دراساتصحيفة البعث

روسيا تنقض نظرية فوكوياما

ريا خوري

لم تتوقف البروباغاندا الأمريكية عن الترويج لفكرة القطب الأوحد في العالم بعد تفكّك الاتحاد السوفييتي، حيث وضع استراتيجيو السياسة الأمريكية هذا المصطلح للتأكيد على الهيمنة والسيطرة شبه المطلقة على العالم، حتى باتت عبارة الأحادية القطبية تتردّد في معظم المناسبات طوال الثلاثين عاماً الماضية.

لقد اعتقد عدد من المفكرين الغربيين -فرانسيس فوكوياما في كتابه “نهاية التاريخ”- أن الهيمنة الأمريكية على العالم قد تكرّست للأبد وحتى نهاية التاريخ، لكن يتبيّن اليوم أن نظرية فوكوياما هي فكرة عاطفية تبسيطية لا تستند إلى أساس.

في حقيقة الأمر، ظهرت قوى عالمية تملك عناصر القوة العسكرية والاقتصادية والجيوسياسية المكافئة للولايات المتحدة، وعلى عكس ما توقع هنتنغتون فإن هذه القوى الجديدة تستند إلى مرتكزات الأيديولوجية والقومية، وليس العنصر الثقافي في صراعها لإنشاء عالم متعدّد الأقطاب يكون بديلاً لنظام القطب الواحد الذي تتغنّى به الولايات المتحدة.

خلال قمة “شنغهاي” الأخيرة، دعا الرئيس الصيني شي جين بينغ لإعادة تشكيل النظام الدولي الحالي من جديد، وإقامة نظام عالمي متعدّد الأقطاب يكون أكثر إنصافاً وعدلاً وعقلانية. أما الرئيس الروسي فلاديمير بوتين فقد تحدث عن بروز مراكز قوى عظمى جديدة في العالم يتعاظم دورها ونفوذها باستمرار على مسرح السياسة العالمية.

من هنا، فإن الحرب الدائرة في أوكرانيا حالياً، وتزايد عمليات المدّ والجزر، وعضّ الأصابع هي أحد فصول الصراع الساخن الدائر بين القوى الأيديولوجية والقومية المعادية لنظام القطب الأوحد، لكن يبقى مستقبل أحادية القطب رهناً بتطورات الصراع الذي بات مفتوحاً بين معسكر الولايات المتحدة وحلفائها من أنصار الأيديولوجية الليبرالية والنيوليبرالية المتوحشة والتجارة الحرة، وبين معسكر الاشتراكيين والقوميين المكوّن بشكل أساسي من جمهورية الصين الشعبية وروسيا الاتحادية والحلفاء مثل كوريا الديمقراطية، والعديد من دول الاتحاد السوفييتي السابق، وبعض جمهوريات أمريكا الجنوبية، والعديد من القوى الوسيطة كالهند، وبعض دول مجموعة “البريكس” مثل البرازيل.