اقتصادصحيفة البعث

لم تشمل “المنزلي”.. تعديلات قانون الكهرباء: “لا خصخصة” و”لا أمبيرات” والسعر تحكمه المنافسة

دمشق – ريم ربيع

شكلت التعديلات الأخيرة التي أصدرها السيد الرئيس بشار الأسد مؤخراً على قانون الكهرباء 32 لعام 2010، منفذاً جديداً لتأمين الطاقة الكهربائية عبر الشراكة مع القطاع الخاص، حيث أتاحت البيع المباشر من قبل القطاع الخاص للمشتركين على خطوط المتوسط، ما يفسح المجال للصناعيين والتجار والحرفيين وحتى المنشآت السياحية لإنتاج الطاقة وبيعها بما يخفف الحمل عن الشبكة ويساهم إلى حد ما بحل أزمة الكهرباء.

مديرة الاستثمار في وزارة الكهرباء، المهندسة هيام الإمام، أوضحت أن التعديلات وسعت نطاق المستفيدين، إذ أصبح بوسع المشترك العادي على الخط المتوسط الاستفادة من الطاقة المنتجة عبر القطاع الخاص بعد أن كان الأمر محصوراً بالمشتركين الرئيسيين فقط، ما يحقق دعماً لكميات الكهرباء المزودة، فأية كمية تولد وتضخ بالشبكة حتى لو استهلكها الصناعي أو الحرفي أو التاجر لنفسه تحقق وفراً ينعكس إيجاباً على جميع القطاعات، وتخفف الحمل لتصبح الطاقة المولدة متاحة للغير، موضحةً أن التعديلات لا تشمل القطاع المنزلي لأنه ليس على الخط المتوسط.

لن تفرض السعر

وفيما تشكل الأمبيرات هاجس المواطنين في الكثير من المناطق، شدّدت الإمام على أن القانون وتعديلاته لم يتضمن إضفاء أية شرعنة على الأمبيرات، فالمادة المختصة بالطاقات التقليدية بالقانون لم تتطرق أبداً لموضوع الأمبيرات، موضحة أنه وفق التعديلات فالوزارة اليوم غير ملزمة بشراء كامل الفائض من الإنتاج إلا وفق احتياجاتها وعبر عقود قصيرة الأجل.

وبالنسبة للتسعيرة التي لم يحددها القانون، بيّنت الإمام أنه يتم الاتفاق عليها بين المستثمر والمشترك وبإشراف من الوزارة التي لن تفرض سعراً محددا.

منافسة

وأوضحت الإمام أن الوزارة أساساً تغذي المناطق الصناعية بالكهرباء، فعلى المستثمر أن يحدد سعراً منافساً لأسعارها إن أراد جذب مشتركين، مؤكدة أن المستثمر ينسق حتماً مع الوزارة كون النقل عن طريق الشبكة، وستكون الوزارة على دراية كاملة بكل العقود، وللمستثمر أن يختار إن كان العقد طويل الأجل أم قصير الأجل، فيما يسمح للمستثمر بالتصدير أيضاً عبر شبكة النقل، علماً أن الوزارة تحصل على بدلات النقل على الشبكة والفاقد الفني الحاصل على النقل.

أكثر ميلاً للبديلة 

من جهته، تفاءل المستثمر غسان خليف بالتعديلات الجديدة لصالح الاستثمار بقطاع الطاقة، فمن الجيد للمستثمر البيع للقطاع الخاص وفق التكاليف الفعلية، خاصة وأن شبكة التوزيع موجودة ويمكن الاستفادة منها من قبل المستثمر وتحقيق ربح للوزارة بنفس الوقت، مؤكداً أن المستثمرين أكثر ميلاً للإنتاج عبر الطاقة البديلة من الأحفورية.

وبانتظار التعليمات التنفيذية للقانون، أشار خليف إلى ضرورة تعديل الأسعار المحددة لشراء الوزارة للطاقة المنتجة من قبل المستثمرين والموجودة بالقانون، فالتسعيرة المحددة لم تعد مجزية بسبب الظروف المحلية والعالمية، وأصبح استرداد رأس المال ضعيفاً جداً، موضحاً أن استرداده يجب أن يكون خلال 6 سنوات كون هذه المشاريع لا يوجد فيها تشغيل وعمالة، وليس 11 سنة كما الآن.

وحول تسعيرة البيع من مستثمر لآخر، بيّن خليف أنها تحدد بالاتفاق مع الوزارة، لكن يجب أن تكون وفق التكاليف الفعلية، موضحاً أنه يمكن بيع الكيلو واط من محطة الطاقة الشمسية بما يقارب 500 – 600 ليرة، أي أرخص من الخط الذهبي الذي تقدمه الوزارة.

ضمن ضوابط حكومية 

ورأى الأستاذ في كلية الاقتصاد، الدكتور حسن حزوري، أن التعديلات الجديدة لقانون الكهرباء  خطوة بالاتجاه الصحيح لتأمين الطاقة الكهربائية، خاصة في ظل عدم قدرة الدولة بإمكاناتها المادية الحالية على معالجة أزمة الكهرباء، رغم أهميتها لمختلف القطاعات الاقتصادية والخدمية لاسيما القطاع الصناعي والزراعي، متوقعاً أن يكون هناك إقبال من قبل المستثمرين في القطاع الخاص على المساهمة في إنتاج الكهرباء نظراً لحيوية القطاع وأهميته.

وأكد حزوري أن توليد وبيع الكهرباء من قبل المستثمرين يجب أن يبقى ضمن ضوابط الوزارة، مع التركيز على الاستثمار في الطاقات المتجددة قبل التقليدية، لأن المشكلة الأساسية بالإنتاج التقليدي تتمثل بعدم توفر الفيول والغاز بالكميات الكافية، والسؤال: من أين سيؤمن القطاع الخاص هاتين المادتين؟ هل سيسمح له بالاستيراد أو ستؤمنها له الدولة وبأي سعر؟

فوضى التسعير! 

واستبعد حزوري خصخصة القطاع طالما بقي الإشراف لوزارة الكهرباء، إذ يحق للقطاع الخاص استخدام شبكات التوزيع الكهربائية العامة، وذلك بموجب اتفاقيات تعقد بينه وبين الوزارة، ويجب أن يكون التوزيع وفق أسعار محددة، وألا يترك تحديدها للقطاع الخاص، آملاً ألا تحدث فوضى في التسعير كما في تسعير الأمبيرات في حلب، حيث تحدد تسعيرة ولا يلتزم بها أحد.

من جهة أخرى، أشار حزوري إلى أن رفع عائد الاستثمار في القطاع الكهربائي وتخفيض التكاليف يتم أيضاً من خلال الحد من التجاوزات على الشبكة، إذ يقدر الفاقد الفني وفاقد الاعتداء على الشبكة والاستجرار غير المشروع والسرقات بـ 30 – 40%، وربما يتجاوز ذلك في بعض المناطق، مبيناً أن المعالجة تكون عبر تحديث الشبكة فنياً لتقليل نسبة الفاقد، وعبر إجراءات رقابية صارمة تقوم بها ضابطة الكهرباء لقمع السرقات، وأيضاً إلغاء أية تغذية كهربائية مجانية لأي جهة مهما كانت صفتها وفعاليتها.

جديد القانون..

ووفقاً للتعديلات الجديدة يجيز القانون للمستثمرين إنشاء محطات توليد الكهرباء اعتماداً على الطاقات المتجددة، وبيعها للمشتركين، أو تصديرها عبر شبكة النقل، ويسمح للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء وشركات الكهرباء في المحافظات بشراء الكهرباء المنتَجة من هذه المحطات بأسعار يتفق عليها مع المستثمر، كما تسمح التعديلات لوزارة الكهرباء بالترخيص للمستثمرين في مشاريع التوليد التقليدية، وتقوم المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء أو شركات كهرباء المحافظات بنقل الكهرباء إلى المشتركين أو بتصديرها، وذلك بناءً على طلب المستثمر، وضمن الإمكانيات المتاحة لشبكة النقل أو التوزيع مقابل بدلات استخدام شبكة النقل أو شبكات التوزيع.

وأجاز القانون للمؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء، أو شركات كهرباء المحافظات إذا توافرت الإمكانية الفنية لديها شراء الكهرباء الفائضة عن حاجة استهلاك المصرَّح له بالتوليد التقليدي شريطة أن يتمّ ربط شبكته بشبكة النقل أو التوزيع على التوتر المتوسط وعلى نفقته، وبالشروط والأسعار التي تحددها الوزارة بنـاءً على اقتـراح المؤسـسة المذكـورة.