مجلة البعث الأسبوعية

 الندوات والملتقيات لا تخفف من البطالة.. الشباب يريدون شراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص 

البعث الأسبوعية – غسان فطوم

بالرغم من عدم وجود إحصائية رسمية صحيحة لنسبة البطالة في سورية، إلا أن الواقع الحالي يشير إلى أن الأرقام كبيرة، علماً أن نسبتها كانت في عام 2010 بحدود الـ 12.6%، وارتفعت في عام 2015 إلى 50%، وذلك بحسب المرصد العمالي للدراسات، في حين يرى باحثون في الاقتصاد أن أرقام البطالة اليوم تتخطى الـ 55%، وسط غياب أي إجراءات وتدابير حكومية، إلا ما قلّ وندر لكنها تبقى محاولات خجولة لا تحقق الغرض بتطويق المشكلة، وقد ظهر ذلك واضحاً منذ بداية الحرب إذ أصبحت البطالة إحدى أكبر المشكلات التي تهدد المجتمع باستنزاف أهم طاقاته عن طريق الهجرة.

صحيح أن المسابقة المركزية للتوظيف التي تمت مؤخراً والتي تقدم لها أكثر من 200 ألف متقدم، لكنها لن تحقق أمنيات ورغبات كل طالبي العمل الذي يزيد عددهم عن 300 ألف في كل عام، علماً أن المسابقة لن تستوعب أكثر من 60 ألف فرصة، ما يعني استمرار وجع الشباب من آلام البطالة، وحتى وإن توسعت مظلة المستفيدين منها إلى مئات الآلاف فالمشكلة ستبقى ماثلة.

مجرد كلام!

مضى أكثر من عام على إقرار البيان الوزاري للحكومة الحالية، ومن يقرأه  يجد أنه يركز فيما يخص فرص العمل على رسم منهجية واضحة للتوظيف الحكومي معتمدة على خارطتي الموارد البشرية والشواغر الوظيفية، وتتضمن التوجه إلى التعيين من الفئتين الأولى والثانية، والعمالة المهنية في القطاع الاقتصادي عبر اعتماد نظام المسابقات المركزية والتوظيف الالكتروني.

واللافت في البيانات الحكومية أنها كلها تؤكد على مكافحة الهدر بالقوى البشرية وتنظيم العمالة، من خلال برامج تضع في أولوياتها “تحديث إدارة الموارد البشرية وفق متطلبات إصلاح الإدارة العامة في سورية وتحقيق العدالة الوظيفية بين العاملين، عن طريق وضع معايير لضبط حركة دوران العمالة بكافة أشكالها القانونية بين الجهات العامة، ومعالجة حالات الاستخدام التي لا تتوافق مع أحكام القانون الأساسي للعاملين في الدولة وإعادة النظر في التشريعات المتضمنة (التعيين / إعادة التعيين) على شواغر محدثة، والحد من التوسع غير المدروس في الملاكات العددية، ووضع المعايير الفنية للحفاظ على الخبرات النوعية في القطاع العام وتوظيفها بالشكل الأمثل في جميع الوزارات، وغير ذلك من خطط ..”، لكن للأسف تبقى تلك البرامج والخطط مجرد كلام يحتاج لخطط تنفيذية على الأرض تشعر الشباب بأهمية دورهم في اعمار المجتمع، لا أن نبيعهم الوهم!

ملتقيات وندوات

الشباب كانوا يمنون أنفسهم بحراك عملي وفعلي على الأرض بعيداً عن إقامة المعارض والملتقيات التي تتعلق بتقديم فرص عمل للشباب من خلال التعاون والتنسيق بين جهات حكومية وشركات وجمعيات أهلية، وبالرغم من أهمية هذا النشاطات، غير أنها تبقى مجرد شكل استعراضي يوجه ويرشد إلى كيفية اقتناص فرصة العمل لدرجة أن الشباب أصيبوا بالتخمة من تلك المواعظ التي حفظوها عن ظهر قلب!.

وفي هذا السياق أقيم منذ أيام أقيم ملتقى لفرص العمل بمبادرة من وزارتي السياحة والشؤون الاجتماعية والعمل بالتعاون مع الأمانة السورية للتنمية، وبمشاركة نحو 70 شركة متخصصة بالمجال السياحي والفندقي والمصارف والتمويل وشركات التأمين وشركات الدعم اللوجستي وبعض المؤسسات التنموية، بالإضافة لشركات دعاية وإعلان.

تمكين الشباب

وبحسب تصريحات وزير السياحة المهندس محمد رامي مرتيني أن الملتقى سيعرض عدداً من فرص العمل الدائمة والمؤقتة، مشيراً إلى أن عدد المنشآت السياحية في سورية يبلغ 3000 منشأة، وخطة عمل الوزارة عرض نحو 110 آلاف فرصة حتى عام 2030، وكل المنشآت السياحية ملزمة بنسبة توظيف خريجي كليات السياحة والمدارس والمعاهد الفندقية ومراكز التدريب السياحي الخاصة، وأشار مرتيني إلى أن كل من يسجل في برامج التدريب سيحظى بفرصة في سوق العمل، وسيكون هناك إشراف ومتابعة مستمرة لهذه الفرص، فيما بيّن وزير الشؤون الاجتماعية والعمل محمد سيف الدين أن دور الوزارة في الملتقى يتركز بشكل أساسي على التشبيك بين الباحثين عن عمل وأصحاب العمل وتأمين التدريب لهم عبر مركز تمكين الشباب لتحسين قدراتهم ودخول سوق العمل بفعالية ولمواءمة رغباتهم مع احتياجات السوق، لافتاً إلى أنه يتم التنسيق مع جميع الجهات لتعزيز دور الشباب وتأمين فرص عمل لهم والتوجه للقطاع السياحي لقدرته على استيعاب أعداد كبيرة منهم.

على الهامش

اللافت أن الملتقى لم يحظَ بإقبال كبير من الشباب رغم الدعاية الإعلانية الكبيرة له على مواقع التواصل الاجتماعي وفي وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، وأمام أحد الأجنحة قابلنا بعض الشباب من الخريجين في الجامعة وممن ما زالوا على مقاعد الدراسة، وكان القاسم المشترك لآرائهم أن هكذا ملتقيات مهمة للتعرف على الشركات التي تتسابق في عرض فرص العمل المستقبلية، لكنها تبقى عاجزة عن إعطاء الفرص الحقيقية التي يريدها الشباب، متسائلين: هل تأمين آلاف فرص العمل سيحل المشكلة؟.

وسأل جانب آخر من الشباب الذين يشعرون أنهم باتوا على الهامش عن سر غياب إستراتيجية وطنية لتشغيل الشباب، وضعف الإجراءات الفاعلة للحد من هجرة الكفاءات والخبرات، مؤكدين أن التعاطي مع ملف مستقبل الشباب يجب أن يكون أكثر جدية وحيوية ومرونة في استثمار طاقاتهم، وتحقيق أحلامهم المهدد بالتلاشي!.