مجلة البعث الأسبوعية

دراسة تظهر  فعالية تقنيات حصاد المياه لجهة تحسين الإنتاجية وزيادة خصوبة التربة

البعث الأسبوعية – ذكاء اسعد

تفرض تقنية حصاد المياه نفسها كخيار لا بد من اعتماده في ظل تدهور الواقع المائي، لاسيما وأنها تقوم على الاستفادة من كل قطرة من مياه الأمطار الهاطلة على الأرض لأغراض الري من جهة، وأنها تقنية ضاربة بالقدم وقد سبق لدول عدة أن استخدمتها منذ آلاف السنين من جهة أخرى.

أهم النظم

ويبين معاون مدير زراعة حماة الدكتور صطام الخليل أن استخدام تقنية حصاد المياه يقلل من الضغط على المصادر المائية الأخرى كالمياه الجوفية في المنطقة التي تعاني أساساً من ندرة الموارد المائية، مشيراً إلى أن نظام الأسطح أو أسقف المنازل لحصاد المياه، يعد من أهم النظم التي تم استخدامها بنجاح في سورية في مناطق السويداء والقنيطرة ودرعا وادلب واللاذقية وطرطوس وحماه، حيث يتم هذا النظام عن طريق تجميع مياه الأمطار الهاطلة على سطوح المنازل باستخدام أنابيب جانبية مثبتة على طول جوانب السقف لتنقل المياه عبر أنابيب شاقولية إلى خزان سطحي أو ضمن التربة.

خطوات

ويؤكد  الخليل أن الحكومة السورية قامت بتنفيذ العديد من السدود والحفائر، إضافة إلى البرامج المتعلقة بتطوير استخدام تقنيات حصاد المياه، ومنها مشروع التنف الذي يهدف لتأمين مليون متر مكعب كمتوسط سنوي من خلال الموارد المائية السطحية واستثمار الجريان السطحي لوادي مديسيس لزيادة معدلات رطوبة التربة وتحسين المراعي الطبيعية في المنطقة من خلال إنشاء حواجز نشر المياه السطحية والشرائط الكنتورية وأحواض التجميع الصغيرة، ومن المحاولات الناجحة والمتعلقة بإعادة تأهيل المراعي كان مشروع undp لدعم التنوع الحيوي والأصول الوراثية في السويداء حيث تم إدخال تقنيات حصاد المياه في المناطق الرعوية وتطبيق تقنيات السدات الحجرية مع منع انجراف التربة تزامنا مع إعادة تأهيل المراعي المتدهورة وتحسينها عبر إضافة السماد الفوسفاتي ونثر البذور الرعوية المحمية المتأقلمة في بيئة الموقع وتطبيق أساليب حماية المرعى.

تشاركية

أوضح الخليل أنه تم البحث والدراسة لموقع الديبة في بادية حماه لتقييم دور تقنيات حصاد المياه في تحسين الغطاء النباتي الرعوي في البادية وتم اتباع منهج التشاركية المعتمدة على إشراك المجتمع المحلي في عمليات التخطيط والتنفيذ لتقنيات حصاد المياه، وتم تطبيق ثلاث تقنيات وهي الأقواس الهلالية والخطوط الكنتورية والحفر الصغيرة، وتم اختيار مسافات متعددة في كل تقنية وزراعة ثلاثة أنواع  من الشجيرات وهي الرغل الملحي والرغل أبيض الفروع والروثا، وأظهرت الدراسة فعالية تقنيات حصاد المياه في تحسين وزيادة الإنتاجية من خلال زيادة خصوبة التربة.

لا زالت حاضرة

يؤكد الخليل قدم هذه التقنية حيث استخدمت في العراق منذ أكثر من 5000 سنة،  كما استخدمت في الهند والصين منذ أكثر من 4000 سنة، إضافة إلى السودان التي استخدمتها في القرون الثلاث الأخيرة لكن بشكل محدود لأغراض الزراعة وسقاية الحيوان، أما في سورية فقد تم  استخدامها منذ العهود القديمة والأولى للحضارات الإنسانية خاصة سكان المناطق الجبلية ومن أمثلتها المتعددة سد خريقة في وادي البارة، وأنها كانت متبعة قديماً ومتواجدة على طرق القوافل بما يسمى الآبار الرومانية لما لها من أهمية كبيرة في استمرار الحياة في بعض المناطق وهي مستخدمة حتى الآن في البادية المغربية لسقاية المواشي، لكن التقنيات المحدثة مؤخراً آلت إلى ابتعاد البشر نسبياً عن تقنية حصاد المياه، إلا أننا نلاحظها حتى يومنا هذا في بعض القرى التي مازالت تعتمد على آبار الجمع لتوفير حاجتها من المياه.

أساليب متنوعة

تتنوع طرق وأساليب حصاد المياه لكن أكثرها استخداما تلك التي تعتمد على أحجام  المستنقعات، حيث يؤكد الخليل أن طرائق المستجمعات الصغيرة يتم فيها تجميع المياه السطحية الجارية من منطقة مستجمع صغير تنساب منه المياه إلى مسافة قصيرة، وتضاف عادة المياه الجارية إلى منطقة زراعية ليتم تخزينها إما في منطقة الجذور ليستخدمها النبات مباشرة أو يصار إلى تخزينها في حوض صغير لاستخدامها فيما بعد.

التقاط الجريان

وتأتي النظم المعتمدة على مستوى المزرعة كثاني أسلوب من أساليب حصاد المياه ويتلخص هذا النظام بالتقاط مياه الجريان السطحي من المنحدرات إلى المزرعة بشكل مباشر للري، ويؤكد الخليل أن هذا النظام يمكن استخدامه في البادية السورية والمناطق المجاورة التي لا تتعدى هطولاتها المطرية السنوية 250 مم ولهذا النظام عدة طرق منها المتون الهلالية وهي “حواجز”، أو متون على شكل هلال تكون مواجهة لأعلى المنحدر بشكل مباشر ويتم إنشاؤها على مسافات تتيح لمستجمع كاف القيام بتجهيز مياه الجريان المطلوبة فتتجمع أمام المكان الذي تزرع به النباتات، والطريقة الأخرى هي طريقة المتون الكنتورية أو مايسمى متون الكفاف وهي حواجز ترابية ذات ارتفاعات مختلفة حسب درجة ميل الأرض يتم إنشاؤها على طول خطوط الكنتور، تبعد الواحدة عن الأخرى بين 5 إلى 20 م وتتركز الزراعة أعلى المتن حيث الرطوبة تكون مرتفعة بسبب عملية حجز مياه الأمطار، وهناك أيضاً عدة طرق تعتمد على مستوى المزرعة كإقامة مجموعة أو سلسلة من الحفر الصغيرة بغرض تجميع جزء من مياه السيول والأمطار فيها لزيادة استفادة النباتات منها، وأحواض الجريان السطحي الصغيرة والتي تعد من أهم طرق حصاد المياه فهي عبارة عن أحواض ذات أكتاف ترابية وميل محدد بحيث يكون كل حوض مخصص لزراعة شجرة، أما المدرجات والتي تسمى المصاطب أيضاً فهي إحدى التقنيات المعروفة لحصاد مياه الأمطار في سفوح الجبال.

مستجمعات

ومن الطرق والأساليب التي تعتمد على حجم المستنقع نظام طرائق المستجمعات الكبيرة إذ تقوم على جمع مياه الجريان من مستجمع كبير نسبيا وتبعا لموقع المنطقة المستهدفة، والأقواس الهلالية وهي حواجز أو حواف ترابية على شكل قوس أو هلال وتكون مواجهة لأعلى المنحدر بشكل مباشر يتم إنشاؤها على مسافات تتيح تجميع مياه الجريان أمام حاجز زراعة النباتات مباشرة ويمكن استخدام هذه التقنية فوق الأرض المنبسطة مع إمكانية استخدامها أيضا فوق المنحدرات وتستخدم هذه الحواجز بشكل رئيسي من أجل إعادة إحياء المراعي الطبيعية ولإنتاج الأعلاف ويمكن استخدامها أيضا لزراعة الشجيرات والأشجار.