ثقافةصحيفة البعث

“سورية أم الكل” مبادرة حيوية للحرف التراثية

حلب – غالية خوجة

اختتم معرض “سورية أم الكل” ومشروع “ارتيزانا سورية” فعالياته التي استضافها فندق شيراتون حلب على مدى يومين بفيلم وثائقي عن بطولات الجيش السوري وتضحياته، إضافة لإضاءته على بعض المشروعات الأسرية المنتجة، وحفل فني، وتكريم لأبطال جرحى الجيش العربي السوري.

ويعتبر هذا المعرض مسؤولية اجتماعية تنموية تدعم المشاريع الأسرية، ولاسيما المرأة السورية المبدعة، ولذلك، أتت المشاركات بمشاريعهن منطلقات من منازلهن بين تصميم فني وخياطة أزياء وأشغال يدوية وابتكارات إكسسوارات للأزياء والأثاث والحلي، ورسم على الخشب والمرايا ولوحات فسيفسائية وصناعة الدمى وسلال الخيزران وقطع عملية فنية تزيينية من الشمع.

تشكيلات وفنيات

اتسمت الأعمال المعروضة باعتمادها على جذور الحرفة التراثية مع تطويرها بأشكال معاصرة، واللافت هو تلك الفنيات المضافة لإطار “المنخل” الخشبي وتزيينه بإكسسوارات ولآلئ وأشرطة تصلح للمناسبات، كما أن وعاء اللبن ووعاء الدبس الخشبيين القديمين يتحولان إلى قطعة فنية مميزة.

وعن مشاركتها في هذا المعرض، قالت هيام عميرة: أشعر أن سورية تتعافى وأعمالنا تتطور، ونعتمد على التسويق الإلكتروني، وكنا نتمنى أن يمتد المعرض لأسبوع، وأكدت مع ابنتها أن النجاح عمل جماعي لا فردي.

ورأت المشاركة حميدة العمر أن هذا المعرض فرصة للتعرّف على المشتركات وإنتاجاتهن وتبادل الخبرات والتعريف بمنتوجهن آملة المزيد من وسائل للتسويق.

وكان مشهد المشاركة منال فاعور مع دُماها التي تصنعها من الديكران والصوف كأنه قادم من حكايات مسرحية للأطفال، بينما لاحظت أن هناك أعمالاً فنية تقدمها المشاركات، منهن إيمان زقلوطة المهتمة بالإيتامين ورسوماته وتوظيفه ليكون من أدوات المنزل مثل صينية ضيافة القهوة التي تظهر كلوحة، بينما تقدم عبير بركات فن “الطارة” اليدوي بتشكيلات تزيينية معاصرة بين الرسم والكتابة والأشكال الناتجة عن خيوطها التطريزية النافرة.

وينسجمُ مع هذه الأعمال ما تقدمه هيفاء فرهود المعتمدة في مشروعها على الخشب كإطارات وشرائح من جذوع الشجر كتبت عليها كلمات وعبارات أو رسمت عليها أشكالاً جميلة، وعلى طاولة أخرى تنفرش أعمال سمر إدلبي المشابهة لهذه المنتوجات، وينضم إليهن مشروع تالين مكرويان بفنونها الجميلة بين الرسم وتطريز الإبرة والإيتان واللوحات الفنية والإكسسوارت وأغلبها من الموروث الأرمني الذي يتمتّع بصفات معينة، لكنها تتمتّع بخصائص تُسمّى تبعاً للمنطقة، مثل شغل إبرة عينتاب الذي ينشغل على القماش بعد تفريغه، بينما شغل إبرة كليس فهو منفصل ثم يخاط بالقماش.

ونرى على طاولة أخرى مشروع المشاركة أسماء محبك وأعمالها الفنية من الفسيفساء الصناعية ولوحات طلابها المشاركة معها، كونها منتسبة لمركز فتحي محمد للفنون التشكيلية وانضمت والعديد من المشاركات للدورات التدريبية التي تقيمها الأمانة السورية للتنمية.

لكن، ماذا عن توسيع حلقة التسويق لهذه الصناعات الحرفية الفنية التراثية اليدوية؟..

يبدو من خلال استطلاعنا لأغلب آراء المشاركات أنهن اتفقن على معاناتهن من أسعار المواد الخام التي ترتفع باستمرار، وهذا ما يقلّل من كمية الإنتاج، لذلك، رأيت أن أقترح وجود مركز لمعرض دائم يضمّ منتوجات هؤلاء السيدات كمكان واقعي في كافة المحافظات، إضافة إلى موقع افتراضي على الشبكة العنكبوتية، مع تقديم الدعم المادي لمشاريعهن ما أمكن.

وأخيراً، نذكر أن مبادرة “أرتيزانا السورية” انطلقت منذ عام 2010 لتغيّر وتطور وتدعم واقع الحرف اليدوية والتراثية السورية، وتكون حلقة وصْل بينها والمهتمين، بمساعدة الجهات الرسمية والخاصة ورجال الأعمال، لتكون مهنة حاضرة في حياتنا المعاصرة بهويتها التراثية الجمالية.