دراساتصحيفة البعث

الدبلوماسية الصادقة لإنهاء الصراع في أوكرانيا

هناء شروف 

أثارت التدريبات النووية السنوية الجارية التي يقوم بها الناتو في شمال غرب أوروبا، بما في ذلك في بلجيكا، مخاوف كبيرة من أن الصراع الروسي الأوكراني يمكن أن يسبب كارثة للبشرية إذا تصاعدت إلى مواجهة نووية.

وبالرغم من أن احتمالية نشوب حرب نووية لا تزال منخفضة للغاية، إلا أن عدداً متزايداً من السياسيين والمراقبين السياسيين قلقون، لأن مثل هذه الكارثة الإنسانية لا يمكن استبعادها تماماً. لقد حث 30 عضواً ليبرالياً في مجلس النواب الأمريكي، قبل أيام، الرئيس جو بايدن على تغيير المسار في استراتيجيته الخاصة بأوكرانيا، ومتابعة الدبلوماسية المباشرة مع روسيا لإنهاء الصراع. وقال المشرعون بقيادة براميلا جايابال، رئيسة التجمع التقدمي بالكونغرس في رسالة إلى بايدن: “من مصلحة أوكرانيا والولايات المتحدة والعالم تجنب صراع طويل الأمد.. نحثكم على بذل جهود دبلوماسية نشطة لدعم التوصل إلى تسوية تفاوضية، ووقف إطلاق النار، والدخول في محادثات مباشرة مع روسيا، واستكشاف آفاق ترتيب أمني أوروبي جديد مقبول لجميع الأطراف”.

وقد أثار بعض المشرعين في الكونغرس الأمريكي تساؤلات حول الحفاظ على الدعم المالي والعسكري الهائل لأوكرانيا، حتى أن بعض المشرعين الجمهوريين هددوا بقطع المساعدات العسكرية لأوكرانيا إذا فازوا بعدد كافٍ من المقاعد في انتخابات التجديد النصفي للسيطرة على الكونغرس.

وللأسف، اعتبر العديد من أقرانهم أن الرسالة الجريئة للمشرعين الليبراليين غير صحيحة سياسياً، خاصة بعض الديمقراطيين الذين يعتقدون أنها ستساعد الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفي، لذلك تراجعت جايابال تحت الضغط عن الخطاب.

من ناحية أخرى، ناقش الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، في الفاتيكان، في اجتماع مع البابا فرانسيس مؤخراً، الصراع الروسي الأوكراني وآفاق السلام. وعلى الرغم من أن ماكرون هو من بين عدد قليل من قادة الاتحاد الأوروبي الذين يبذلون جهوداً دبلوماسية للمساعدة في إنهاء الصراع، لكن جهوده تعرضت للأسف لانتقادات على أنها استرضاء لروسيا من قبل بعض الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي وقادتها  الذين يبدو أنهم يعتقدون أن بإمكانهم إنهاء الصراع والفوز وتحقيق السلام بفرض عقوبات على روسيا وعزلها عن المجتمع الدولي.

وقالت المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل، التي تتفهم الوضع بشكل أفضل بكثير من العديد من زعماء العالم،  في وقت مبكر من هذا الشهر، أن أوروبا لا يمكنها تحقيق سلام دائم إلا بمشاركة روسيا. ومع ذلك، ينظر العديد من القادة الغربيين إلى ملاحظات وتحذيرات الأشخاص الذين يمارسون الحس السليم على أنها استرضاء لروسيا، ربما لأنهم يشعرون أن روسيا ستمحى عن الوجود أو تختفي من خريطة العالم بسبب آثار العقوبات الشديدة التي تفرضها الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

لقد كان من الخطأ أن نرى بعض القادة وخبراء التنمية ورؤساء الشركات يجتمعون، في برلين، في مؤتمر حول إعادة إعمار أوكرانيا، استضافه المستشار الألماني أولاف شولتز، ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاي، إذ كان من المفروض أولاً تكثيف الجهود الدبلوماسية بشكل كبير للمساعدة في إنهاء الصراع قبل عقد المؤتمرات، وهذا بالضبط ما يحتاجه قادة الاتحاد الأوروبي، لأن الصراع الطويل لن يؤدي إلا إلى جعل إعادة إعمار أوكرانيا أكثر صعوبة وتكلفة، وسيؤدي أيضاً إلى خطر اندلاع حرب أوسع نطاقًا وأكثر تدميراً.