أخبارصحيفة البعث

من هو ريشي سوناك المليونير المحافظ

تقرير إخباري:

انسحب بوريس جونسون رئيس الوزراء الأسبق، وانسحبت بيني مورداونت زعيمة الأغلبية في مجلس العموم، ليفوز ريشى سوناك وزير الخزانة السابق بالتزكية بزعامة حزب المحافظين، وبالتالي برئاسة الوزراء في سابقة لم يشهدها معقل الديمقراطية والحرية في العالم.

كان متوقّعاً لصاحب لقب “الجذاب” في بريطانيا أن يأتي في يوم من الأيام خلفاً لجونسون، لكن هذه الجاذبية ليست كافية للنهوض بالاقتصاد في أحلك الظروف التي يمرّ بها ملايين البريطانيين.

وُلد سوناك في ساوثهامبتون، جنوب غربي إنكلترا، لعائلة متوسطة تغيب عنها السياسة، حسب سوناك نفسه الذي كان لا يعلم إلى أي حزب يصوّت والده الطبيب ووالدته الصيدلانية. تلقّى سوناك تعليمه في كلية وينشستر الداخلية الخاصة المعروفة بقدرتها الخفية على تأهيل طلابها لدخول جامعتي أوكسفورد وكامبريدج. كانت الطبقة الاجتماعية من حيث الثراء والتعليم تتفوّق أحياناً على العرق واللون، وهو ما حفّز سوناك في سن مبكرة، حيث قال في إحدى المقابلات عندما كان في أحد المطاعم: “إنها المرة الوحيدة التي رنّت في أذنه الكلمة الأسوأ على الإطلاق في الثقافة البريطانية المناهضة للعنصرية “باكي” وهي اختصار لباكستاني، التي يطلقها العنصريون من البيض على كل الأعراق الأخرى كالهنود والباكستانيين والشرق أوسطيين”.

لم يأخذ سوناك في عين الاعتبار هذه العنصرية، ومنعه بالتالي من فرصة العثور على حياة جديدة وأحلام لا حدود لها، فقد اختار لاحقاً أن يكون “محافظاً” في حكومة لا تخفي “عنصريتها” تجاه الآخر. ثم أيّد خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي في استفتاء عام 2016 قائلاً: “إن هذه الخطوة ستجعل بريطانيا أكثر حرية وعدالة وازدهاراً”، متحدّثاً عن ضرورة ضبط الحدود في وجه المهاجرين “غير النظاميين” حفاظاً على الأمن والسلام.

كان سوناك يقضي معظم أوقات فراغه، حسب زملائه، في نادي الاستثمار يراهن على الأسهم، لكنه وفقاً لأساتذته كان عنيداً، وصلباً.

انضمّ سوناك إلى المصرف الشهير “غولدمان” بعد تخرّجه من جامعة أوكسفورد في الاقتصاد والسياسة والفلسفة، ومن ستانفورد في الولايات المتحدة الأميركية في إدارة الأعمال.

أضحى حسب المقرّبين منه مليونيراً في منتصف العشرينيات، وهنا أيضاً تبرز سيرة سوناك كقصة نجاح طبقة معينة، ضمن وسط تعليمي محدّد يطلق عليه اسم “أوكسبريدج”، حيث يكون خريجو هذا الوسط قد تلقى تعليمه في واحدة من بين أقدم الجامعات في بريطانيا أوكسفورد أو كامبريدج، وهذه النخبة هي عادة من تدير البلاد تاريخياً.

سحر سوناك، في بداية حياته العملية، المستثمرين بلباقته وسلاسة أفكاره، حيث يقال إنه كان بارعاً في إقناع المستثمرين بالتخلي عن أموالهم. انتخب نائباً في “حزب المحافظين” للمرة الأولى عام 2015 عن ريتشموند، شمال يوركشاير معقل المحافظين، ولم يدخل أروقة السياسة إلا بدافع تعزيز المكانة بعد أن تضاعفت ثروته بزواجه من أكشاتا مورثي، ابنة أحد مؤسسي عملاق تكنولوجيا المعلومات في الهند “إنفوسيس”، وهي ما تسمّى ثنائية المال والسياسة.

وبالتالي بات سوناك أغنى أعضاء مجلس العموم البريطاني، وتقدّر ثروته بـ200 مليون جنيه إسترليني، في حين تقدّر ثروة زوجته بـ700 مليون دولار لتكون بذلك أغنى من الملكة إليزابيث التي قدّرت ثروتها الشخصية قبل وفاتها، وفقاً لصحيفة “ساندي تايمز”، بـ441 مليون دولار.

عيّن سوناك وزيراً للمالية، حين كانت بريطانيا تشهد جائحة كورونا، وبداية الانهيار الاقتصادي الذي شهدته معظم القطاعات في كل أنحاء العالم، وهو ما عزّز الشكوك بقدرته على مواجهة أزمة اقتصادية غير مسبوقة.

كان يعتقد أن ثراءه قد يعيقه عن فهم واقع الفقر في بريطانيا، وتقديم المساعدة التي يحتاج إليها الملايين لتغطية نفقاتهم، إلا أنه قدّم ميزانية تقدّر بـ30 مليار جنيه إسترليني من الإنفاق الإضافي، مخصّصاً 12 ملياراً منها للتخفيف من الأثر الاقتصادي للوباء.

ثم قدّم ميزانية طارئة بقيمة 330 مليار جنيه إسترليني لدعم الشركات والموظفين المتأثرين من الجائحة، وقام بتمديد خطته هذه عدة مرات خلال الوباء، حيث إن شعبيته ازدهرت مع الخطة التي طرحها لدعم أصحاب المطاعم والمقاهي الذين تضرّرت أعمالهم بسبب الإغلاق من جهة، وبسبب تراجع القدرة الشرائية للزبائن من جهة أخرى.

يُذكر أنه قبل يومين من البداية الرسمية لحملة القيادة في “حزب المحافظين” في حزيران 2019، شارك سوناك مع أوليفر دودن، وروبرت جينريك في كتابة مقال بعنوان: “المحافظون في خطر.. وحده بوريس جونسون قادر على إنقاذنا”، وكوفئ الرجال الثلاثة بمناصب حكومية رفيعة، وبات سوناك السكرتير الأول للخزانة، ليكون اليوم رئيساً للوزراء.