أخبارصحيفة البعث

أما زالت لديكم أوامر بعدم الفهم؟

تقرير إخباري:

ربما تختصر هذه العبارة طبيعة العلاقة التي تربط الولايات المتحدة بحلفائها، إن لم نقل أتباعها، حول العالم، حيث يصرّ معظم المسؤولين الأوروبيين، على سبيل المثال، على استخدام الأسلوب والتعبيرات ذاتها التي تستخدمها واشنطن في الحديث مع موسكو، بحيث يصبح التعليق الأمريكي حول أيّ حادثة تتعلّق بروسيا عنواناً لجميع التصريحات المماثلة في أوروبا، فما إن تطلق المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أدريان واتسون، في بيان خاص، أنه مهما كانت الاستنتاجات النهائية لحادث سقوط الصواريخ في بولندا، فإن المسؤولية عن ذلك تقع في النهاية على عاتق “روسيا التي أطلقت صواريخ على أوكرانيا”، حتى ينبري ينس ستولتنبيرغ الأمين العام للناتو لتحميل روسيا المسؤولية لأنه لو لم يكن هناك صراع لما حدث هذا الحادث حسب تعبيره.

هذا التعليق دفع المتحدّث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف إلى القول: إن الولايات المتحدة والناتو إذن، مسؤولان عن الحرب في أوكرانيا، لأنهما وفّرا الأسباب الموجبة بالفعل لهذه الحرب من خلال دعم نظام الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلنسكي في حربه على مواطني دونباس منذ ثماني سنوات.

ومن هنا سألت المتحدثة باسم الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا المستشار الألماني أولاف شولتس عمّا إذا كان لا يزال لا يعرف من بالفعل فجّر أنابيب “السيل الشمالي”، أم أن لديه “أوامر بعدم الفهم؟”.

وكان شولتس قد حمّل روسيا مسؤولية الحادثة أيضاً، لأنه “لم يكن كل ذلك ليحدث لولا الحرب العدوانية الروسية ضد أوكرانيا”.

إذن لماذا يقوم المسؤولون الغربيون بالتهرّب من تحمّل المسؤولية الحقيقية عن الحرب الدائرة في أوكرانيا، وهم يعلمون صراحة أنهم رفضوا منذ البداية تقديم ضمانات أمنية مكتوبة لروسيا بعدم قيام حلف شمال الأطلسي باتخاذ إجراءات للتوسّع باتجاه الحدود الروسية، وعدم دعم النازيين الجدد في حرب الإبادة التي يشنّونها على مواطني إقليم دونباس الناطقين بالروسية، وإلزام نظام كييف بتنفيذ اتفاق مينسك.

كل ذلك لم يكن ليحدث بالفعل لو أن الولايات المتحدة الأمريكية وحلف الناتو، وألمانيا في المقام الأول، لم تقدم على تغيير النظام في أوكرانيا، لتجلب حكومات دمى، وتحوّل الملاكمين إلى رؤساء مدن، والمهرّجين إلى رؤساء دول، وتدفع ثمناً للأعمال القذرة بالأموال ومنح الجنسيات، وتقوم بانقلابات غير دستورية.

لذلك يصرّ المسؤولون الغربيون على التناغم مع المواقف التي تمليها عليهم واشنطن رغم علمهم المسبّق بخطئها، والسؤال الذي يجب أن يُطرح هو: هل هذا بالفعل تابع للجهل الذي يعانيه هؤلاء القادة؟ أم أن عليهم أن يقتفوا آثار البيت الأبيض في كل ما يصدر عنه، لأنهم لا يستطيعون أن يخرجوا عن طاعته، وبالتالي فإن الأوامر صدرت إليهم من واشنطن بأن عليهم عدم التفكير بكل ما يحدث من حولهم، لأن هناك من وفّر عليهم هذه المهمّة، فهو، أي البيت الأبيض، من يفكّر ويقرّر.

طلال ياسر الزعبي