ثقافةصحيفة البعث

عازفة البيانو لين جناد ودمج أنماط موسيقية وابتكارات بقيادة معلولي

ملده شويكاني 

خطوة في الحلم حقّقتها عازفة البيانو لين جناد في أمسيتها الجديدة بمرافقة أوركسترا أورفيوس بقيادة المايسترو أندريه معلولي على مسرح الأوبرا. وتعدّ متابعة لمشروعها الموسيقي الخاص الذي أطلقته العام الماضي بتقديم مقطوعات الموسيقا الكلاسيكية بروح جديدة وتوزيع جديد يعتمد على دمج أنماط مختلفة من الموسيقا بين الفالس والسوناتا وألوان الموسيقا اللاتينية وكلاسيك، إضافة إلى الموسيقا التصويرية، بالاعتماد على تداخل مجموعة كبيرة من الإيقاعيات مع تشكيلة الأوركسترا موظّفة آلة البيانو لإظهار أبعاد صوتية متعدّدة، بتوزيع الموسيقي ناريك عباجيان.

كما ارتبط العزف بالعرض البصري الراقي (إخراج أدهم سفر وغرافيك نادين الهبل) المبهر بتقنيات الإضاءة والإيماءات البصرية الطفيفة المرتبطة بدلالة اللون، والذي كان الركيزة الأساسية للخلفية بتناوب وفق خصوصية المقطوعات بين الأزرق والأحمر والأخضر والأصفر، لتبقى لوحة القمر هي الأجمل.

وكان لأوركسترا أورفيوس بقيادة المايسترو أندريه معلولي دور كبير في إنجاح العمل، ولاسيما أنها تتصف بسحر خاص من حيث الأداء والترتيب. ومن خلال التمازج والتداخل بين العزف المنفرد على البيانو، ولاسيما في بداية مقطوعات عدة، والآلات المختلفة التي بدت متشابكة بنسيج محكم، وبدور النحاسيات وآلات النفخ الخشبية، وبفواصل صغيرة زادت من جمالية التوزيع مثل الترومبيت والباصون، كما حفلت الأمسية بمشاركة الكورال وبمفاجأة غير متوقعة. فكانت البداية مع فالس “الدانوب الأزرق” بتداخل ألحان الأوركسترا، ثم العزف المنفرد للبيانو والعودة مع الأوركسترا بتصاعد لحني للباصون والإيقاعيات وصولاً إلى القفلة المتصاعدة بمتتالية إيقاعية، أما مقطوعة “باسكاليلا” فاستُهلت بالعزف المنفرد، ومن ثم مع الفرقة وبتداخل جميل جداً بين الإيقاعيات والبيانو.

اللحن المميّز كان بمقطوعة “من أجل إليز” لبيتهوفن، مضى بامتدادات وترية شفافة مع نغمات رقيقة للبيانو، ثم تشتد الحالة الدرامية بدور النحاسيات ولاسيما البوق.

الموسيقا التصويرية كانت حاضرة من خلال موسيقا “ناركوس” وبدمجها مع مقطوعة فايور بافاني، وبمشاركة الكورال بالغناء باللغة الإسبانية أغنية “تو يو”، فامتزج العزف المنفرد على البيانو مع اللون الأحمر، تلتها وقفة حادة للبيانو مع الإيقاعيات الخافتة، ثم العزف الرقيق والتصاعد اللحني مع الفلوت.

موزارت وإيقاع الجمهور

الفاصل بالأمسية كان باللحن القريب جداً من الجمهور، سمفوني موزارت رقم -40- والتي بُنيت عليها أغنية فيروز “يا أنا يا أنا” فاشترك الجمهور بالتصفيق مع الإيقاعيات ومضى اللحن الشائق بتداخل. ومن التراث الإيطالي غنّى الكورال “بيلا تشاو” مع الأوركسترا والبيانو، وتميّزت بالقفلة الجماعية القوية.

سوناتا بيتهوفن رقم “17” أضفت على الأمسية بهاء بالعزف الهادئ المطوّل على البيانو على وقع تأثير الصورة البصرية للقمر وتدرجات ألوان الغروب، ومن ثم تصاعد الإيقاعيات مع البيانو ودور آلات النفخ الخشبية والوتريات.

إيقاع شرقي وتراث

المنعطف بالأمسية هو المفاجأة غير المتوقعة والتي كانت متخوفة منها لين جناد، إلا أن تفاعل الجمهور معها عبّر عن نجاحها، إذ دمجت أنماطاً بعيدة جداً بين الشرق والغرب، بين مقطوعة الربيع لفيفالدي ومن ثم إيقاعات سريعة، ليتمّ الانتقال المفاجئ إلى لحن شرقي يتخلله فاصل مطوّل على إيقاع الطبلة مع تصفيق الجمهور المدهش بهذا الانتقال، ثم غناء الكورال من التراث أغنية “فوق النخل” تخللها فاصل الترومبيت، ثم الانتقال إلى “حالي حالي حال” على وقع تأثير التيمباني والأوركسترا.

جيل اليوم

وعلى هامش الأمسية تحدثت “البعث” مع لين جناد، فأوضحت أنها تعمل على إحياء الأعمال العالمية التي تتصف برصانتها وجديتها برؤية جديدة خاصة بها، بمزج أنماط وإيقاعيات مختلفة وبإعادة توزيع لتقدم كقطعة مختلفة عن الأصل، لكي تكون أقرب إلى جيل اليوم، الذي يحتاج إلى سماع موسيقا تشبهه، وتواكب التطور مثل السوشل ميديا وكل المجالات.

وستتابع جناد مشروعها الخاص، ومن المتوقع أن تقدّم لاحقاً مقطوعات من مؤلفاتها.