مجلة البعث الأسبوعية

الثروة الحيوانية في الجزيرة السورية تحتضر في ظل التهريب والجفاف وتكاثف الجهود ضرورة للحفاظ عليها

البعث الأسبوعية – إسماعيل مطر

واجهت الثروة الحيوانية في محافظة الحسكة ظروفاً قاسية وصعبة نتيجة تداعيات الحرب الكونية الظالمة على سورية والحصار الاقتصادي المفروض وكغيرها من القطاعات الإنتاجية تركت الظروف آثار السلبية على أعدادها التي عانت طيلة السنوات الماضية من عمليات التهريب الممنهج إلى دول الجوار من قبل التنظيمات الإرهابية المسلحة يضاف إليها عامل الجفاف الذي أثر في واقع نمو المراعي والمساحات الخضراء .

بالأرقام :

أنجزت مديرية الزراعة في محافظة الحسكة إحصاء مكتبياً خلال العام الماضي بسبب عدم مقدرتها على إجراء الإحصاء الميداني نتيجة لوجود التنظيمات الإرهابية المسلحة في بعض مناطق ونواحي المحافظة  وكما هو معلوم بأن الجزيرة السورية تشتهر بتربية الثروة الحيوانية وفي مقدمتها تربية الأغنام العواس،إذ سجلت إحصائية مديرية الزراعة وجود  مليون وأربعمائة ألف رأس من الأغنام العواس منها 121  ألف رأس في مناطق سيطرة  الدولة السورية  وتواجدها  في قرى خويلد والسيباط وقرى نفاشة وقرى ريف ريف تل براك  شرق مدينة الحسكة و قرى ريف تل حميس بمدينة القامشلي،  بينما حازت تربية الماعز على المرتبة الثانية نظراً لتحملها ظروف الحر والجفاف فقد بين  الإحصاء وجود 158  ألف رأس منها  13500  داخل السيطرة  في وقت حصل تربية الأبقار على المرتبة الثالثة وسجل الإحصاء 72ألف    منها 11  ألف داخل السيطرة    .

 

حيوانات نادرة

لعل الشيء اللافت للنظر  والذي  تشتهر به منطقة الجزيرة السورية وجود حيوانات نادرة مثل الغزلان المنتشرة في الطبيعة أو الموجودة في المحميات  حيث كانت محمية منطقة جبل عبد العزيز   جنوب غرب مدينة الحسكة وكانت البداية بتربية 6  رؤوس من الغزلان ثم  تكاثرت حتى وصلت إلى 600  رأس وهذا النوع من الثروة الحيوانية انقرض بشكل شبه نهائي بعد إغلاق المحمية اثر خروجها عن السيطرة منذ عدة سنوات .

ولم تك الخيول العربية والجواميس والإبل ليست بأفضل حالاً،فعلى الرغم من أن للخيول العربية الأصيلة ” أصيلة النسب ” وتربية الجواميس والإبل اهتماماً خاصاً من قبل مربي الثروة الحيوانية إلا أنها واجهت الكثير من التحديات أهمها الجفاف وارتفاع وغلاء أسعار المواد العلفية وندرتها في حين اشتهرت  حارة طي بمدينة القامشلي بتربية الجواميس وكانت أحد مصادر الدخل لعدد كبير من الأسر التي تعمل في تربيتها من خلال بيع مادة   ” الكيمر ” والذي تشتهر به مدينة القامشلي ،علماً أن العدد الموجود من هذه الحيوانات يقدر ب 5200  وسجلت حارة طي لوحدها 3550 رأساً   أما فيما يتعلق بتربية الخيول العربية الأصيلة فمعظم الخيول  يكون   تواجدها خارج السيطرة   ويقدر عددها قرابة  2200  رأس وهناك اهتمام واضح وكبير من قبل المربين لما يعتبرونه أرثاً تاريخياً للآباء والأجداد لا يمكن الاستغناء عنه وهناك حالة من التنافس من المربين  على تربيتها وخصوصاً في المناطق الشمالية من المحافظة وللخيول العربية الأصيلة  أسماء عديدة  منها الكحيلة والمعنقية والصقلاوية والشويمة والعبية والحمدانية

لم يسجل إحصاء

من جهته بين المهندس علي خلوف الجاسم مدير زراعة الحسكة بأنه لم يسجل إحصاء حقيقي للثروة الحيوانية منذ عام   2009  أما الإحصاء الأخير فكان إحصاء مكتبي بسبب الظروف التي ذكرناها مؤكداً  بأن الحرب الكونية الظالمة طالت البشر والحجر ومنها الثروة الحيوانية من خلال عمليات التهريب الممنهجة إلى خارج القطر بسبب الانفلات الأمني الذي أوجدته التنظيمات الإرهابية المسلحة خلال السنوات الأخيرة نتيجة الحرب إضافة  إلى ظروف الجفاف وما تبعه من قلة الأمطار وندرة المراعي لهذه الثروة الحيوانية وارتفاع أسعار المواد العلفية وتدني أسعار هذه الثروة بالنسبة لمربيها والتي أصبحت أسعار موادها العلفية أغلى من أسعار الحيوانات ذاتها .

 

الدواجن أيضاً                                    

لم يكن وضع  الدواجن أفضل حظاً بسبب الظروف التي ذكرت ” سابقا ” وعزا مدير الزراعة  تراجع أعداد المداجن إلى  قطع الطرق البرية ما بين المحافظة والمحافظات الأخرى ،إضافة إلى الشروط الطبيعية ” الجوية ”  والفنية المتعثرة ومنها ارتفاع درجات الحرارة وعدم انتظام التيار كهربائي  الذي ساهم إلى حد كبير في القضاء على الصيصان  مما شكل حالة من العزوف على تربيتها  .

وتشتهر المحافظة بالمناطق الخضراء كمنطقة جبل عبد العزيز ،إذ كانت تعتبر  ملاذاً آمناً لمربي الثروة الحيوانية  حيث تقدر مساحتها قرابة   84  ألف هكتاراً منها  35  ألف هكتاراً غطاء اخضر بنوعيه الطبيعي والاصطناعي حيث تبلغ مساحة الغطاء الاصطناعي 21  ألف هكتار و 14  ألف هكتار طبيعي حيث شكلت هذه المساحات  رقعة خضراء لمربي الثروة الحيوانية   ولاسيما في فترة الربيع ، إضافة إلى بعض المناطق جنوب المحافظة ومنها قرى أبو فاس وتل الشاير والطرمبات والحداجة وقرى ال 47  وهداج وقرى ناحية مركدة.

قلة الأدوية

ولم يخف مدير الزراعة صعوبة  تأمين الأدوية البيطرية من المركز ” العاصمة ” للمحافظة ،إضافة إلى عدم إمكانية شحنها براً نتيجة صعوبة الطرق البرية وتقطعها  مما  شكل سببا إضافياً لتهديد الثروة الحيوانية كون هناك طلباً متزايداً عليها ،مع عدم كفاية  البرادات ” الحاضنات ”   المخصصة بالحفاظ عليها، علماً  أن تلك الكميات التي تصل للمحافظة لا تكفي حاجة   20  بالمية من حاجة مربي الثروة الحيوانية،مبيناً أنه تم تأمين  قرابة  50  ألف جرعة دمية و60  ألف جرعة قلاعية خلال الفترة الماضية .

الاهتمام واجب

لقد أصبح الاهتمام بالثروة الحيوانية واجباً يتطلب تضافر كافة الجهود الحكومية والأهلية من خلال تأمين الكميات الكافية من المواد العلفية وزيادة  عدد الدورات العلفية وتنوعها  وتوفير المراعي والمساحات الخضراء والحفاظ عليها وتأمين الرعاية الصحية والأدوية البيطرية للمربين وفي مختلف مناطق المحافظة .