هو المسيطر على فكر المعنيين باللعبة الذين يحاولون صناعة ميلاد جديد لكرتنا، ومع كلّ المآخذ على بطولة الأشبال الكروية الأخيرة، وما شابها من لغط بشأن العمر وفحص العظم، إلا أن علينا ألا نكون فرحين ببطولة أو نجاح هنا أو إخفاق هناك، وكما نعلم فإن الدول الراقية رياضياً لا تعتمد النتائج في بطولات الأعمار الصغيرة، ودوماً لا نجد خاسراً في هذه البطولات، لأن الغاية منها تعليم الأطفال شغف كرة القدم والتجانس معها، وتطوير مهارة الصغار وتنمية موهبتهم، وبعدها تدخل العلوم الأخرى في ثقافة اللاعبين كحبّ الفوز وغيرها من الأمور النفسية.

من هذا المبدأ فإن البكاء على بطولة الأشبال لا يجدي نفعاً، لأن البطولة بحدّ ذاتها كانت غير منظمة بالشكل الصحيح، وجاءت بين فترتين بدأت بعهد اللجنة المؤقتة واستُكملت بعهد الاتحاد الجديد، ولم يكن توقيتها جيداً ولم يكن المناخ التي لعبت فيه مناسباً.

دوري الصغار يجب أن يحظى بالعناية التامة من كلّ أطراف اللعبة، فعلى صعيد تنظيم البطولات فإن اللجان الفنية بالمحافظات عليها تبني فكرة إقامة دوري متميز على مستوى المحافظة لا مجاملة فيه ولا مهادنة ضمن قواعد ونظم صحيحة، لنعلّم الصغار احترام نظم كرة القدم وقواعدها والتعلق بها ضمن الأصول التي تمنح كلّ الفرق العدالة ومحبة الآخرين، وخاصة الحكام والفرق المنافسة.

والدورُ الأكبر لاتحاد كرة القدم يكمن بتهيئة الأجواء الجيدة في المباريات النهائية من خلال التوقيت الجيد والمناسب، ومنح الفاصل المريح بين المباريات، لا أن يتمّ سلقها بدعوى الإمكانات المتاحة وتقليل النفقات، وهذا الكلام مسؤول عنه إدارات الأندية التي عليها أن تعطي الدعم الكامل لفرقها الصغيرة لا أن تبخل عليها وتتعذّر بضعف الموارد المالية. وكما شاهدنا في الموسم الماضي كيف أن فرقاً كبيرة باسمها وتاريخها وإنجازاتها وتملك استثمارات واسعة انسحبت من النهائيات في بطولات الأشبال والناشئين لأسباب (كما قالوا) مالية، وهذا الأمر يرسمُ الكثير من إشارات الاستفهام حول مدى اهتمام الأندية بقواعدها ومواهبها، وللأسف نجدها اليوم قد أخرجت المال من أجل الاحتراف المزيّف ودفعت مئات الملايين دون أي طائل بحثاً عن بطولة مسبقة الصنع.

في العرف الكرويّ، فإن الأندية التي لا تملك قواعد جيدة لا تملك المستقبل، وعندما نجد الاتهامات وكلمات العتب تنهالُ على منتخباتنا الصغيرة، فإن الأندية هي أولى بهذا العتب، لأن هذه المنتخبات هي حصيلة ما تزرعه الأندية!.