زواياصحيفة البعث

أردوغان.. هذا ما صنعته يداه

علي اليوسف

بين ليلةٍ وضحاها، انقلب رأس النظام التركي رجب طيب أردوغان على نفسه، وعلى من دفعه ليكون طرفاً في الحرب الإرهابية على سورية، والتي ارتدّت عليه كما كان متوقعاً منذ بدء التواطؤ مع الولايات المتحدة.

الانقلابُ التركي جاء عقب العملية التفجيرية التي شهدتها ساحة تقسيم الأخيرة، حيث لم يستطع أردوغان كظم غيظه، واتهم الولايات المتحدة بأنها في السنوات الأخيرة قامت بتسليم آلاف الشاحنات المحملة بالذخيرة إلى الميليشيات الانفصالية في سورية.

الأسفُ التركي من الحليف في الناتو جاء متأخراً كثيراً، خاصةً وأنه كان يعلم أن هذا النهج مستمرٌ منذ رئاسة باراك أوباما، واستمر في عهد دونالد ترامب، وبقي على حاله في عهد جو بايدن، حسب قوله شخصياً!.

هذا الأسف لن ينفع الآن، لأنه جاء كنتيجة حتمية للغرور السياسي الذي سيطر على هواجس أردوغان وأحلامه بإعادة المجد العثماني البائد، رغم أن الأخير أثار شخصياً موضوع تسليح المجموعات الانفصالية مع أوباما، وترامب، وبايدن. أي أن الرجل كان يعلم بهذا التسليح، لكنه آثر، بل كابر بالذهاب إلى النهاية، معتقداً أن حليفه في الناتو سيتخلّى عن الأداة المهمّة في ضرب المثلث السوري – العراقي – التركي.

في هذا المعطى، لعلّ النقطة الأكثر جدلاً أن الحالم العثماني لم يتلقَ أيّ ردّ جوابي من الجانب الأمريكي على كلّ رسائله في هذا الخصوص، ما يعني أنه لا يعدو أن يكون إلا أداةً بيد الولايات المتحدة، شأنه شأن من يحاربهم الآن، بدليل أنه انخرط مباشرة في الحرب الإرهابية على سورية تنفيذاً للأوامر الأمريكية، وهو الآن يحصد ثمار ما زرعه.

وحتى الحجة التي يتذرّع بها أردوغان أنه سيواصل العمل بما يقتضيه الأمن القومي لتركيا، ما هي إلا مجرد ضرب من واقع ما صنعه بيديه، وبالتالي سيجد نفسه – ربما لسنوات – يحارب الإرهابيين الذين استقبلهم على الأرض التركية، وصدّر جزءاً منهم إلى بؤر التوتر، وما قد يترتب على ذلك من تبعات أمنية، وعسكرية، وانتخابية قد تطيح بكل أحلامه التي رسمها في مخيلته.

من الضروري ألا يغامر أردوغان أكثر من ذلك، ولا يغامر بأي عمل عسكري مهما كان حجمه، لأن الحلّ بيد الدولة السورية، وإذا كان فعلاً يريد الحفاظ على أمنه القومي، فالبوابة تمرّ عبر الدولة السورية حصراً وبشكل صريح وواضح، دون رسائل مبهمة، أو “إيجابية”، كما يحلو للبعض تسميتها، لكن لا يظنن أردوغان أن الثمن سيكون قليلاً، بل على العكس لأن للدولة السورية شروطها الخاصة، ليس أقلها أن يدفع أردوغان ثمن مغامراته وأخطائه السياسية، والتعويض المالي عن الخسائر التي سبّبها للشعب السوري، ومصانعه، ومعامله التي سرقها بالتنسيق مع الإرهابيين الذين يقاتلهم الآن.