مجلة البعث الأسبوعية

إنتاج التفاح بطرطوس  ما زال خجولاً..! وغرفة الزراعة لاعلم لها بعقود تصدير .! والسورية للتجارة لم تتسوق تفاحة واحدة!.

البعث الأسبوعية –  مكتب طرطوس

لم تُعرف محافظة طرطوس بزراعة التفاحيات  بالمعنى الاقتصادي للكلمة إلا مطلع  ثمانينيات القرن الماضي بعد إطلاق مشروع الشهيد علي العلي العملاق في عهد القائد المؤسس الرئيس الراحل حافظ الأسد لاستصلاح الأراضي الزراعية والجبال الوعرة المحجرة وتحويلها لأراض زراعية خصبة على مستوى

القطر،إذ  أثبتت الأيام أنها كانت السند الحقيقي لصمود وقوة ومنعة الدولة السورية وشعبها المعطاء وبفضل الدعم الذي لقيه المزارع السوري في تلك الأثناء على كل المستويات الأفقية والعمودية التي تحتاجها معادلة الإنتاج الزراعي تحولت سورية خلال سنوات قليلة من بلد مستورد لمنتجاته واحتياجاته الزراعية لبلد مصدر من الطراز الأول حتى بات يعاني من فوائض وتخمة إنتاجية زراعية حقيقية، ما دفع بمزارعي طرطوس في الجبال المرتفعة ذات البرودة الشديدة – وهي البيئة الخصبة لهذه الزراعة – للتوجه بسرعة نحو زراعة التفاحيات بأصنافها المختلفة والتوسع بها على حساب باقي أشجارنا المثمرة وخضارنا للاستفادة من تلك المزايا واستثمارها لتصبح الزراعة الأكثر جاذبية بفضل الدعم والتشجيع الحكومي الذي لاقاه التفاح في فترة الثمانينيات من خلال القروض الزراعية الميسرة المجزية وتسهيلات السداد والدفع واحتكار تسويقه لصالح “مؤسسات الخضار والفواكه والخزن والتبريد” حينها وصولا لمطلع الألفية الثالثة حيث أخذ الخط البياني الصاعد بالتسطح والتراجع إلى حد كبير لاسيما في المنطقة الساحلية وفي محافظة طرطوس على وجه الخصوص تحت تأثير تكاليف الإنتاج المتزايدة وانتشار الأمراض الزراعية التي بدأت تضرب شجرة التفاح وتحولها في أحيان كثيرة من شجرة اقتصادية مربحة إلى شجرة مكلفة ومخسرة ، وتراجع الدور الرسمي الداعم والراعي…!!

ما دفع بالمنتجين للعزوف والإقلاع عن تلك الزراعة الرائجة والبحث عن محاصيل ذات جدوى أكثر اقتصادية وتحقق ريوعاً مجزية بأقل التكاليف وأسرعها مرودية.

وهذا ما يفسر تراجع وهبوط إنتاج التفاح الحاد لأقل من نصف ما كنا ننتجه قبل عقدين وأكثر من الزمن…!!؟

خيبات وخسائر…

مزارعو التفاح في محافظة طرطوس وككل موسم ومع كل وفرة إنتاج يصطدم بحائط التسويق فعمليات التسويق لدى السورية للتجارة  لم تبدأ بعد رغم نضج الثمار وبدء موسم الجني والتسويق ، الأمر الذي بدد الآمال بتسويق التفاح للجهات الحكومية التي يعتبرونها صمام أمانهم الوحيد ، فاتجهوا لسوق الهال وحيتانه وسماسرته الذين يستغلون جهد الفلاح وعرقه وتعبه على مدار العام ليبقى المنتج والمستهلك الحلقة الأضعف في العملية الإنتاجية٠٠٠٠٠!؟

مصدر رزق لأكثر من ١٥٠٠ عائلة…       الصعوبات التي تعترض مزارعي التفاح اختصرها  رئيس الرابطة الفلاحية في الدريكيش حسين وسوف بعرض مجمل العقبات كمزارع وخبير ومنتج في قرية سريغس منذ السبعينات ، وأن لديه خمسة دونمات تفاح تنتج ١٥ طنا ، مشيرا إلى أن محصول التفاح رئيسي وهام ، تعتمد عليه أكثر من ١٥٠٠ عائلة من قرى متعددة في منطقة الدريكيش كبيت يوسف التي تعد منطقة الإنتاج الأولى “وحيلاتا ودوير رسلان وفجليت وبشمشة وبجنة الجرد” وغيرها ومشتى الحلو والكفارين وغيرها في منطقة صافيتا تعتمد في معيشتها على شجرة التفاح التي تعد مصدر رزق ل ٧٠ % من أهالي تلك القرى والمناطق٠

صعوبات وعقبات…

وبحسب “وسوف” لقد تفاقمت صعوبات هذه الزراعة لهذا العام ، الأمر الذي رتب خسائر كبيرة للمزارعين المنتظرين أملا ببيع المحصول لتسديد الديون المتراكمة للصيدليات الزراعية التي استدانوا منها لخدمة الشجرة ، وأبرز العقبات تجلت بارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج ، إذ أن سعر عبوة البلاستيك من الحجم الصغير ومستعملة ب ٧٠٠ ليرة في حين كانت العام الماضي ب ٣٠٠ ليرة، والعبوة الجديدة سعة خمسة كغ ١٥٠٠ ليرة ، إلى جانب ارتفاع أجور النقل لسوق هال طرطوس إلى ٢٥٠ ليرة للكغ لسوق ، وغلاء الأدوية الزراعية وعدم فعاليتها وغياب الرقابة عليها ، فعلى سبيل المثال سعر دواء دودة التفاح اليوم ب ٣٥ ألف ليرة في حين كان سعرها العام الماضي ١٠ آلاف ليرة ، كما يحتاج المزارع لسماد اليوريا ٤٦ لكن لم يحصل على احتياجات الموسم ، حيث منح ١٤ كيلو للدونم ، مشيرا إلى أن السمسرة في سوق الهال تأكل جهد وتعب الفلاح ، وارتفاع أجور البرادات لتصل لستة آلاف ليرة للصندوق ، وغياب أسواق التصريف باستثناء سوق الهال الذي يسوق أغلب المزارعين نتاجهم للسوق حيث يباع الكغ بسعر يتراوح بين ٦٠٠ _ ١٠٠٠ ليرة في حين يقبض الفلاح ٢٠٠ ليرة للكيلو لأفضل نوع٠

غياب تام…

ولفت رئيس الرابطة إلى الغياب التام لدور السورية للتجارة بتسويق المنتج رغم بدء عملية التسويق، مطالبا بإنقاذ محصول المزارعين الراضين بتسويق الكيلو بـ ١٥٠٠ ليرة للجهات المعنية باستلامه على أن يسوق بـ ٢٠٠ ليرة علما أن تكلفة إنتاج الكغ الواحد تصل لألفي ليرة٠

 

غير ربحية

رئيس اتحاد فلاحي طرطوس محمد حسين عزا أسباب عزوف المزارعين وعدم اهتمامهم بالشجرة والتوسع في زراعتها ، حالها حال الحمضيات ، إلى غلاء الغراس وقلة مستلزمات الإنتاج وارتفاعها وانعدام التسويق وارتفاع أسعار الأسمدة الأخير بشكل كبير جداً.

ويقول “حسين” إلى أن اتحاد الفلاحين منظمة شعبية غير ربحية في إشارة للدور الذي يفترض أن يؤديه الاتحاد وأن لا قدرة له لتقديم احتياجات المنتجين إلا عبر الجهات المعنية ، إذ يقوم الاتحاد بتوزيع المتوفر من مستلزمات الإنتاج بعدالة وبأولوية ، كما يتولى نقل هموم الفلاح والصعوبات التي تعترض عمله الى الجهات

المعنية ، معتبرا أن موسم التفاح الحالي جيد ومبشر بالخير ، وأن الكمية المقدرة لهذا العام على صعيد محافظة طرطوس تفوق 23 ألف طن نسبة التفاح الأبيض فيها 65 % ٠

آمال وترقب…

وكشف رئيس اتحاد فلاحي طرطوس أن لا عقود تصدير خارجية لتاريخه مع أي جهة ، آملا أن تتمخض زيارة رئيس الاتحاد العام للفلاحين إلى العراق  إلى فتح المجال لإبرام عقود لتصدير  كافة المنتجات الزراعية إلى الأسواق الخارجية وعلى رأسها العراق٠

وأكد أن الكميات المسوقة غير ثابتة ، وتتراوح بين 15 و 20 ألف طن داخلي وخارجي ، في حين أن الكميات المخطط تسويقها هذا العام 23 ألف طن وهي ذات الكمية المقدر إنتاجها لهذا الموسم٠

الأمل بتسعيرة ..

بالانتقال للأسعار التأشيرية التي تم وضعها وفيما إذا كانت تتناسب مع جهد الفلاح وعرقه ، بين رئيس الاتحاد أنها لم تصدر حتى تاريخه…!؟ وفي حال كانت أقل من 2000 ليرة للكيلو الواحد ستكون خسارة كبيرة للمزارع٠..!!

وعن الجمعية النباتية بطرطوس المعنية بالتسويق تساءلنا ودورها وجدواها في إنقاذ موسم المزارعين، أشار رئيس اتحاد فلاحي طرطوس إلى أنه حتى اللحظة الجمعية شبه متوقفة، موضحاً أنه تم تعيين مدير مؤقت للجمعية ، ويتم العمل لتنسيب أعضاء جدد نشطين وفاعلين لانتخاب مجلس إدارة جديد يكون على قدر كاف من المسؤولية للنهوض بالجمعية ووضعها على السكة.

مقترحات…

للنهوض بواقع زراعة التفاح وإنصافا للمزارعين اقترح “حسين” إيلاء هذا المنتج الأهمية اللازمة من قبل الجهات المعنية كون هذا المحصول من المحاصيل الإستراتيجية في محافظة طرطوس كالحمضيات وإعطاء الدور الأكبر لاتحاد الفلاحين في عملية تحديد المحاصيل الإستراتيجية لكل محافظة ، وتأمين مستلزمات الإنتاج بكميات معقولة من الأدوية الجيدة والفعالة والأسمدة حسب الطلب وتوفير المازوت للسقاية والنقل ، وتفعيل دور الوحدات الإرشادية في التوعية الزراعية وإقامة دورات تثقيفية للمزارعين وحقول تجارب يشارك فيها الفلاحين مع مهندسي الوحدات الإرشادية٠

 

سؤالنا حول إن كان لدينا عقود تصدير خارجية توجهنا به لأكثر من جهة فغرفة زراعة طرطوس لا تعلم إن كان لدينا عقود تصدير حسب ما أشار إليه م٠هيثم ضيعة رئيس الغرفة مبيناً أنه يتم تصدير فواكه متنوعة قد يكون التفاح من ضمنها ،فالغرفة ليس لديها أذرع كالجمعيات الفلاحية التي تتبع لاتحاد الفلاحين وتزوده بالإحصائيات المطلوبة عن واقع عملها،علماً  أن إنتاج طرطوس من التفاح خجول قياسا بإنتاج حمص واللاذقية وإدلب والسويداء، ويتم تصدير التفاح إما من غرفة حمص أو اللاذقية لأن البواخر تشحن المنتج إلى روسيا من ميناء اللاذقية…!؟

من جهته عقيل أسعد مدير فرع الاقتصاد والتجارة الخارجية بطرطوس بين أن عقود التصدير لا ترد للمديرية ، واتحاد الفلاحين والجمعيات الفلاحية المنتسبة له كذلك غرفة الزراعة على دراية بالموضوع

لجنة التصدير لاترد

وفي السياق مدير غرفة صناعة وتجارة طرطوس محمد العجي أحال الإجابة لرئيس اللجنة الاقتصادية بالغرفة وعضو لجنة التصدير سامر عبد الله الذي لم يرد على اتصالنا٠٠!!

رئيس دائرة الأشجار المثمرة المتخصصة في زراعة طرطوس م٠ محمد عبد اللطيف بين أن الإنتاج الكلي المتوقع ٢٣٣٩٣ طناً متوزعاً في الدريكيش ١٢٩٠٩ طن وفي صافيتا ٦٦٠٠ طن وفي الشيخ بدر ١٧١١ طن وفي بانياس ٧٩٧ طن وفي القدموس ١٣٢٩ طن وفي طرطوس ٤٧ طن فقط، وقيم “عبد اللطيف” الموسم الحالي بالجودة وعدم وجود أمراض اقتصادية ، معتبرا أن الإنتاجية والنوعية والكمية أفضل من العام الماضي٠

وأوضح رئيس الدائرة أن الوحدات الإرشادية تقيم أيام وندوات حقلية على مدار السنة للمزارعين تختص بكيفية العناية ببساتين التفاح ومكافحة الآفات التي تصاب بها ، كما توجد دورات تخصصية في الدوائر والشعب التابعة للمناطق للغاية ذاتها٠

 

في سوق الهال…

جولة “البعث الأسبوعية” لسوق هال طرطوس أظهرت وفرة في كميات التفاح المعروضة من ال (غولدن والستاركن) بدت ذات مواصفات جيدة لكن بأسعار متفاوتة ومتدنية، لكن غالبية الأصناف المعروضة من التفاح الأصفر” غولدن ” والأحمر بكميات أقل والأسعار تبدأ من ٤٠٠ ليرة لتصل حتى ١٢٠٠ ليرة ، فيما يكون العرض والطلب معياران أساسيان في تحديد الأسعار ، خاصة في ظل غياب أي تدخل لاإيجابي أو تسعير محدد لهذه الأصناف.

رئيس لجنة تجار سوق الهال الحاج محمد حمود أكد هذا الواقع ، فأسعار المادة في السوق قائمة على العرض والطلب والمواصفات تحدد سعر التفاح وطريقة تصريف الكميات المنتجة منه الواردة إلينا معظمها من ريف طرطوس ، فالسوق لا يحدد الكميات أو يتحكم بأسعارها.

وبرأي رئيس لجنة تجار سوق الهال فإن تدني أسعار موسم التفاح هذا العام أهم أسبابه الرئيسية والمباشرة ضعف القوة الشرائية لدى

المواطن والمزارع ، وتوفر كميات كبيرة في وقت واحد ، فالمزارع لا يمكنه تحويل منتجه أو قسم منه للتخزين ، لأن لديه مخاوف من سوء التخزين وصعوبة في تأمين المازوت بالنسبة لأصحاب البرادات ، ففي العام الماضي على سبيل المثال كانت الكميات المخزنة قليلة جدا ما تسبب بارتفاع سعر الكيلو ل ٥٠٠٠ ليرة بعد انتهاء موسمه مباشرة ، فأهم موضوع يجب معالجته هو توفير المازوت للبرادات الزراعية لأنها توازن أسعار المادة طوال فترة العام فالتفاح مادة استراتيجية يمكن تخزينها لأشهر وتحسين أسعارها.

كلف كبيرة…

حول واقع تأمين المادة للأسواق من الفلاحين أشار “حمود” للكلف ااكبيرة التي يتحملها الفلاح ابتداء بالرش والأسمدة ومتابعة الموسم واليد العاملة والكهرباء والمازوت وانتهاء بشحن المادة للأسواق وتوفيرها فتكاليف نقل الكيلو الواحد من الحقل للسوق تتجاوز ١٥٠ ليرة.  وتحدث حمود عن التوقيت المبكر لنزول المادة للأسواق بالنسبة لمحافظة طرطوس عن الأسواق الأخرى فتأخر نزول المادة يعطي ضمانة أكثر بالنسبة للمزارعين في محافظات الإنتاج الرئيسية في حمص وطرطوس واللاذقية و السويداء وريف دمشق ، لكن الحيازات في المحافظة قليلة والمزارع يحتاج لسيولة مالية خاصة مع بدء الموسم الدراسي ، واليوم الكميات التي تأتي للسوق يوميا لا تقل عن ٧٥ طن تفاح يومياً ، وهي كمية كبيرة تؤدي لانخفاض سعره ، ونحن كلجنة تجار في سوق الهال نقدم كل المساعدات المطلوبة للفلاح ونقدم التسهيلات المالية المطلوبة بضمانة الموسم دون أي فوائد.

وختم رئيس لجنة التجار بضرورة تعاون كل الجهات المعنية لدعم مزارع التفاح لأنه محصول أساسي واستراتيجي بالنسبة للمحافظة ولسورية بشكل عام.

 

دور السورية المنتظر…

يعول العديد من مزارعي التفاح في ريف طرطوس على الدور المنتظر والمأمول للسورية للتجارة لامتصاص ما باستطاعتها أن تقوم به لتسويق الموسم للمحافظات وفتح جبهات للتصدير إن توفرت الامكانيات ومنها وجود برادات الشحن المناسبة وأشار م.محمود صقر مدير السورية للتجارة بطرطوس إلى أن خطة المؤسسة وتعليمات الوزارة تتضمن العمل على تسويق أكبر كمية ممكنة من التفاح على أن تقوم كل محافظة بتحديد السعر الذي تراه مناسبا للمزارع والمؤسسة وتأمين مستلزمات نقل المحصول والتسويق والعبوات ولفت صقر  إلى أن المؤسسة من خلال كوادرها جالت على عدد من بساتين ريف المحافظة واستطلعت حقيقة الواقع مؤكدا بدء توزيع الصناديق الحقلية على المزارعين استعدادا لتسويق الموسم مباشرة من المزارع والبداية من ريف الدريكيش حيث سيتم عقد اجتماع في مكتب عضو المكتب التنفيذي لقطاع التجارة الداخلية بحضور ممثلين عن السورية للتجارة ومديرية الزراعة واتحاد الفلاحين ومديرية التجارة الداخلية لوضع أسعار شراء الموسم.

وبين “صقر” أن لدى الفرع وحدتي تبريد تضم \30 \ غرفة تبريد سعة \150-180\ طن للغرفة ويتم تأمين المحروقات لها بالتعاون مع المحافظة لضمان عمل وحدات التبريد.

باختصار…

فإن زراعة التفاحيات في محافظة طرطوس باتت في خطر ويتهددها العزوف والتخلي عنها بعد أن ظلت لعقود أملا وملاذا لكثير من المنتجين وهذا جل مانخشاه فلماذا وإلى متى…!؟