تحقيقاتصحيفة البعث

طلبة جامعة طرطوس يحلمون بمكتبة مركزية.. والحجة عدم توفر الأبنية!

ما تزال المعاناة التي يعيشها طلاب جامعة طرطوس مستمرة بحكم واقع أبنية كليات جامعتهم المبعثرة في أماكن مختلفة من المحافظة، وغياب عدد من الكليات الأساسية التي ينتظر أبناء المحافظة أن ترى النور مثل كليتي الزراعة والآداب، إضافة إلى عدم وجود مكتبة مركزية يمكن أن تكون مقصداً ومرجعاً للطلاب مع غياب الظروف المناسبة للدراسة في منازلهم، وتوزعهم العشوائي في مقاهي المحافظة التي لا تتوفر في معظمها الظروف المناسبة للدراسة، ولا تخلو من جو التدخين والضجيج والأغاني، إضافة لإشكاليات مختلفة تتمثل في صعوبة التنقل وظروف المواصلات الصعبة جداً.

فرحة مؤجلة

ويبدو أن فرحة الإنجاز للكليات المحدثة ستبقى مؤجلة حتى أعوام لاحقة، فمن كان يستمع للتصريحات النارية لوزير التعليم العالي الدكتور بسام إبراهيم في العام الماضي كان يعتقد جازماً أن أبنية الجامعة ستدخل حيّز الإنجاز هذا العام، وخاصة عندما أكد استعداد الحكومة لتخصيص أي مبالغ إضافية يحتاجها العمل بالجامعات، وأهمية الجهد الجماعي لجميع المعنيين بإنجاز هذا المشروع الحيوي سواء لمحافظة طرطوس أو للمحافظات الأخرى.

وفي حديث لـ”البعث” أكد نائب رئيس جامعة طرطوس الدكتور أديب برهوم أن الفرق ما زال كبيراً جداً بين التنفيذ المالي والتنفيذ الفعلي، مشيراً إلى أن استكمال بناء المباني الخاصة بالجامعة يحتاج لوقت، مؤكداً أنه تمّ صرف وإنفاق كلّ ليرة تمّ تخصيصها لبناء الجامعة وخاصة كليتي الهندسة التقنية والآداب.

وذكر برهوم أنه تمّ طلب اعتمادات ومبالغ إضافية لاستكمال العمل، وقد وافق وزير التعليم العالي ورئاسة مجلس الوزراء، وبانتظار موافقة وزير المالية، وبيّن برهوم أن غلاء الأسعار الجنوني والمستمر نتيجة التضخم، يجعل معظم المبالغ التي يتمّ رصدها تذهب فروقات أسعار نتيجة الارتفاع المتتالي في مواد البناء، فمثلاً كيلو الحديد المتعاقد عليه وسطياً كانت كلفته ٤٥٠ ليرة، ولكن حالياً تكلفته تتجاوز ٥٠٠٠ وتزداد، ويمكن القياس على هذا الأمر بالنسبة لبقية المواد، كما أن تجهيز المباني يتطلّب ميزانيات خاصة أيضاً، مبيناً أن تركيز الوزارة بالدرجة الأولى على كليتي الهندسة التقنية وكلية الآداب، لكن إنجاز هذين المبنيين يعتمد على توفر المبالغ اللازمة، وفي حال توفر المال اللازم يمكن استلام مبنى التقنية في سنة 2024.

نسب خجولة

وأشار برهوم إلى أن مساحة كلية الهندسة التقنية الجاري بناؤها يبلغ 17 ألف متر مربع تقريباً، وبلغت التكلفة العقدية لها عند توقيع العقد عام ٢٠١٨ خمسة مليارات ليرة، ونسبة التنفيذ حالياً 32 بالمئة، في حين تبلغ مساحة كلية الآداب 70 ألف متر مربع تقريباً، بتكلفة عقدية عند توقيع عقدها عام ٢٠١٩ بلغت مليار ليرة، ونسبة التنفيذ حالياً 7.8 بالمئة.

كما أشار نائب رئيس الجامعة إلى وجود عقود لإنشاء كلية الطب البشري ورئاسة الجامعة والمكتبة المركزية والمدرج العام ومشفى جامعي وهي قيد التصديق حالياً، حيث بلغ عدد الكليات القائمة حالياً في المحافظة والموزعة في مقرات مؤقتة ١١ كلية، ويتبع للجامعة أربعة معاهد تقنية، ومعهد عالٍ للغات. وحول توفر الكادر التدريسي بيّن برهوم أن النسبة تصل إلى ٩٠ بالمئة وتغطي الاحتياجات، لكن هناك بعض المعاناة في كلية الصيدلة التي تعاني من أزمة مدرّسين، حيث يتمّ الاستعانة ببعض المدرّسين من خارج الملاك.

لا بناء متوفر

ورداً على سؤال حول تخصيص مكتبة مركزية للطلاب توفر لهم بديلاً عن المقاهي، أشار برهوم إلى أنه لا يمكن إنشاء هذه المكتبة في ظلّ الظروف الحالية بسبب عدم توفر مكان لها، حيث كان من المقرّر سابقاً استئجار القبو الموجود في كلية الاقتصاد والذي تعود ملكيته لمديرية التربية، وتخصيصه ليكون مكتبة مركزية لكن التربية رفضت المقترح بحجة حاجتها للبناء، ونحن مستعدون لأي اقتراح بديل والعمل عليه في حال توفره ليكون مكتبة لطلابنا، والمشكلة نفسها بدت بالنسبة لتخصيص بناء لافتتاح كليتي الزراعة والحقوق، فرغم توفر المخابر المطلوبة لكلية الزراعة في الثانوية الزراعية، وقبول محافظة طرطوس تخصيصنا ببناء تابع لها ليكون مقراً لهذه الكلية، واقتراح مجلس جامعة طرطوس قرار إحداث افتتاح كليتي الزراعة والحقوق قبل وقت طويل نسبياً مع تأمين كافة المستلزمات المادية، لكن لم يتمّ الموافقة على افتتاح هاتين الكليتين من الجهات المعنية دون تقديم أية مبررات مفهومة!.

أرقام متقدمة 

ورغم الضغوط والصعوبات التي تعيشها جامعة طرطوس، يؤكد نائب رئيس الجامعة على تميز وتفوق الجامعة من خلال إحرازها مراكز متقدمة باستمرار في ترتيب الجامعات السورية والعربية، حيث أحرزت الجامعة تقدماً بحلولها في المرتبة 9960 عالمياً بين أكثر من 31 ألف جامعة في تصنيف “ويبومتركس” عن شهر تموز 2022، وتقدمت بمقدار 10345 مرتبة بالمقارنة بتصنيف شهر كانون الثاني 2022، إذ كانت تحتل المرتبة الـ 20305 في ترتيب الجامعات على مستوى العالم، وأشار برهوم إلى أن عدد أبحاث الدراسات العليا في العام الدراسي ٢٠٢١-٢٠٢٢ بلغ خمسة أبحاث دكتوراه منجزة، وثمانية غير منجزة بعد، و٨٨ بحث ماجستير منجزة، و٣٦٠ قيد الإنجاز، ويبلغ عدد الطلاب حالياً نحو ٣٠ ألف طالب، وبيّن نائب رئيس الجامعة أنه يتمّ تعديل المناهج باستمرار بما يتناسب مع سوق العمل، على أمل أن يتغيّر في السنوات القادمة واقع جامعة طرطوس وتجتمع أبنيتها في مكان واحد بدل توزعها في عدة أحياء داخل المدينة وخارجها.

طرطوس- محمد محمود