مجلة البعث الأسبوعية

نبض رياضي.. كرتنا في كأس العالم

البعث الأسبوعية-مؤيد البش

لم تدع المباريات التي أقيمت في كأس العالم حتى الآن مجالاً للشك بأن كل الفوارق التي كانت بين المنتخبات الكبيرة والصغيرة قد بدأت بالذوبان، حيث وضح بشكل جلي بأن كرة القدم تحولت لعلم صحيح المقدمات فيه توصل إلى نتائج سليمة بشرط توفير الظروف الملائمة.

فمنتخبات إيران واليابان والسعودية استطاعت خلال البطولة الحالية تقديم شكل مميز للقوى الكروية الصاعدة وتمكنت من مقارعة أعتى المنتخبات وتفوقت عليها، وكل ذلك لم يكن وليد الصدفة البحتة أو الحظ بل جاء نتيجة خطة تراكمية جعلت التجارب الفاشلة السابقة التي مرت بها هذه المنتخبات طريقاً للتعلم وتجميع الخبرات.

كرة القدم في كأس العالم الحالي خرجت من إطار الرتابة والمنطق ودخلت في طور غياب أي توقع مسبق لنتيجة بين أي منتخبين مهما بلغت الفوارق النظرية بينهما، فمنتخب اليابان على سبيل المثال يمتلك خطة من بداية التسعينات لبناء فريق قوي بالتدريج وصولاً لتتويج منتظر بلقب المونديال بعد ثلاثين عاماً، ووضع في سبيل ذلك إمكانيات فنية ومالية متوازنة عبر الاعتماد على تجارب كروية مختلفة في البداية قبل الاستقرار على نمط معين لاحقاً.

كل ما سبق يقودنا للحديث عن واقع كرتنا التي تبدو بعيدة كل البعد عما يجري في الكرة العالمية من تطور على كافة المستويات، فمازال غياب الاستقرار الإداري هو الآفة التي ترهق كرتنا دون أن تجد الدواء الشافي منه رغم مرور عشرات السنين على إصابتها به، وطبعاً التخبط الإداري سيؤدي حتماً لتأثر الجانب الفني في كل المفاصل المرتبطة بعمل اتحاد اللعبة.

مشاهدة المونديال ورغم أنها مناسبة للترفيه والمتعة لمحبي الكرة القدم إلا أنها في ذات الوقت فرصة للتعرف على تجارب المنتخبات، ولا بأس أن يسعى اتحاد كرتنا لأن يتابع تفاصيل عمل نظرائه في الدول التي نجحت في دخول ركب التطور والسير على خطاها تخطيطاً وتنفيذاً خصوصاً أن ملاعبنا بالأساس تعج بالمواهب التي يقل نظيرها في العالم لكنها تحتاج لرعاية واهتمام، كما أن الشغف الجماهيري يتعدى حدود الوصف كونه يتفوق على المستوى الفني بمراحل.

لن نكون متشائمين بقادم الأيام لكن الحسرة كبيرة على استمرار غياب منتخبنا عن أجواء المونديال، فكرتنا يمكنها أن تحجز مكاناً لها على الخارطة العالمية بشروط ليست مستحيلة لكنها تحتاج لإرادة حقيقية وفكر إبداعي مع قليل من الإمكانيات المادية ونسيان شماعة الظروف والأزمة لأنهما لن يشكلا عائقاً إذا كانت النوايا صافية والمصلحة العامة هي الهدف.