ثقافةصحيفة البعث

أيام سينما المقاومة توثيق للبطولات ورسائل رمزية ومباشرة

ملده شويكاني

“للمقاومة دور كبير بتعزيز الثقة بالنفس وبالتمكن وبالثبات في الأرض، وهي دروس بالصبر والتضحية، وهكذا تُبنى الأوطان”، هذا ما قالته وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوّح للإعلاميين في حفل افتتاح أيام سينما المقاومة مساء أمس في دار الأوبرا.

التظاهرة التي أُقيمت بالتعاون ما بين وزارة الثقافة –المؤسسة العامة للسينما– والجمعية اللبنانية للفنون “رسالات”، بمشاركة أفلام من لبنان والعراق وفلسطين وإيران وسورية، وثّقت الأعمال البطولية في مواجهة العدو الصهيوني والإرهاب، بأسلوب روائي يُبنى على التوثيق– ديكو دراما.

أغنيات المقاومة

وقد بدأ الحفل بمشاركة الفرقة الوطنية للموسيقا العربية بقيادة المايسترو عدنان فتح الله والكورال بعزف النشيدين السوري واللبناني، ومن ثم عزف وغناء أغنيات المقاومة بمرافقة الشاشة لمشاهد من الأعمال البطولية بأنواعها.

وعلى وقع النحاسيات والطبل الكبير والمتتالية الإيقاعية والصنجات ومن ثم تشكيلة الفرقة، غنّى الكورال “أنا سوري وأرضي عربية”، ثم بدأ جزء من النحاسيات مع الإيقاعيات باللحن الأساسي مع الأكورديون بغناء “صف العسكر رايح يسهر”، وكان للغناء الإفرادي دور بـ”ياقمر مشغرة” مع مرافقة العود في أغنية “خبطة آدمكن”، والأغنية الأكثر حماسة وتأثيراً “أطلق نيرانك لا ترحم” التي سُبقت بالآهات.

الحلم المنتظر

واتخذ الفيلم الأول اللبناني “سقطت” إنتاج الأرز للإنتاج الفني، طابع عمل فني توثيقي نفذ على سردية روائية لمراحل النضال ضد العدو الصهيوني منذ خمسة وسبعين عاماً، ابتداء من 1920 حتى الآن، فمن خلال تقنية المونتاج والتقطيع اختزل وقائع من 1920 إلى النكبة الفلسطينية وما بعدها إلى حرب 1956 ثم 1967 ثم 1973، ثم تفجيرات جنين واستشهاد الطفل وتسليم جثته على وقع الآهات، واشتعال النيران في قطاع غزة وبحيرة طبريا والضفة الغربية، وصولاً إلى رسالة العمل التي تحملها المشهدية الرمزية للحلم برؤية مستقبلية من خلال الطائرة الورقية إيماءة إلى الأجيال القادمة، و”سقوط تل أبيب- إسرائيل سقطت” ترافق العمل مع أغنية سقطت “إن كنا نحن شتات الأرض، فماء الأرض شتات”.

القربان

كما عُرض الفيلم اللبناني “السر المدفون” الروائي الطويل إخراج علي غفاري وسيناريو رضا إسكندر ومحمود غلامي، ويروي قصة استشهاد “أبو زينب” الذي نفّذ عملية استشهادية في جنوب لبنان بهجوم البطل عامر على مركز قيادة الخيام. وتدور أحداثه خلال الاحتلال الصهيوني جنوب لبنان طيلة ثمانية عشر عاماً من 1982 إلى التحرير عام 2000 وخروج المعتقلين من السجون الإسرائيلية.

تميّز الفيلم بالموسيقا التصويرية التي ألّفها علي الموسوي وبأداء الأبطال، وخاصة كارمن لبس أم الشهيد وعمار شلق والده، وعادل شقيق الشهيد الذي جسّد دوره باسم مغنية.

وتتنقل الصورة بين بيت الضيعة وممرات السجون والتعذيب بالزنزانات وخيانات أعوان إسرائيل، وتمضي الأحداث بالدمج بين الحاضر والماضي بتداخل لمراحل تنفيذ العملية ومشاركة عادل بالمقاومة ومن ثم تعذيبه.

الحدث الأساسي بالفيلم هو “يا رب تقبل مني هذا القربان” سرّ اختفاء عامر، وزعم والدته أنه سافر إلى الكويت وإخفاء الحقيقة عن الجميع حتى والده، ليصبح أبو زينب رمز المقاومة، وبعد التحرير يكشف السر بأن عامر هو أبو زينب.

الإبداع والمقاومة

وقبل العرض تحدثت د. لبانة مشوّح وزيرة الثقافة عن تظاهرة أيام سينما المقاومة، المقاومة التي تسكن ضمائرنا نمارسها كلّ يوم فكراً وعملاً ونضالاً دؤوباً ضد الغزاة الإرهابيين والطامعين. وأشارت إلى أن أساليب المقاومة مختلفة لكن هدفها واحد، وهو درء الظلم وإحقاق العدل ومقاومة الاحتلال بكلّ أشكاله، كما تطرقت إلى المقاومة بأشكالها الثقافية والفكرية الإبداعية التي تعدّ رديفاً للمقاومة الميدانية وداعماً لها، وبالثقافة نعزّز هويتنا وانتماءَنا ونقاوم كل أشكال الغزو والانصياع لإملاءات الصهاينة ولمن يدور في فلكهم. وتابعت عن العلاقة بين الإبداع والمقاومة، فوصفتها بأنها علاقة تمازج يصل حتى التماهي، فالإبداع بحدّ ذاته مقاومة للقتامة والقبح، وكذلك المقاومة فهي بحدّ ذاتها إبداع لأنها التزام مطلق ونكران للذات، وتجاوز لكل القدرات.

مفردات السينما

التعاون الثقافي بين سورية ولبنان كان محور كلمة رئيس الجمعية اللبنانية للفنون “رسالات” محمد خفاجة، فتحدث عن المصير الواحد الذي جمع بين البلدين سورية ولبنان، حيث اختارا سبيلاً واحداً للحياة، وهو المقاومة، مقاومة العدو الإسرائيلي والجماعات التكفيرية، وتابع عن مفردات الثقافة والفنّ وتحديداً مفردات السينما، إحدى أعمق اللغات والأساليب في حفظ القضايا والتعريف بها.

 فعل الثقافة

وعن أهمية سينما المقاومة أجاب مراد شاهين المدير العام لمؤسّسة السينما في حديثه لـ”البعث” بأن هذا النوع من السينما يعكس قيم المقاومة التي تشكل قيمة من أنبل القيم البشرية، والتي تجسّدها من خلال أفلام المقاومة، وهنا تكمن أهمية هذه التظاهرة بإيضاح أن الثقافة فعل، فعل سياسي واجتماعي، فعل مقاوم له القدرة على التأثير وإرسال الرسائل.

الصورة هي الحقيقة

نقيب الفنانين اللبنانيين نعمة بدوي أعرب عن سعادته بأنه يرى في عصر المقاومة أيام سينما المقاومة في قلعة الصمود والتصدي دمشق، ويرى أن هذه التظاهرة تؤرّخ بالسينما الأعمال البطولية، فهذا يعني أن التاريخ لا ينسى، لأن الصورة هي الحقيقة.

وتمنى ترجمة فيلم الافتتاح “السر المدفون” إلى اللغات الأجنبية، لوجود حضور من الجاليات الأجنبية، مؤكداً أهمية الترجمة للأفلام.

الإنسان المرتبط بوطنه

كميل متى أحد أبطال فيلم الافتتاح تحدث عن أهمية هذه التظاهرة في بلد الفنّ سورية، والتي تشجع على إنتاج أعمال وطنية جادة وهادفة، تعطي صورة حقيقية عن المقاومة والإنسان المرتبط بوطنه.

طريقة جذابة

الإعلامية د. ندى بدران المشرفة على الفيلم الروائي “الجارف” المشارك بالتظاهرة، إخراج بلال خريس وإنتاج الأرز، ترى أن الأعمال البطولية إذا لم تحفظ بطريقة واقعية تجذب الجيل الجديد الذي لم تعد تستهويه التقارير الإخبارية تُنسى، والأمر الأهم أنها تتعرّض للتشويه.

وخلال الافتتاح تمّ تكريم الفنان الكبير دريد لحام والفنان النجم أيمن زيدان ونقيب الفنانين اللبنانيين نعمة بدوي ورئيس الجمعية اللبنانية للفنون “رسالات” محمد خفاجة، من قبل الدكتورة لبانة مشوّح والأستاذ مراد شاهين والأستاذ محمد خفاجة.