صحيفة البعثمحليات

“منعاً لأي لبس”!!

معن الغادري

عودة إلى ما أشرنا إليه سابقاً وتكراراً حول الدور المنوط بالمجالس المحلية والوحدات الإدارية، والمنتظر منها بعد إنجاز انتخابات دورتها الجديدة بنجاح منقطع النظير، وبما أفرزته من وجوه جديدة وقع عليها خيار الناخبين، وما حملته من أمنيات وطموحات شعبية، أن تمارس صلاحياتها بصورة مغايرة عن الدورات السابقة، وعلى نحو ينظم عمل هذه المنظومة ويحدّد أولوياتها للمرحلة الراهنة والمستقبلية، وبما يسهم في خلق بيئة ناضجة، تتوافق مع ما هو متاح من إمكانات، وما هو مطلوب إنجازه على المستوى الخدمي، كون هذا القطاع الحيوي بتنوع خدماته، يشكّل الحلقة الأولى والأقوى، وعنصراً إلزامياً لإنجاح أي مشروع تنموي كبر أم صغر.

ولا نضيفُ أي جديد بقولنا إن المرحلة السابقة من عمل المجالس المحلية والوحدات الإدارية، لم تكن بالمستوى المطلوب، لجهة سوء التخطيط والتنفيذ والإنفاق غير المدروس، ما أفشل كلّ الجهود الحكومية المبذولة، وبالتالي كان منطقياً أن تتراجع مؤشرات الإنجاز في مجمل المشاريع الجاري تنفيذها، والمشاريع المنجزة والتي افتقدت إلى معايير الجودة، إضافة إلى جملة المشاريع المتعثرة والمثقلة بالمشكلات الإدارية والقانونية والفنية والتقنية حتى اللحظة. ولعلّ أكثر ما يقلق في هذا الملف الشائك هو استمرار العمل بسياسة الترقيع والحلول الإسعافية الموضعية، والتي أقصى ما يمكن أن تقدّمه كحلول للمشكلات والأزمات المتراكمة هو تأجيل مؤقت لها ومضاعفة آليات الإنفاق والهدر.

والواقع الراهن لمجمل المشاريع وجبهات العمل الميداني في حلب مدينة وريفاً، لا يوحي مطلقاً بأي تطابق أو تماثل بين ما تمّ إقراره على الورق من خطط ودراسات، وبين ما هو منجز على أرض الواقع، وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول جدية عمل المؤسّسات الإنشائية والدوائر الخدمية والتنفيذية وغيرها من اللجان والجهات الوصائية والرقابية، والمطلوب منها تفسير وتوضيح الأسباب المباشرة وغير المباشرة لتعثر وتوقف العمل في عدد من المشاريع الحيوية والتنموية، وأسباب تأجيل البدء في تنفيذ مشاريع جديدة، وذلك لتبيان حقيقة ما يجري على أرض الواقع -والأمثلة والشواهد كثيرة- وبالتالي لإزالة أي لبس أو شك إن وجد وبكثير من الشفافية والمصداقية، كمدخل ومنطلق لبداية عمل المجالس المحلية والوحدات الإدارية المنتخبة، ولوضع الأمور في نصابها ومسارها الصحيح.

ونعتقد أن المساءلة والمحاسبة مطلوبة الآن أكثر من أي وقت مضى، بالنظر إلى ما يمكن أن تحدثه نتائج انتخابات الإدارة المحلية الجديدة من فارق واضح في المشهد العام، وفي آليات العمل الخططي والتنفيذي مستقبلاً، ضمن المهام والوظائف المنوطة بالمجالس المحلية والوحدات الإدارية واستقلاليتها المالية والسلطات التنفيذية والرقابية الممنوحة لها، إذ لا مناص من تفعيل هذا الدور المهمّ وإيجاد قواسم مشتركة لتعميق وتعزيز العمل الجماعي والتشاركي، وإخراج هذه المجالس من دائرة التهميش والتعطيل والتنظير، ومنحها السلطة الكافية للقيام بمهامها ووظائفها وفق ما حدّده قانون الإدارة المحلية.

ولعلّ الأهم في هذه المرحلة هو العمل على تمتين الثقة وتقوية الرابط بين المواطن وكافة مؤسّسات الدولة، والحرص ما أمكن على خلق بيئة نظيفة خالية من الشوائب والمنغصات والفساد والمفسدين، واستثمار كلّ الفرص المتاحة، وتنظيم وتوظيف الجهود المبذولة في خدمة مشروع إعادة الإعمار والبناء، وبما يحقّق في المقام الأول الاستقرار المجتمعي، ومن ثم النهوض المتوازن والمستدام في مختلف المجالات.

خلاصة القول: الرهان كبير والتحدي أكبر، وعلى الفائزين بالدورة الانتخابية الجديدة إدراك حساسية وأهمية هذه المرحلة، وبذل قصارى جهدهم وبكلّ صدق وأمانة، وعدم تفويت فرصة فوزهم وثقة ناخبيهم، وكسب الرهان وتعويض ما فاتنا وما خسرناه من جهد ومال خلال الدورات السابقة.