تحقيقاتصحيفة البعث

تربية الدواجن في طرطوس مهددة بالانقراض.. شح المحروقات وغلاء الأعلاف أخرج 20% من المربين!

 

دارين حسن 

تكثر الصولات والجولات “الشكلية”، ويبقى التنفيذ على أرض الواقع مخيباً للآمال، فمع كثرة الوعود والتصريحات بالدعم، أيقن العاملون في قطاع الدواجن تماماً حجم اللامبالاة وعدم التعاطي الجديّ من قبل الجهات المعنية مع هذا القطاع الحيوي والمهمّ، ولاسيما أن معاناة المربين تزداد يوماً بعد يوم، وصعوبات التربية تزداد وتتوسّع، بدءاً من ارتفاع سعر الصوص مروراً بتأمين مستلزمات التربية انتهاءً بتسويق المنتج بسعر يناسب جهد وتعب المربي والتكاليف التي تكبدها طيلة فترة التربية، ما دفع الكثير من المربين للعزوف عن التربية وإغلاق مداجنهم إيذاناً بانطلاقة قوية ودعم حقيقي يحفظ للمربي ماء وجهه ويعيد له حقه، وبما يتيح توفر المادة في الأسواق بأسعار مقبولة يستطيع المواطن تأمينها بعد أن غابت أشهراً طويلة عن مائدته!.

شجون المربين

رامز حسن، من قرية العوينات، في ريف طرطوس، لديه مدجنة عمرها ٤٢ سنة، يعمل وعائلته بالتربية التي ورثها “أباً عن جد”، تحدث عن صعوبات التربية والتي تبدأ بقلة المحروقات، حيث كان يمنح المربي ٥٠ ليتراً بالشهر لكل ألف طير، لكن ومنذ شهرين لم يحصل المربون على مستحقاتهم من المادة التي يتمّ تأمينها من السوق السوداء بسعر سبعة آلاف ليرة لليتر وأكثر، منوهاً بإمكانية توقف عدد كبير من المربين في فصل الشتاء إثر قلة مادة المازوت وارتفاع تكلفتها في السوق السوداء وعدم تأمين الكهرباء اللازمة، إضافة إلى صعوبة تأمين الأدوية والأعلاف، إذ يصل سعر كغ العلف اليوم إلى ٤٢٥٠ ليرة من أرض المعمل دون أجور نقله، مشيراً إلى أنه كان يمنح لكل مربٍ في الدورة العلفية كيلو علف لكل طير من مؤسسة الأعلاف، لكن لم يحصل المربي في هذه الدورة لا على مازوت ولا على علف، كما أن سعر الصوص يصل إلى خمسة آلاف ليرة وعمره ساعة واحدة!

لا قدرة على الاستمرار!

وأشار المربي حسن إلى قرار وزارة التجارة الداخلية الصادر منذ شهر ونصف والذي منع بموجبه أصحاب المداجن من بيع الفروج بأكثر من ١٠٣٠٠ ليرة في الوقت الذي بيع فيه الكيلو في السوق بـ١١٠٠٠-١٢٠٠٠، وذكر أن جميع المربين وقعوا تعهداً للالتزام بالقرار، لكن وبعد عشرة أيام بات سعره بالمدجنة والسوق واحد ٩٥٠٠ ليرة بسبب ضعف الطلب، فلم يتدخل التموين وقتها لمصلحة المربي ولتحقيق هامش ربح له. وبيّن حسن أنه يسوق إنتاجه لدمشق ويبيع الكيلو من فروج اللحم بـ١٠ آلاف ليرة، في حين أن تكلفته الحقيقية ١٢٥٠٠ ليرة، مشيراً إلى أن السورية للتجارة لم تستجر إنتاج المربين وبالتالي فإن ٩٠ % منهم توقف عن التربية بسبب عدم القدرة على الاستمرار، تزامناً مع محاربة المعنيين والمسؤولين لهذه المهنة ولمن يعمل بها!.

وضع العصي في العجلات 

وأشار حسن إلى صعوبات الترخيص لإقامة المداجن من حيث البعد عن السكن وغيرها، موضحاً أن طبيعة المنطقة جبلية والشروط الموضوعة لا تتحقق، لافتاً إلى محاربة الجهات المعنية لمن يرغب بالعمل من خلال وضع العصي في العجلات، ولمن هو قائم ومستمر بعدم دعمه وتشجيعه وتأمين مستلزمات العملية الإنتاجية!

مقننات غير كافية 

وأبدى المربي سمير محفوض، من قرية عين الجاش، انزعاجه من “الحكي” عن دعم قطاع الدواجن وعرض الصعوبات والتحديات دون العمل على تذليلها “ولو قيد أنملة”، موضحاً أن لديه عدة مداجن الكثير منها مغلق، فهو المربي منذ ٣٢ عاماً، فروج لحم وبيض وأمهات الصيصان، مشيراً إلى أن الفروج الواحد يحتاج إلى ٤ كيلو علف وأدوية ولقاحات، وتمز، ومازوت للتدفئة، وما يحصل عليه المربي في الدورة العلفية غير كافٍ يتم استهلاكه خلال ٢٤ ساعة، مستغرباً أن يزيد طن العلف لدينا عن دول الجوار مليوني ليرة، وما يزيد الطين بلة – حسب قوله – المعاناة اليومية مع غياب الكهرباء وارتفاع سعر الصوص في السوق السوداء، وثلاثة أرباعه يهرب إلى لبنان لعدم قدرة المربين على شرائه، مضيفاً: نرى الخسارة بعيوننا كلّ يوم، لكننا نستمر مع أمل برزق جديد مع بزوغ شمس جديدة، لنطعم أطفالنا والأسر التي تعمل لدينا في المداجن.

عزوف أكثر من ٢٠ %

رئيس اتحاد فلاحي طرطوس محمد حسين أشار إلى عزوف بعض المربين عن متابعة العمل بسبب شح المحروقات وغلاء الأعلاف وارتفاع أجور النقل، وانخفاض أسعار الفروج بشكل مفاجئ أحياناً، مما يؤدي إلى خسائر كبيرة عند المربين، مشيراً إلى توقف أكثر من ٢٠% من مربي الدواجن، موضحاً أن الطاقة الإنتاجية للمداجن تصل إلى ٤٩٦٥٠٠ طير، وأن ارتفاع أسعار البيض والفروج مرتبط بأسعار العلف وقلة المحروقات وأجور النقل. وبيّن حسين أن اتحاد الفلاحين يقوم بالتنسيق مع دوائر الزراعة لتأمين مستلزمات المداجن حسب المتوفر، ويعمل دائماً على تذليل الصعوبات لتستمر عملية الإنتاج بطاقتها القصوى، لافتاً إلى التقصير في الزراعات العلفية، آملاً التوجيه إلى هذه الزراعات وتقديم الدعم لها، وإيجاد سوق تصريف المنتجات بإشراف الجهات الرسمية بحيث يتضمن الأسعار الجديدة.

٩ ملايين بيضة

وبيّن مدير منشأة دواجن طرطوس د. دريد إبراهيم أن إنتاج المنشأة من بيض المائدة وصل إلى نحو تسعة ملايين بيضة حتى تاريخ ٣١/١٠/ ٢٠٢٢، في حين بلغت قيمة المبيعات نحو ٣،٧ مليارات ليرة، موضحاً أن في المنشأة حالياً ثلاثة قطعان قطيع رعاية بعمر ٢٠ أسبوعاً بعدد ٣٠،٥٠٠ فرخة، وقطيع عمره /٤٤/ أسبوعاً بعدد ٢٨،٧٠٠ فرخة، وقطيع عمره ٩٢ أسبوعاً بعدد ٢٦٠٠٠ فرخة، معللاً سبب ارتفاع سعر البيض في السوق المحلية لغلاء المواد العلفية بعد أن وصل سعر طن كسبة الصويا إلى خمسة ملايين ليرة، متوقعاً انخفاض سعر طبق البيض في الفترة القادمة إثر زيادة الإنتاج نتيجة دخول قطعان جديدة في الإنتاج.

وأوضح أن المنشأة تعاني من انقطاع التيار الكهربائي لفترة طويلة مما يستدعي تشغيل المولدات التي تزيد الكلفة نتيجة استهلاك المازوت، مشيراً إلى بدء العمل بإعادة تأهيل ثلاث حظائر في مشروع زاهد لزيادة الطاقة الإنتاجية للمنشأة وتوريد صيصان.

تأمين احتياج المنشأة

وعن معمل أطباق الكرتون، أوضح إبراهيم أن المعمل يقوم بتأمين احتياج منشأة دواجن طرطوس بنسبة ١٠٠ % ونحو٤٠% من احتياجات المنشآت التابعة للمؤسسة العامة للدواجن، وتبلغ طاقته الإنتاجية نحو ١٠٠٠٠ طبق يومياً، ويعمل بنظام ورديات بمعدل ورديتين في اليوم، مشيراً إلى أنه يتمّ تأمين الورق التالف الداخل في صناعة الأطباق من القطاعين العام والخاص، كما يتمّ تحديد سعر الطبق من قبل الإدارة العامة للمؤسّسة العامة للدواجن بدمشق بسعر ٢٠٠ ليرة للطبق، علماً أن سعره في القطاع الخاص نحو ٣٢٠ ليرة.

تراجع التربية 

بدوره أفاد رئيس دائرة الإنتاج الحيواني بمديرية زراعة طرطوس المهنس محمد حسن أن عدد مداجن فروج اللحم المرخصة حتى تاريخه ١٨٨٣ مدجنة، وغير المرخصة نحو ٤٥٠، ويبلغ عدد مداجن أمات فروج اللحم المرخصة ٢٩ مزرعة، وغير المرخصة ٨ مداجن، وعدد المداجن العاملة منها خلال هذا العام نحو ٢١ مدجنة فروج، ويبلغ عدد مزارع تربية بيض المائدة المرخصة ١٧ مدجنة وغير المرخصة ٢٠ مدجنة، وعدد المداجن العاملة منها هذا العام نحو ٢٠ مدجنة، وبالتالي فإن تربية قطعان الدواجن منخفضة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، وخاصة الأعلاف بالمقارنة مع أسعارها في الأعوام السابقة، إضافة لعدم قدرة أصحاب المزارع على الاستمرار بعملية التربية نتيجة الخسائر المتتالية التي لحقت بالمربين. وأضاف: يتمّ ترخيص المداجن وفقاً لقرارات الوزارة، ولاسيما القرار ٩٠/ت لعام ٢٠٢٠ أو عن طريق البلاغات الصادرة عن رئاسة مجلس الوزراء للمنشآت القائمة.

أعمال الدائرة

وبيّن أن دائرة الصحة الحيوانية بمديرية الزراعة تقدم جميع أعمال التحصينات الوقائية والتشخيص المخبري /تشريح، زرع، حساسية/ وفحص عينات دم وحليب بشكل مجاني لجميع الحالات الواردة للمخبر، وتأمين خدمات التلقيح الاصطناعي بشكل مجاني لمربي الثروة الحيوانية عن طريق الفنيين البيطريين العاملين في الوحدات الإرشادية.

مقترحات

وفي إطار الحلول الممكنة اقترح  سليمان تأمين مستلزمات الإنتاج /المواد العلفية، المحروقات، الأدوية البيطرية/ ودعمها وإقامة دورات علفية للمربين بهدف تأمين المواد العلفية وتخفيض تكاليف الإنتاج، وتشجيع المربين على الاستمرار بالتربية من خلال قروض ميسرة، وتأمين أسواق لتصريف المنتجات الحيوانية، وإنشاء مخابر تحليل في كلّ محافظة من أجل سرعة وسهولة تشخيص الأمراض.