صحيفة البعثمحليات

من يضبط الموت المجاني في حلب!

حلب – معن الغادري 

أثار حادث سقوط الشاب العشريني قبل يومين في حي الفرقان، من السرفيس ووفاته على الفور، الكثير من الجدل وردات الفعل من قبل من كان شاهداً على الحادثة المؤلمة، ومن سمع بها، إذ فارق الحياة بعد دقائق قليلة من سقوطه، إثر ارتطام رأسه بين جسمين صلبين، وحدوث نزف دماغي وتهشم في الجمجمة، وذلك وفق تقرير الطبيب الشرعي. ومنهم من ألقى اللوم على الجهات المعنية في المحافظة، والتي لم تجد حتى اللحظة الحلول لأزمة النقل والتزاحم والتدافع على مواقف الباصات والسرافيس، وآخرون عزوا السبب إلى “رخاوة” تطبيق أنظمة وقوانين السير والسلامة العامة، إذ لا يعقل أن يسمح لباص – سرفيس متوسط – مخصص لنقل 12 أو 24 راكباً، أن ينقل ضعفي الرقم من الركاب، ويمر مرور الكرام من أمام دوريات ورجال المرور.

ويقول البعض: إن المشكلة لم تعد تقتصر على قضية الإزدحام والتدافع وتعلق الركاب بأبواب وشبابيك السرافيس والتي أدت إلى وفاة هذا الشاب، وإنما المشكلة الأساس تكمن في الفوضى التي تشهدها حلب عموماً، وفي الضوابط القانونية، والتي من شأنها تنظيم الحياة العامة وتأمين السلامة للمواطنين.

المشكلة الأكبر في عدم اعتراف المعنيين في المحافظة بوجود أزمة نقل، أو أزمات معيشية آخرى، كملف الأمبيرات وفوضى الأسواق، وضعف الخدمات، وغيرها من الملفات الساخنة والحاضرة يومياً، نذكر منها على سبيل المثال، حالات الفساد الإدارية والمالية المستشرية في العمل المؤسساتي، وملف تهريب المحروقات والسوق السوداء والتي بدأت تنتعش أكثر فأكثر، مع قدوم فصل الشتاء، إذ تجاوز وصل سعر ليتر المازوت إلى حوالي 7 آلاف ليرة، وليتر البنزين إلى 8 آلاف ليرة، وأسطوانة الغاز إلى حوالي 100 ألف ليرة، ناهيك عن خروج الأسواق كلياً عن سيطرة الرقابة، فالداخل إليها مفقود والخارج منها مولود.

ما نود قوله وتأكيده أن عداد الموت المجاني في حلب، بدءاً بحوادث انهيارات الأبنية، ومروراً بحوادث الاعتداءات الفردية، وليس آخراً بحادثة وفاة الشاب دهساً، بات أمراً مقلقاً، ويشكل خطراً كبيراً ومحدقاً، ويدلل على ضعف واضح في الإدارة وتطبيق القوانين الناظمة، وهنا الخطر الأكبر والذي يزيد الطين بلة، وهو ما نحيله إلى جهات أعلى من التي تدير الأزمات بحلب، لحل كل المعضلات والغموض التي تلف هذه المدينة، خاصة بعد فشلنا المتكرر في الحصول على أي تفسير واضح لما يجري في حلب من المعنيين، والذين وجدوا في اقتراب انتهاء الدورة الانتخابية لمجلسي المحافظة والمدينة، وبدء دورة جديدة، فرصة للتهرب والتنصل من مسؤولياتهم وواجباتهم.