ثقافةصحيفة البعث

غلاء الأسعار… إلى أين؟!

أكرم شريم

يستغرب الجميع -ونستغرب نحن أيضاً- هذه الأسباب التي تشكل غلاء الأسعار بهذا الشكل فوق المعتاد وفوق القانوني، وفوق الأخلاقي، وخاصة مع بقاء هذا الراتب الذي يبدأ بخمسة وسبعين ألفاً، وإلى التسعين ألفاً، أو أكثر قليلاً؛ وعلى كل من يتقاضى هذا الراتب أن يصرف طول الشهر على أسرته: مصروف المنزل من طعام وشراب وأجور مواصلات، و”خرجيات” وأدوية وأطباء، وكل ما يحتاجه الإنسان في حياته، فما هو الحل للتخلص من هذه المشكلة الإنسانية المالية: إن الحل يكمن في مواجهة هذا الغلاء في الأسعار، وإلا فإن الراتب يجب أن يصبح خمسمئة ألف، ولكن الأسهل والقانوني والأخلاقي إنما يكون في مواجهة غلاء الأسعار، وبالتالي إعادتها إلى ماكانت عليه، وإلا فإن استمرار هذا الغلاء يمكن أن يوصلنا إلى ما هو أصعب، بل وأكثر خطورة، مثل اللجوء إلى الوسائل غير القانونية لكي يستطيع أن يعيش الإنسان، وإلى الوسائل غير الأخلاقية أيضاً، فلماذا لا نواجه هذا الغلاء ونتخلص منه، خاصة وأنه مستمر في التصاعد ولا نهاية له ولا رابط لحدود معينة له؟ ولكي لا نصل إلى هذه المخاطر يجب أن نسرع ونضع الحدود لهذا الغلاء مهما كلفنا ذلك من الجهد والمواجهة، لأن ما يحدث يكاد لا يصدق.. أنظروا، كمثال، هذه الأعداد الكبيرة من المواطنين الذين يخرجون ويهاجرون إلى بلاد أخرى قريبة وشقيقة أو بعيدة وغريبة، وكم يعانون وهم يبحثون عن الحلول لمشاكلهم القديمة والجديدة، فإذا كان الراتب الشهري لا يكفي لأكثر من أسبوع، أو ربما -وبسبب هذا الغلاء الفاحش- لا يكفي لأقل من أسبوع، فماذا يفعل هذا الإنسان بعد ذلك؟!

إن كل من يرفع الأسعار وبهذا الشكل لا يعرف معنى الانتماء لشعبه أو لوطنه، وهو يعاني من الضعف في هذا الانتماء، فإذا كان الأمر كذلك، فكم هو خطير إذن!! وماذا يمكن أن يحدث بعد هذه الخطورة، إلا ما هو أكثر منها، وأخطر منها!! وهكذا تكون النصيحة اليوم وبكل اختصار، إن انتماء مثل هذا الإنسان لوطنه، ضعيف جداً، وقد لا يكون موجوداً في الأصل، على الاطلاق!!.