مجلة البعث الأسبوعية

مرشحون بلا برامج انتخابية.. تعويّلٌ أجوف على الصور الاستعراضية والسمعة المسبقة!

البعث الأسبوعية – مادلين جليس

إذا ما اتفقنا على أهمية البرنامج الانتخابي ودوره في ترجيح كفة المرشح، فإن اقتصار الحملة الانتخابية على الصور المذيلة بعبارات إنشائية من قبيل “انتخبوا مرشحكم إلى مجلس المدينة.. حامل أصواتكم الحر.. انتخبوا الصوت المستقل.. انتخبوا ابن قريتكم البار” وغيرها من العبارات التي لا تغن ولا تسمن من جوع، يشي بشكل أو بآخر بضآلة ما تحويه جعبة المرشح من أفكار ومبادرات يعوّل عليها لإحداث فارق ببنية الإدارة المحلية بشقيها التنموية والخدمي!.

كم دون نوع!

للوهلة الأولى.. سرعان ما ينتابنا التفاؤل لدى استعرضنا للأرقام المعلنة من قبل اللجنة القضائية، إذ نجد أن عدد المرشحين وصل إلى 59498 منهم 11956 دون سن الأربعين، و11230 من النساء،فهي أرقام تفاؤلية شكلاً “لجهة الكم”، إلا أن انعدام حملات المرشحين من برامج عمل محددة وواضحة يجعلها للأسف تشاؤمية “لجهة النوع”، ولاسيما إذا ما علمنا وجود  مرشحينيحملون إجازات جامعية بحسب رئيس اللجنة القضائية العليا للانتخابات القاضي المستشار جهاد مراد!

شبه إجماع

وحتى لا نستأثر برأينا في هذا الموضوع، فقد استطلعنا آراء الكثيرين من المواطنين والمتابعين من شرائح وظيفية عدة وفي مختلف المناطق والمدن السورية من ساحلها لداخلها، ومن جنوبها لشمالها، ليؤكدوا عدم وجود برنامج انتخابي واضح المعالم ومحدد بنقاط يتعهد فيها المرشح الاشتغال عليها، وكان هناك شبه إجماع على اقتصار الحملات الانتخابية على الصور الملونة، المنقوشة بعبارات تطلب من المواطنين انتخاب هذا المرشح أو ذاك!.

رأي المرشحين

ولكي نكون على بينة أكثر، كان لابد لنا من التوّجه بالسؤال للمرشحين، عن حملاتهم الانتخابية، لكن الجواب كان غير متوقع حيث قال أحدهم: الحملات الانتخابية مكلفة جداً!.

بينما أجاب الآخر مبرراّ سبب عدم نشر برنامجه الانتخابي أمام المواطنين: السمعة تسبق الاسم، المواطن ينتخبنا بناء على سمعتنا وعلى معرفته بنا، خاصة أهالي المنطقة الواحدة.

وركز الثالث من محافظة ريف دمشق، على أنه لا يملك مايكفي للحملة الانتخابية، وأنه يتقدّم باسمه للناخبين الذين شهدوا حبه لمنطقته وعمله لأجلها خلال السنوات السابقة.

أما السمعة فليس لنا أن ننكر أنها تسبق الاسم كما يقال، لكن ذلك لايكفي، فمن يريد الحديث بلسان الناس، عليه أن يعرف همومهم، وعليه قبل كل شيء أن يضع برنامجاً لخدمتهم ” أقلها رد الجميل بانتخابه، والإدلاء بأصواتهم لصالحه”.

نقطتان

في الوقت الذي لا ننكر فيه التكاليف المترتبة على الحملة الانتخابية، ثمة نقطتين أساسيتين لا بد من طرحهما، الأولى موجهة لمن طبع الصور الزاهية وتكلف عليها، ما الذي كان يمنعكم من تدوين برامجكم الانتخابية؟ ليغدو المرشح حاضراً على كل الجدران والشوارع بلا خطة ولا هدف، في مشهد يؤكد أن الحملات الانتخابية باتت مشوّهة بكل ما للكلمة من معنى، وابتعدت عما وضعت لأجله، لتغدو الوسامة والابتسامة -من وجهة نظر صاحب الصورة- هي مطلب المقترع، وبالتالي فإما هو جاهلاً أو متجاهلاً لأهمية البرنامج كونه أحد أشكال الخطاب المؤثرة، أو أنه لم يدرك تطور الوعي المجتمعي لجهة انتخاب الأصلح، الذي يربط الأقوال بالأفعال!.

النقطة الثانية: كان بإمكان جميع المرشحين، الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي بشكل كبير جداً، من خلال نشر متواتر للبرامج الانتخابية -لا اقتصارها كما هو حاصل على الصور فقط- والتواصل مع أغلب شرائح المجتمع، وتخصيص زاوية لتلقى المقترحات والملاحظات والأفكار والمبادرات والمطالب الكفيلة بتعزيز رؤيته، وتصويب مساراته، وتوسع تصوراته عما ينتظره من مهام في حال نجاحه، إضافة إلى أن هذه النقاط كفيلة بصياغة برنامج انتخابي مقنع يساعده على النجاح، مع الإشارة هنا إلى أن هذا الأمر لا يكلفه إلا إنشاء صفحة للتواصل المباشر مع أهالي منطقته، وقد سبق  وكانت هذه الصفحات مساحة خصبة في العديد من دول العالم يلجأ إليها المرشحون، حيث انتقلت المعارك والحملات الانتخابية إليها لأنها قادرة فعلاً على التأثير وإيصال صوت المرشح!

أخيراً

أقل من عشرة أيام تفصلنا عن موعد انتخابات مجالس الإدارة المحلية المزمع إحداثها في الثامن عشر من أيلول الجاري، وذلك بحسب المرسوم الرئاسي رقم /216/ للعام 2022، الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد والذي ينصّ على تحديد يوم الأحد الموافق لـ 18 أيلول 2022 موعداً لإجراء انتخاب أعضاء المجالس المحلية، وهنا لا بد من التذكير بما ورد في البند الثاني من المادة الثانية من قانون الإدارة المحلية رقم 107 لعام 2011 أن الهدف من القانون هو: إيجاد وحدات إدارية قادرة على عمليات التخطيط والتنفيذ، ووضع الخطط التنموية الخاصة بالمجتمع المحلي وتنفيذ المشاريع الخاصة بها بكفاءة وفعالية من خلال تعديل مستويات الوحدات الإدارية، وتحديد هيكليتها المحلية، بما يتماشى مع الوظيفة الأساسية لها.

وإضافة عدد من الوظائف النوعية فيها وجعل الوحدات الإدارية في كل المستويات مسؤولة مباشرة عن الخدمات والاقتصاد والثقافة وكافة الشؤون التي تهم المواطنين في هذه الوحدات بحيث تقتصر مهمة السلطات المركزية على التخطيط والتشريع والتنظيم وإدخال أساليب التقنية الحديثة وتنفيذ المشروعات الكبرى التي تعجز عن تنفيذها الوحدات الإدارية.

أما البند الرابع من المادة نفسها فينص على: النهوض بالمجتمع في إطاره المحلي والمساعدة على النمو المتوازن وتكافؤ الفرص بين المناطق بتكريس التعاون المشترك بين الوحدات الإدارية من خلال إحداث إدارات مشتركة تستطيع أن تنفذ برامج ومشاريع كبرى بشكل كفوء وفعال.

إن كل ماورد سابقاً من مواد القانون يبيّن أهمية وضع الخطط التنموية الخاصة بالمجتمع المحلي، والعمل على تنفيذ هذه الخطط للنهوض بالمجتمعات المحلية في سبيل تنفيذ مشاريع اقتصادية وتنموية بكفاءة وفعالية.