أخبارصحيفة البعث

هل ستنجو ألمانيا من شتاء على الأبواب؟

تقرير إخباري:

يبدو أن القارة العجوز تتحضّر للتجمّد وهي على أبواب شتاء يعدّ الأصعب من نوعه، وخاصة مع نقص إمدادات الغاز الروسي الذي كان يشكل 30% قبل العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا، وبات اليوم لا يمثل سوى 6%، ومن بين هذه الدول ألمانيا التي تتحضّر هي الأخرى للتجمّد بشكل أنموذجي أو تتجمّد من أجل الشعب في ظل ارتفاع أسعار الطاقة.

التخبط الألماني بدا واضحاً من خلال الحلول الإسعافية التي تسارع الحكومة الألمانية إلى إصدارها بغية تجاوز الشتاء بأقل الخسائر من خلال الدعوات المنتظمة بغية التوفير وذلك ابتداء من الشهر القادم، إذ إن البرد القارس بدأت آثاره تظهر على المسؤولين قبل العامة، وذلك على لسان رئيسة الرابطة الفدرالية للطاقة والموارد المائية التي قالت: “إنه في الساعة السادسة صباحاً كان معظمنا جالساً في معاطف وأوشحة”، وهذا دليل قاطع على أن “بداية الرقص حنجلة” أي كيف الحال في الشتاء إن كان الوضع الآن هكذا؟.

ليس هذا فحسب، بل حتى المقر الرئاسي طاله البرد حيث تم السماح للموظفين بطلب البطانيات الصوفية وفق ما ذكرت صحيفة دير شبيغل الألمانية، مضيفة: إنه في الأيام الباردة يجلسون على طاولات ملفوفين بهذه البطانيات، ومن الممكن أن يصبح هذا المشهد مألوفاً في الشتاء القادم.

الحكومة المتخبطة أصدرت قراراً يوجب خفض استهلاك الطاقة على نحو السرعة، فارضة على الموظفين التعامل مع “فقدان الراحة” في الوقت الحالي، كما تخطط لإغلاق المكاتب الحكومية في برلين وبون من خلال زيادة عدد المكاتب المنزلية ومساحات العلم المتنقّلة، كما لجأت إلى تشغيل محطات توليد الكهرباء على الفحم رغم أنه أمر مرير ولكنه ضروري وفق وزير الاقتصاد الألماني.

ومن مفارقات الحياة ما تغنى به الكثيرون عند هجرتهم إلى أوروبا وتحديداً ألمانيا من الرفاهية التي يعيشها الشعب، فما بالك بالمسؤولين وكبار الزوار؟، إذ انقلبت الآية وطالت آلية التوفير التي انتهجتها الحكومة الألمانية الدبلوماسيين والزوار الأجانب أيضاً من خلال تقليل إمدادات الماء الساخن بشكل كبير، أي أصبح على كبار الضيوف الغسيل بماء بارد وفق ما ذكرت الصحيفة؟. فبعد أن خفّضت روسيا إمدادات الغاز إلى الاتحاد الأوروبي وتوقّف الضخ عبر أنابيب “نوردستريم1” المتجهة إلى ألمانيا إثر عنجهية الغرب ولعبه بالنار التي بدأت تحرقه، ذهب المواطنون للبحث عن بدائل رخيصة ومصادر تقليدية للتدفئة للتحضّر للشتاء من خلال الحطب وأخشاب الغابات التي بدأت ترتفع نسبتها على خلفية ارتفاع أسعار الخشب، فوقعوا ضحية “المتاجر المزيفة” التي انتشرت على الانترنت ومواقع التواصل الاجتماعي وخسروا بالملايين، كما أثر انقطاع الغاز الروسي في قطاع الصناعة الذي يميّز ألمانيا ويمنحها بصمة خاصة بامتياز، فطال الشركات الكبرى وتقلّصت استثماراتها بشكل كبير، وثمة احتمال ألا تعود دولة صناعية في المستقبل القريب وفق ما أعلن نائب رئيس اتحاد الصناعات الألماني.

ورغم كل الطرق والأساليب التي تنتهجها الحكومة الألمانية وتسابق الزمن بغية الحفاظ على ماء وجهها والوقوف صامدة في وجه تجمّد لابدّ منه، يرى محللون أنها إذا قُدّر لها أن تجتاز الشتاء القارس فهي ستحتاج حكماً إلى نور في آخر النفق.

ليندا تلي