تحقيقاتصحيفة البعث

“حقوق” جامعة دمشق .. عراقتها لم تحميها من الانتقادات وعميدها يرد ويوضح!

كلية الحقوق في جامعة دمشق واحدة من أعرق وأقدم كلياتها، بل وفي المنطقة، والمشهود لها بتخريج كوادر كفوءة على مدار العقود الماضية، لكن في السنوات الأخيرة بدأت الانتقادات تطال الكلية وتغمز من قناة مناهجها القديم الذي لم يتطور طرداً مع تطور القوانين والتشريعات، هذه الملاحظات سجلها الطلبة الذين ما زالوا على مقاعد الدراسة، وكذلك من تخرجوا ويعملون حالياً في سلك القضاء والمحاماة، فمن خلال استطلاع رأيهم سجلوا عدة نقاط على المنهاج، فهو نظري بحت يعتمد على الحفظ والتلقين ولا يقيس الإمكانات الحقيقية للطالب، أو يؤهله ليكون محامياً ناجحاً نظراً لغياب الجانب العملي، حيث لا حلقات بحث ولا حضور لجلسات عملية في المحاكم، ولا تطبيقات على كتابة الاستدعاء وغير ذلك!

وأوضح الطلبة أن المنهاج لا يتم تحديثه تماشياً مع القوانين المعاصرة، بالإضافة إلى غياب المقررات الأكثر احتياجاً لها خلال سنوات الدراسة، وأشار بعضهم إلى أنهم يلجؤون لمعاهد خاصة ليعوضوا هذا النقص بالمعلومات.

واغتنم الطلبة فرصة اللقاء معهم وشكوا من تأخر صدور النتائج الذي يضعهم في ورطة، عدا عن تشكيكهم بنسب النجاح وخاصة في المقررات غير المؤتمتة!.

محكمة افتراضية

ما تقدم من ملاحظات وضعناه على طاولة عميد الكلية الدكتور هيثم الطاس الذي رحب بالملاحظات واعتبرها عامل مهم يشير إلى أماكن الخلل وتساعد الإدارة في الكلية والجامعة على حلها.

الدكتور الطاس اعترف بأن الجانب العملي جزء هام للطالب من أجل ضمان تخرجه بمستوى عالٍ يمكنه من ممارسة المهنة على أرض الواقع، مشيراً إلى أن الكلية تسعى حالياً لافتتاح قاعة محكمة افتراضية بتجهيزات كاملة وربما تكون جاهزة في نهاية الشهر الجاري، وهي مخصصة للتطبيق العملي حيث يتم العمل فيها بالتعاون مع قضاة ومحامين متخصصين، وبالتنسيق مع وزارة العدل ونقابة المحامين.

وأوضح عميد الكلية أن المقررات التي تحتاج إلى تطبيق عملي هي (أصول المحاكمات المدنية والجزائية، التشريعات المصرفية، الإسناد التجاري، القضاء الإداري، كيفية الاستدعاء) وأكد أنه لن يكون هناك مشكلة مع أعداد الطلبة الكبيرة، لأن المحاضرات العملية ستوضع ضمن البرنامج الأساسي للطلاب، أما بالنسبة للحضور في الجلسات فسيراعى مبدئياً عدم استطاعة جميع الطلاب الحضور وبالتالي لن يتم وضع علامة للحضور، ولفت عميد الكلية إلى أن ورشات التدريب المهني المأجورة التي تقام داخل حرم الجامعة هي للخريجين فقط وليست من ضمن المقررات الموجودة في المنهاج وتعنى بمواضيع تخصصية مرتبطة بسوق العمل.

تعديل خطة المنهاج

وإلى جانب ما سبق بيّن الدكتور الطاس أن الكلية بصدد تعديل خطة المنهاج عن طريق إعادة تموضع المقررات اللازمة وإدخال أهم المقررات التي من المفترض أن تكون أساسية في المنهاج، ويحتاجها طالب الحقوق بشكل كبير أثناء دراسته مثل (قانون البينات، ممارسة مهنة المحاماة، الجرائم الإلكترونية، العقوبات العسكرية، الطب الشرعي، البحث الجنائي، علم كشف الجريمة) وإلغاء بعض المقررات كاللغات التي تتكرر في كل سنة وفصل واختصار بعض مقررات القانون الدولي التي تأخذ حيزاً كبيراً أو قانون البيئة وقانون قضايا دولية معاصرة اللذين من الممكن أن يدرسهما الطالب عند التخصص أما بالنسبة للقانون البابلي والروماني فهو من أساسيات القانون ويعد من تاريخ  التخصص.

أوسع العلوم

وأكد الدكتور الطاس أن المنهاج غير نظري بالكامل فكلية الحقوق تعد من أوسع العلوم على الرغم من وجود بعض المقررات النظرية التي تحتاج للحفظ ولكن أغلب المقررات خاصة بعد السنة الأولى تعتمد على التحليل والفهم وتحتاج إلى تعمق وفهم للمادة بشكل كبير لأنها تأتي على شكل مسائل، فالمواد القانونية عبارة عن قوانين بعدة تخصصات سواء مدني أو تجاري أو جزائي أو دولي، أما السنة الأولى فتكون مدخلاً في القانون المدني أو الإداري.

ورداً على الأسئلة المؤتمتة بيّن أن أسئلة الامتحان المؤتمت التي كانت تأتي على شكل “اختر الإجابة الدقيقة أو الأكثر دقة” لم تعد موجودة الآن ولن يتم العمل بها، أما بالنسبة للاعتراضات على  المواد التقليدية، فبين أنه يتم إعادة جمع العلامات إذا كان السؤال بـ (صح أو لا) وسلم التصحيح بالنسبة للمقررات التقليدية يتم إعلانه، أما إذا كان هناك سؤال غير مصحح وهذا يسمى الخطأ المادي، فيمكن للطالب أن يقدم كتاباً إلى رئاسة الجامعة يطعن من خلاله بالتصحيح وبعدها يتم تشكيل لجنة من  قبل رئاسة الجامعة إذا ارتأت ذلك. وأما آلية البت بالاعتراض على أسئلة الأتمتة فيتم عن طريق إعادة التصحيح على الجهاز ولا يوجد  أي تدخل للعنصر البشري، وبخصوص التأخير بصدور علامات الامتحان فهو ناتج عن انزياح الامتحانات ونقص الكادر الوظيفي الذي كان مكلفاً بمراقبة الطلاب في الامتحانات لأن طلاب الدراسات العليا التزامهم بالمراقبة ضعيف، الأمر الذي أدى  إلى التأخير بالإضافة إلى عمليات الرصد والتسجيل على السجلات ليتبين ما إذا كان الطالب متجاوزاً أو محالاً إلى لجنة انضباط وبذلك تحجب العلامة، يضاف إلى ذلك –بحسب الطاس- أن نشر النتائج يحتاج إلى موافقة رئاسة الجامعة وعندما تكون نسبة النجاح أقل من 20 بالمئة أو أكثر من 80 بالمئة فإن ذلك  يحتاج إلى تبرير من أستاذ المقرر وموافقة رئاسة الجامعة.

نقص الكادر والسجون!

وبالحديث عن نقص الكادر أشار عميد الكلية أن الطلب متكرر بهدف زيادة عدد الكادر، لكن لغاية اليوم لم تتلق الكلية أي إجابة، حتى في المسابقة الأخيرة التي أعلنت عنها وزارة التنمية الإدارية لم يتم فرز أي موظف للكلية.

أما بالنسبة لزيارة السجون فقد أكد أن هذا الأمر كان موجوداً قديماً ولكن بسبب الظروف التي مرت بها البلاد تم إلغاؤه ومن الممكن أن يتم العمل به حالياً والتنفيذ مباشرة عن طريق تنظيم جولات إلى القصر العدلي أو سجن عدرا.

بالمختصر، كلية الحقوق تحتاج على وجه السرعة لتفعيل الجانب العملي كي يتعرف الطلبة من خلاله على حالات وقصص من الواقع، وبحسب عدد من المحامين تحتاج الكلية للاستغناء عن المقررات التي لا تفيد الطالب كالنظم القانونية الكبرى (تاريخ القانون) واللغة العربية التي يفترض أن الطالب قد أتقن قواعدها في مراحل الدراسة الابتدائية والإعدادية واستبدالها بقوانين معاصرة كقانون الجرائم الإلكترونية وقانون تنظيم مهنة المحاماة وقانون الأحوال المدنية والطب الشرعي والعلم الجنائي وعلم كشف الجريمة، وحبذا لو تكون بنسخة الكترونية لسهولة الوصول لها.

وفاء سلمان