أخبارصحيفة البعث

ناتو جديد في شبه الجزيرة الكورية

تقرير إخباري:

تسعى أمريكا جاهدةً لتوسيع حلف الناتو ليشمل أرجاء العالم، ليضمّ المزيد من الدول التابعة لها، لكي تدفع التكاليف مع واشنطن بل تكون وقوداً وحطباً لخوض صراعاتها بالوكالة التي تعدّها أمريكا ركناً أساسياً من أركان وجودها واستمرار هيمنتها الإمبريالية على العالم، وقد أشار الزعيم الكوري كيم جونغ إلى هذا الموضوع عبر تصريح له أكد فيه أنّ أمريكا الآن تسعى لتشكيل “ناتو جديد” في شبه الجزيرة الكورية، وكلام الزعيم كيم تؤكده مجموعة الاستفزازات المتزايدة من أمريكا وحلفائها في آسيا عموماً وفي شبه الجزيرة الكورية خصوصاً، رغم ادّعاءات الرئيس الأمريكي جو بايدن خلال لقائه مؤخراً نظيره الصيني شي جين بينغ الميل نحو التهدئة وإبقاء قنوات الاتصال مفتوحةً.

إنّ أمريكا مهما تذرّعت بـ”الخطر الكوري الشمالي” على مصالح حلفائها في آسيا، فإنها بالمقابل تتحمّل وحدها مسؤولية وتبعات الفشل والتوتر المتزايد في شبه الجزيرة الكورية بعد مضيّ أكثر من عشرين عاماً على مفاوضاتها مع بيونغ يانغ، التي لم تظهر فيها واشنطن احتراماً لمؤسسات بيونغ يانغ، بل أظهرت جنوحاً نحو تغيير نظامها السياسي وفقاً لأهوائها، وبعد أن كانت واشنطن تطمح إلى إلغاء برنامج بيونغ يانغ النووي، نحن الآن أمام مرحلةٍ جديدة ودلائل قوية تشي بأنّ كوريا الديمقراطية الآن تملك أوراق تفاوض أكبر، بعد أن أثبتت أنها قادرة على الردّ على أية حماقة من أمريكا وحلفائها بأسلحة بالستية يصل مداها إلى 15 ألف كم، مع العلم أنّ أبرز المدن الأمريكية تقع على بعد يتراوح بين 9 و11 ألف كم عن بيونغ يانغ فقط، كما جدّد الزعيم كيم تأكيده حق بلاده في الردّ على التهديدات بالمثل، وأن المواجهة المباشرة من القوى الخارجية ستُقابل بالرد الشامل، داعياً إلى تطوير المزيد من الأسلحة البالستية وإجراء التدريبات الكثيفة ضمن قوات بلاده.

على المقلب الآخر نشاهد أمريكا تتابع مع حلفائها الاستفزازات غير المسؤولة وآخرها نشر القاذفة الأمريكية الجوية B1B في شبه الجزيرة الكورية بحجّة إجراء “تدريبات مشتركة” مع تابعتها كوريا الجنوبية، وصفتها بيونغ يانغ بـ”مناورات الحرب الهستيرية” لما تحمله من توتير للوضع في تلك المنطقة.

إنّ كوريا الديمقراطية تأخذ تهديدات واشنطن عبر وجود قواتها في اليابان وكوريا الجنوبية على محمل الجدّ، وتدافع عن بقائها ووجودها في ظل استمرار الاستفزازات، واشتداد الحصار الأمريكي والغربي لها، وتعمل الآن عبر قوّتها على كسر طوق العزلة، وإقناع العالم ومؤسساته المسيطر عليها أمريكياً بشرعية حقوقها ومطالبها.

ما ذُكر يجب أن يدفع أمريكا في المرحلة المقبلة للتفكير بعقلانية أكثر والميل نحو التفاوض مع بيونغ يانغ بدلاً من الاستمرار باستفزازها، أو التذرّع بأنها تستجدي الوساطة الصينية للضغط على الزعيم كيم، وشعبها بات يعلم أن دولته تضعه في مرمى أخطار ربما تعصف بمدنه في أية لحظة مع تزايد الاستفزازات لبيونغ يانغ، أما بالنسبة لأنظمة طوكيو وسيؤول فهي تسير مقيّدةً مغمضة العينين خلف الإملاءات وتنفيذاً للأجندات الأمريكية، لكن الأمر المبشّر يكمن في مدى زيادة وتعالي أصوات الحركات الشعبية في الدولتين، والمنادية بالتصالح مع الجارة الكورية الديمقراطية لتجنيبهم دفع فاتورة التعنّت الأمريكي.

بشار محي الدين المحمد