رأيصحيفة البعث

هكذا تُنتزع الحقوق!!

هكذا تُنتزع الحقوق، وليس عبر الاستجداء، وانتظار الطرف الآخر أن يمنّ علينا بالموافقة على استثمار نفطنا وغازنا، وليس عن طريق اتفاقيات الذل والتطبيع التي جاءت لإطالة عمر الكيان الغاصب وجعل وجوده طبيعياً في المنطقة بعد أن لفظته بشكل واضح عبر سنوات طويلة من الصراع، وبالتالي فإن المقولة الأساسية التي قامت عليها المقاومة تبقى هي الأساس في التعامل مع هذا الكيان ولا شيء غيرها.

قالها سماحة السيّد حسن نصر الله منذ زمن، فسهر العالم أيّاماً طويلة يفكّر في الآلية الصحيحة لتجنّب تهديده بمنع الكيان الصهيوني من استخراج أيّ نقطة نفط من حقل كاريش إذا لم يتمكّن لبنان من الوصول إلى حقوقه في استخراج نفطه وغازه والاستفادة منهما.

اليوم، ورغم أنه انتظر الإعلان الرسمي عن إنجاز الاتفاق، إلا أنه أكد أنه تمّ بالفعل بجهود رجال المقاومة في الأشهر الأخيرة، وليست المسيّرات إلا واحدة من الأساليب المرئية التي قرأها الجميع بشكل واضح، وما خفي عن الإعلام ورآه العدو بعينه أعظم.

والآن يتم إعلان لبنان بشكل رسمي دولة نفطية، ورغم ذلك يعوّل سيد المقاومة فقط على هذا الإنجاز الكبير بعيداً عن المزايدات، لأنه قرأ المشهد الدولي جيداً وعلم أن جميع حلفاء العدو مشغولون بأنفسهم، وهم أنفسهم مشغولون عن دعم أدواتهم في لبنان.

غير أن اليقين لدى الكيان الصهيوني ومن يقف خلفه بأن حزب الله سينفّذ تهديده جعل الجميع يدرك أن الحل فقط يكمن في الإنصات لكلام سيّد المقاومة وأخذه على محمل الجدّ، وأيّاً يكن حجم النصر السياسي الذي أهداه سماحة السيد للبنان، فإنه بالدرجة الأولى نصرٌ ناجز لمحور المقاومة بالكامل الذي يمتّد من طهران شرقاً إلى دمشق وبيروت غرباً، ولا ينتهي عند صنعاء التي استطاعت أن تفرض معادلات جديدة على قوى تحالف العدوان، وجعلت الأمريكي يفكّر كثيراً قبل أن يتجاوز مسألة قدرة المقاومة على تنفيذ تهديداتها بمنع العالم وليس فقط “إسرائيل” من الاستفادة من نفط الخليج، في الوقت الذي تتم فيه سرقة النفط اليمني ويُمنع الشعب اليمني من الاستفادة من مقدّراته، وذلك في ظل أزمة طاقة عالمية خانقة على خلفية العقوبات الغربية المفروضة على روسيا.

لقد كان السيّد نصر الله واضحاً في تأكيد أن رئيس حكومة الكيان الصهيوني عدّ ما حصل إنجازاً، ومهما يكن من أمرٍ فإن لبنان بمعادلته الذهبية “الجيش والشعب والمقاومة”، استطاع أن يجبر الكيان المصطنع على الخضوع لإرادته.

في جميع الأحوال، لا أحد يستطيع أن ينكر أن هذا الإنجاز حقّقته المقاومة، وأنه نصرٌ للمحور بأكمله، ولا يمكن الوصول إليه دون امتلاك أسباب القوة، وقد امتلك حزب الله ذلك بالفعل، وكل محاولات تجيير هذا النصر لأيّ جهة أخرى ستبوء بالفشل لأن الأمر هنا واضح وضوح الشمس، وليس لأحد أن يغطّي الشمس بغربال.

من هنا، إن ما أنجزته المقاومة في المنطقة إنما هو مدماكٌ في بناء النظام العالمي الجديد الذي بدأ بالتشكل بعد بروز بوادر انهيار النظام العالمي السابق الأحادي، وظهور قوى جديدة في هذا العالم ستفرض كلمتها واحترامها، والمقاومة في المنطقة واحدة من هذه القوى.

طلال ياسر الزعبي