ثقافةصحيفة البعث

الحضور الإعلامي والفني في معرض الفنان بشير بشير في الشارقة

ملده شويكاني 

لم يكن معرض الفنان التشكيلي السوري بشير بشير الذي أُقيم في النادي الثقافي العربي في الشارقة بعنوان “اللون بين التكوين والتجريد” رقماً يضاف إلى سلسلة معارضه الثلاثين السابقة فقط، بل حظي بحضور إعلامي وثقافي وفني لافت، ما يعزّز حضور الإبداع التشكيلي السوري ومكانة الفنان السوري المكرّم في أيّ مكان.

وكما قال بشير بشير في أحد لقاءاته عن المعرض الذي انتهى في اليوم الأخير من أيلول الفائت، فإن رسالته هي التواصل بين الشعوب وتبادل الثقافات، فنقلت لوحاته النابضة بروح المدينة والحافلة بالدلالات والرموز والحروفيات والزخرفيات والطبيعة والموسيقا جزءاً من حضارة سورية وبيئتها وملامحها، وتميّزت بغنى عناصرها المركبة المكتظة بالتعابير المجردة من شكّلها الواقعي ضمن إطار تكويناتها المتراقصة بحركاتها الإيقاعية المنسابة مع التناغم اللوني، فحظيت بتأويلات وقراءات مختلفة بين المباشرة الفنية وغير المباشرة والحروفية غير المقروءة والتي وظّفها بشير كعنصر يضاف إلى الفضاء التشكيلي، وامتد في بعضها إلى سلسلة دقيقة متلاصقة تشبه نمط اللغات القديمة بالخط الأسود تشدّ المتلقي لمداخل وعوالم تلتقي مع الثنائيات المشكّلة عنصراً أساسياً في كثير من لوحاته، تتوازى مع رمز النقطتين اللتين تشيران إلى أنواع مختلفة من الاحتواء.

وتبقى المشاعر المختلطة المتناثرة في زوايا لوحاته التي تعجّ بالتشخيص والأنسنة وبالاستعارة حيناً، بادية بالرابط الخفيّ بين كائنات متعدّدة تتصل فيما بينها بحكايات بصرية غير مسموعة، مستفيداً من خبرته السابقة بالمراحل الفنية المتتالية على مدى عقود، وخاصة من البورتريه بتشخيص ملامح غائمة ضبابية توحي بالحدث، ومن زوايا أخرى وظّف الأشكال الهندسية في إيحاءات إنسانية تسرد باللون وبمسار الخط الأسود الذي كان الحدّ الفاصل للتوحد في مواضع والانشطار في مواضع أخرى.

وفي هذا المعرض أفرد للسمكة مساحة ضمن تكوينات فردية وجماعية منوّهاً من خلالها بالأنثى والأرض والحياة المتوالدة، فارتكزت على تدرجات الأزرق وتغيّرات أمواج البحر. كما اتخذ اللون الإيقاع الهادئ في بعض اللوحات، إذ شغل مساحة كبيرة من اللوحة بتركيبة تدرجاته مثل اللوحة التي اتصفت بالخلفية الحمراء، بينما في لوحات أخرى مثل لوحة الموتيفات الثنائية المعبّرة عن رومانسيات وحالات إنسانية يسافر بعضها إلى عوالم جديدة، كان اللون أشبه بأرضية ممتلئة يتسرب بين الفراغات. وكذلك الأمر في لوحته المستمدة من الطبيعة، فرسم في مربعاتها أشكالاً مختلفة من أوراق النباتات وتفرعاتها الصغيرة على خلفية صغيرة باللون الأبيض لتشكّل وحدة صغرى داخل وحدة اللون الكبرى الملوّنة باللون المركب “التركواز”، وهو من الألوان المفضلة للفنان بشير بشير إضافة إلى الأرجواني والبنفسجيات ودرجات الأحمر. ويبقى الهيكل الذي يشبه الجسد هو العنصر الأساسي في لوحات عدة يرمز من خلاله إلى روح المدينة.