ثقافةصحيفة البعث

“تجارب فنية 6”.. أعمار مختلفة وأدوات متنوعة ومواهب مميزة

نجوى صليبه

ولو أنّه واجبه وعمله، لكن يسجّل لإدارة المركز الثّقافي العربي بـ “أبو رمانة” استمرارها في معرضها السّنوي الذي تقيمه لدعم المواهب الفنّية من مختلف الأعمار، ولاسيّما الشّباب الذي يعملون على تنمية مواهبهم بجهدٍ ذاتيٍّ، متكئين على مخزونهم الثّقافي وذائقاتهم البصرية وخيالاتهم الخصبة، وعلى التّعلّم من تكرار المحاولات لصقل تجاربهم بعيداً عن الدّراسة الأكاديمية التي لم يخضعوا لها.

“أهذه رسومات أم صور مقصوصة من مجلة”، سؤال طرحه كثير ممّن شاهدوا لوحات ورد سعود – سنة رابعة هندسة ميكانيك – من دقّة تفاصيلها وتمّيز ألوانها الخشبية. يحدّثنا ورد عن تجربته هذه، يقول: بدأت الرّسم بسنّ صغير، ونتيجة الاستمرار بالتّدرّب وصلت إلى هذه المرحلة التي تؤهّلني للمشاركة في معارض جماعية، حيث شاركت بمعرض أقامته الكلية لأربعين شاباً وشابةً، أحاول أن أقدّم شيئاً مختلفاً عن الآخرين، هناك مناظر أحوّلها إلى لوحات، وهناك لوحات أبتكرها من خيالي.

رغد يوسف فتاة تجاوزت وضعها لكونها من ذوي الاحتياجات الخاصّة، وحلّقت في عالم حياكة السّجاد والرّسم، ترحّب بالحضور بابتسامتها الجميلة وتتولّى خالتها الحديث، تقول: بدأت رغد بالرّسم وهي صغيرة، وكانت تعبّر عن حبّها لأهلها وأقاربها برسم وجوههم، مستخدمة قلم الرّصاص فقط، والآن لا يمكن أن تلتحق بمعهد يدرّس الرّسم والفنون بشكل عام بسبب بعد المسافة عن مركز المدينة وصعوبة الوصول.

“كنتُ أرسم وأنا صغيرة وكنت أشطر طالبة بالرّسم في المدرسة”، عبارة تقولها بفخر وسعادة هناء الحفّار – خريجة أدب انكليزي – وتضيف: انقطعت عن الرّسم مدّة عشر سنوات، واليوم أعود بأعمال جديدة، مستخدمةً الأكريليك، مع العلم أنّي جرّبت بالألوان الزّيتية لكنّها لم تعجبني، منوّهة بحبّها للألون الهادئة كالأبيض والأزرق، ومعلنةً عن رغبتها بإقامة معرض فردي في المستقبل القريب.

وعلى الرّغم من كونها أصغر المشاركين في المعرض، لكنّها أكثرهم أعمالاً وتنوّعاً في الأدوات، إذ أنّها ترسم بالرّصاص والفحم والحبر النّاشف والأكريليك، تقول جنى كريدي -صف ثامن-: لم أخضع لأي دورة، لكنّي أتابع دائماً الفنّانين والرّسامين وأجرّب كثيراً وأعتمد على التّغذية البصرية، بدأت بالأكريليك وأحبّ أن أشتغل قصصاً قصيرةً، هناك رسومات تستغرق فقط ساعتين وأخرى أقلّ من ساعة مثل أنشتاين الذي رسمته بالحبر النّاشف، هذه أوّل مرّة أشارك في معرض وأتمنى أن أشارك في معارض قادمة.

لاوديسا علّان – خريجة كلية الإعلام – أحبّت الرّسم بسبب إخوتها خريجي كلية الفنون الجميلة، تقول: أحبّ الرّسم التّعبيري الواقعي، ولاسيّما الوجوه، وشاركت بلوحة فحم لأنّي لم أجرّب بعد الألوان الأخرى.

وغير بعيد كثيراً عن مهنته في بخ الموبيليا، طوّر أسامة الحصان موهبته في تصنيع المجسمّات الصّغيرة وتعتيقها، يقول: أعيد تدوير قطع الخشب الصّغيرة لأصنع مجسمات مستوحاة من البيئة الدّمشقية القديمة، وهذه ثاني مشاركة لي في المعرض الذي يقيمه المركز.

بدورها، أحبّت رينا علّو -مخبرية أسنان وهندسة زراعة ومدرّبة باليه- أن تمنح لوحاتها حياة أخرى وواقعية أكثر من خلال تقديم فقرة راقصة على أنغام أغنية “ليالي الأُنس” أدّتها طالباتها في فرقة الباليه، تقول: أسّست الفرقة منذ ثلاث سنوات وتتضمّن كلّ مجموعة عشرين طالبةً، واليوم جمعت في هذه الرّقصة طالبات من مختلف الأعمار، بالتّوازي مع مشاركتي بثماني لوحات عن راقصات الباليه.

ما يجمعُ هؤلاء المشاركين هو اعتمادهم على فطرتهم الفنية وتغذيتها ذاتياً. يقول ورد سعود: لم أفكّر بالتّسجيل في مركز خاصّ بالرّسم، ووصولي إلى هذه المرحلة كان باجتهاد شخصي وذاتي، كنت أجرّب وأخطئ، ربّما أغيّر رأيي في المستقبل لا أدري. ومثله تقول هناء الحفّار: أستطيع أن أرسم ما أريد من مخزوني ومن دون الخضوع لمعهد خاصّ بالرّسم.

وبسؤال الفنّانة التّشكيلية رباب أحمد مديرة المركز عن هذه التّجارب وكيفية اختيارها، أوضحت: كلّ أسبوع لدينا معرض مختلف وتعوّد الهواة وروّاد المركز على ذلك، وأهمية هذا المعرض تأتي من أنه سنويّ لتجميع المواهب من مختلف الأعمار والاختصاصات، اليوم لدينا سبع عشرة مشاركةً، أي المركز ليس مخصصاً للأكاديمين فقط بل مفتوح أمام كلّ موهبة تحتاج الدّعم والإضاءة عليها إعلامياً، البعض شارك في معارض سابقة وأحبّ أن يكون معنا اليوم، مضيفةً: يرسل المشارك أعماله وأنا أنتقي الأجمل، وأعمل على أن تكون الأعمال متقاربة من حيث الموضوع، كما يهمّني أن يكون مستواها مقبولاً وأكثر حتّى لو كانت مواهب.