مجلة البعث الأسبوعية

دورات صيانة الأجهزة الإلكترونية مشروع لتمكين جرحى الحرب في ريف دمشق

ريف دمشق – أماني فروج

ينتظر بشار عُرابي ابن الأحد عشر عاماً يومي السبت والخميس من كل أسبوع، يستقيظ مبكراً يرسم ابتسامة من الطفولة على وجهه يسرح شعره ويرافق والدته إلى دورة تعليم صيانة الدارات الاكترونية التي يقيمها فرح ريف دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي في مدينة دوما.

سؤال يرواد الذهن مباشرة كيف لطفل بهذا العمر أن تستهويه هذه المهنة ليتعلمها، فيأتي الجواب على لسان بشار، “خلال سنوات الحرب أصبت بشظية في قدمي إثر سقوط قذيفة أطلقتها المجموعات الإرهابية التي كانت تحتل مدينتنا، قرب مكان تواجدي لكن الإصابة الأعمق هي تلك التي أصابت قلبي بفقدان والدي”.

ويتابع بشار بحروفه البريئة: “أحمل على عاتقي إعانة أمي وأخواتي الأربع وأتمنى أن أصبح مهندساً كهربائياً في المستقبل، وهذه الدورة أعطتني فكرة عن وصل الدارات الكهربائية البسيطة وإصراراً كبيراً على مواصلة الطريق إلى حلمي وبت أطبق بعض التجارب النظرية عملياً في المنزل”.

والدة بشار تجلس بقربه تلقنه بعض الملاحظات لتلفت انتباهه إلى أهمية هذه المعلومة من تلك وتتعلم معه الأسس لإصلاح الأجهزة الكهربائية والإلكترونية وأوضحت في حديثيها للبعث أنها بغياب زوجها كان أمراً صعباً، حملها وأطفالها أعباء إضافية، فكان لا بد لهم من التعلم وإيجاد سبل للعيش الكريم بعد ان حل الأمان في المدينة، فكانت هذه الدورة التي تمت دعوتهم إليها عبر قيادة فرقة الحزب في المدينة منفذاً ليتعلم طفلي بشار مهنة منذ الصغر تساعده على أن يعنني وإخوته على أعباء الحياة، وتنشط حلمه بأن يصبح مهندساً.

واحد من أبرز ما يلفت الانتباه، وجود وتخصيص مرافقين لذوي الاصابات التي تحمل نسب عجز تتطلب العناية أو المساعدة، حيث يختار كل جريح من هؤلاء مرافقا له إما من ذويه أو غير ذلك ليكون معين له ومتفرغ لخدمته.

القائمون على الدورة أكدوا لمجلة “البعث الأسبوعية” أن ضمن هذا المشروع ساهم بجزء صغير ضمن خطة أعدت لدراسة واقع جرحى الحرب في 12 منطقة في ريف دمشق، في ظل وجود إحصائية رقمية توصف حالة الجرحى المصابين ممن يمتلكون الإرادة المتوهجة وقوة البصر والقدرة على تحريك الأطراف العُلوية مشيرين إلى وجود مشاريع مستقبلية.

وتمتد خطة عمل المبادرة لتشمل مناطق ريف دمشق من مدينة قارة إلى جبل الشيخ بهدف افتتاح دورات في عدة مناطق كانت قد أدرجت ضمن عام الغوطة البرنامج الذي يتضمن السبعة والثلاثين بنداً.

وكانت المبادرة انطلقت من شعبة الغوطة الغربية حيث خضع لهذه الدورة 37 جريح وطن و16 مرافق، تعلموا مهنة إصلاح أجهزة الكومبيوتر والكهربائية والتقنية بدروس تعليمية وتطبيقية والأمثلة الحية بحدود عشرة محاضرات خلال شهر ونصف الشهر ووضعوا على سكة التأهيل الأعلى وزودوا بأجهزة إصلاح على نفقة فعاليات اقتصادية داعمة للمشروع ومشاركة أخصائيين في الدعم النفسي والأمانة السورية للتنمية وبعض المصارف الخاصة وأطباء حريصين على أبناء الوطن.

وقد تم في الدورة الأولى منح كل متدرب مصاب في يوم التخرج شهادة مصدقة من الاتحاد العام للحرفيين معترف عليها داخل سورية وخارجها ويسعى القائمون على الدورة لتأمين فرص عمل للمتدربين من خلال المشاريع الصغيرة ومتناهية الصغر وإيجاد ساحات عمل بالتعاون مع المجتمع المحلي والإدارة المحلية لتأمين فرص عمل.

ويلمس المشرفون مدى التطور والتقدم الملحوظ في خبرات المتدربينخاصة وأنهم تعرضوا لإصابات أثناء قيامهم بالتصدي للمجموعات الإرهابية المسلحة، أثرت على القدرات الحركية لهم وتركت أثرا نفسيا لديهم إلا أن الإرادة والتصميم لدى عدد من جرحى الجيش السوري لتحقيق النجاح والانتصار لم تك فقط في ميدان المعركة بل على صعيد العمل الإنتاجي اليدوي.

خليل شيشكلي مسؤول القسم الفني في فرع ريف دمشق للحزب تحدث عن الهدف من هذه السلسة من الدوراتالمتمثل في تعليم صيانة الداراتالإلكترونية لجرحى الحرب اصحاب الهمم العالية ضمن مناطق ريف دمشق حيث بدأت أولى الدوراتفي شعبة الغوطة الغربية في منطقة ببيلا ضمت عدد 43 جريح و مرافق جريح وكانت مدتها شهر و نصف تم من خلالها تعليم مهنة صيانة الدارة الكترونية و طريقة فحص العناصر و طريقة التعامل معهاوعلى هامش الدورة تم العمل على تركيب اطراف صناعيه لجرحى الحرب بمساعدة احد المنظمات الإنسانية، وقام جانب من الأمانة السورية أيضا بمساعدة الجرحى فيما يخص أمور الاحوال المدنية واستكمال اوراق الهويات ودفاتر العائلة لأسرهم، والتقت جمعية المرأة السورية مع نساء الجرحى وقدمت لهم الدعم ضمن مشاريع المساعدة لتحسين ظروف معيشتهم من خلال فكرةدعم بتأمين مشروع خياطة او مشروع حلاقة او مشاريع كإنتاج الفطر والمخلل المنزلي.

وكذلك تم توفير جانب فحص طبي من كادر أطباء كمعاينات مجانية ومعالجة للجرحى، وقدم الاتحاد العام للحرفيين شهادات اتباع دورة مصدقة لجرحى بعد التخرجبالإضافة إلى أن كل مرافق كان مع الجريح استفاد من الدورة.

ويقول الشيشكلي: هذه الدورة مهنية بحتة بغية جعل الجريح يعتمد على نفسه بإعطائه صنارة صيد ليحصل بها رزقة والمعدل الوسطى لما ينتجه الجريح فور حصوله على عمل في أي محل تجاري للصيانة حوالي (٤٠ إلى ٥٠) ألف ليرة سورية يومياً وفي حال عمل بمفرده على نطاق صغير يمكنه تحصيل ما يقارب الـ ٢٠ ألف ليرة يومياً اي يحقق شهريا مبلغ ٤٠٠ إلى ٦٠٠ ألف ليرة سورية وبذلك يكون قد غطى مصاريفه ونفقاته الشخصية بنفسه دون الحاجة إلى معونات من أحد.

و عن ثمار الدورة الاولىأكد الشيشكلي أنه تم اتفاق بين ثلاثة من الجرحى على العمل مع بعض هم على افتتاح محل تجاري للعمل به، كذلك قام أحد الجرحى بتعديل كرسيه وأصبح يشحنه على الطاقة الشمسية.

ويضيف الشيشكلي: لدينا جرحى أعمارهم صغيرة بين (١٢ و١٤) عام جاؤوا بصحبة أمهاتهم للتعلم في هذه الدورة واكتساب الخبرة وقد تم أحداث دورة جديده ضمن منطقة دوما (شعبة دوما الأولى) يومي الخميس والسبت من كل أسبوع بين الساعة ( ١٠ ونصف صباحا وحتى الساعة ١٢ ضهرا ) مدتها ساعة ونصف لتحقيق هدف المشروع وتوفير الرعاية اللائقة والتأهيل المناسب للجرحى.