مجلة البعث الأسبوعية

ما البعد الموضوعي وما البعد الذاتي في أوضاعنا ؟؟..

د. مهدي دخل الله

لا شك في أن البعدين حاضران بقوة ، البعد الموضوعي هو الحرب والحصار ، والبعد الذاتي يتعلق بالقصور في سلوك الدوائر المسؤولة ونقص الرؤية والمبادرة ، ما يؤدي إلى إضاعة فرص كثيرة ..

أيهما أكثر حضوراً وتأثيراً في الواقع ؟ هذا يختلف بين منطقة وأخرى ، بين قطاع وآخر ، بين حالة وحالة . لكن لابد من ذكر بعض المعايير العامة التي يمكن أن تساعد في القياس :

1- أن البعد الموضوعي ( الحرب ) هو أساس المشاكل كلها ، ليس في المجال الأمني فقط ، بل في المجالات كلها الاقتصادي والمعيشي والنفسي ( وهذا هو الأصعب ) ..  

2- أن الصعوبات الموضوعية تدفع ببعض المسؤولين في الحكومة والإدارات العامة ( على جميع المستويات ) إلى الشعور باليأس والضعف فتتراجع همته وحماسته . لكن هناك بعض هؤلاء من الذين تعزز الصعوبات الموضوعية حماسته وهمته فيبادر إلى إيجاد الحلول ..

3- هناك عائق آخر أمام الحماسة والمبادرة وهو الخوف من الخطأ . يعلم العاملون في الشأن العام أنك إن لم تبادر لا أحد يحاسبك ، لكن إن بادرت وأخطأت فستتعرض للمساءلة ، لذلك ترى أنه من الأفضل لك أن لا تبادر ..

4- الفساد والعامل المالي من أخطر مكونات البعد الذاتي . هناك من يرى أن الفساد دافعه الطمع ، لكن المشكلة لا تنتهي هنا . يوجد أمر آخر أكثر تحفيزاً للفساد وهو الدخل . من هو في عمري يذكر كيف كان دخل العامل في الشأن العام ( الموظف ) يكفيه ويزيد في الستينيات ، لذلك كان من النادر جداً أن تجد موظفاً فاسداً . اليوم ، أصبح الدخل متواضعاً جداً ، وهذا ينطبق على الموظفين لأن التاجر والبائع والحرفي ، ومقدم أي خدمة ، ضاعفوا أسعارهم بما يتماشى مع التضخم .. بل ويسبقه .

5- هناك بعد ذاتي مؤثر جداً ويشمل فئة ” المستفيدين من الحرب ” ، سواء كانوا مفيدين ( كشر لا بد منه ) أو مضرين . هؤلاء لهم مصلحة بإطالة أمد الوضع الناشئ عن الحرب لأنه يؤمن لهم دخلاً كبيراً ..

أخيراً لا بد من الانتباه إلى أن الرئيس الأسد ربما كان الرئيس الوحيد في المنطقة الذي يركز في كلماته على الصعوبات والإخفاقات والفرص الضائعة ، وليس على تمجيد الانجازات . وهو لا يكتفي بالعرض ، وإنما يقدم الحلول الممكنة . على سبيل المثال ، في كلمته أثناء اجتماع الحكومة ( 02/ 09/ 2020 ) تحدث عن الفساد وطرق مكافحته بما يعادل ثلث الكلمة ( 1300 كلمة من أصل 3600 كلمة ) ..

mahdidakhlala@gmail.com