مجلة البعث الأسبوعية

معاناة مستمرة للحكام في رياضتنا…نقص في الدعم والاهتمام وقلة في الدورات التطويرية والتأهيلية!

البعث الأسبوعية-عماد درويش

يعتبر الحكام الحلقة الأبرز في أية لعبة حيث يكون في أيديهم القرار الأول والأخير فيما يتعلق بمصير المباريات واللقاءات وذلك بناء على القرارات التي يتخذها الطاقم التحكيمي في أجزاء من الثانية والتي قد تصيب وقد تخطئ، وعادة ما تضع الأندية ومشجعوها سبب فشلهم على الحكام حيث يتهمونهم بأخذ قرارات أثرت على سير المباراة.

وليس من المبالغة القول بأن الحكام هم الحلقة الأضعف في كل الألعاب، فمن النادر أن يتم اتهام اللاعبين بالتقصير، لكن من السهل جداً أن يتم اتهام الحكم بالتآمر والتعاطف مع فريق على حساب آخر بمجرد صافرة اتخذها.

هذا التفكير يسود لدى معظم مشجعي لعبتي كرة القدم والسلة، ليس في رياضتنا فحسب بل في العالم بشكل عام لكنه في العالم العربي بشكل خاص يزيد كثيراً عن حده.

الحلقة الأضعف

الكل يعتبر أن (الحكم) هو الحلقة الأضعف والجميع يصب جام غضبه عليه ويحملونه وزر خسارتهم فهو الشماعة لبعض المدربين الذين ينسون أداء لاعبيهم السيء خاصة في الألعاب الجماعية (ككرة القدم والسلة واليد والطائرة …إلخ).

لكن في رأيي الكثيرين فالحكم يعتبر من أهم عناصر أي لعبة بالمعادلة الرياضية تتألف من المدرب واللاعب والحكم كلٌ له دوره بالملعب ولا احد يتقصد أن يخطئ، فليس من المعقول أن لاعب انفرد بالمرمى وسدد كرته خارج المرمى، أو لاعب سلة لا يعرف كيف يسير باتجاه السلة، أو لاعب آخر لا يعرف كيف يحرز ضربة جزاء في كرة اليد، أو لا يعرف كيف يرسل إرسال صحيح بكرة الطائرة، إضافة إلى أن  المدرب أيضاً قد تكون قراءته خاطئة فيعمد إلى تشكيلة أو تبديل مقتنع به وإنما ظروف المباراة خانت تقديره، وأيضاً الحكم لا يتقصد الخطأ وإنما تقديره خاطئ ، وكل الحكام لديهم هفوات وتقديرات خاطئة ولكن الحكم الناجح هو الأقل أخطاء، وهناك حكام  يمتازون عن أخرين بالجرأة والحزم،  ولا يتأثرون بالضغوطات الخارجية ويتابعون كل الحالات بدقة.

مطالب بالجملة

في ذات السياق تتواصل حالياً المؤتمرات السنوية لاتحادات الألعاب الرياضية والمتتبع للمداخلات التي يقدمها الأعضاء أغلبها يصبّ بالحديث عن الواقع التحكيمي، وضرورة الاهتمام بالحكام سيما وأن جل الحكام الحاليين أصبحوا بسن كبيرة أو أصبحوا بحاجة لتطوير معلوماتهم، مع البحث في كيفية تأمين الحكام وتحسين أوضاعهم المالية في ظل الحالة الاقتصادية التي تعيشها رياضتنا، خاصة وأن الحكام معرضون للشتائم والتهديد في حين لا تتجاوز أجورهم بضعة آلاف من الليرات على المباراة في كرتي القدم والسلة، أما في كرة الطائرة فالحكم الدولي يتقاضى 16 ألف ليرة عن قيادة أي مباراة، ويصل الرقم لخمسة آلاف في كرة الطاولة.

وهذا الواقع الحالي للحكام يُطرح التساؤل حول من الجهة المسؤولة والقادرة على حمايتهم من التهديدات، مع غياب أي تأمين صحي أو اجتماعي ضد الحوادث، وغياب الحماية من قبل اتحادات الألعاب، فقد باتت حوادث الشغب والتعدي على الحكام بالشتائم أو برمي الحجارة، أو حتى الاعتداء الجسدي، ظاهرة منتشرة في معظم المنافسات.

دورات صقل

الناظر لواقع هذا المفصل يجد أن الحكام يفتقرون إلى العديد من التدريبات العملية، بالتزامن مع ضعف المردود المادي من عملهم كحكام، بالإضافة إلى غياب الحماية لهم مما يعترضهم من تدخلات إدارات الأندية، أو من تدخلات اتحادات الألعاب أو الاتحاد الرياضي العام، وهذا يتطلب أن يتم توفير مقومات النجاح للحكام، مثل دورات صقل المواهب والتأهيل وتأمين المعدات الحديثة التي تساعد بشكل كبير على تقليل الأخطاء مع دعم مالي ومعنوي وحماية لكل قرارات الحكام، والأهم إنشاء برامج تلفزيونية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي لتعريف الجمهور واللاعبين والكوادر التدريبية بالتعديلات الجديدة على قوانين كل لعبة على حدة ، خاصة وأن الكثير من الرياضات تتطور بشكل متسارع.

والحقيقة أنه ما من مؤتمر سنوي لأي لعبة إلا وتطرق لموضع الحكام وضرورة زجهم بدورات تدريب للارتقاء بمستوياتهم بما يتناسب وطرق التدريب العلمية والحديثة، وللحقيقة مرة أخرى أن هذه الطروحات تطوى مع صفحات التقرير لتطرح من جديد في مؤتمر العام القادم، لذلك يجب أن تكون هناك خطوات لرفع مستوى التحكيم المحلي وتأمين مقومات نجاحه وتطوره، ومن بينها التجهيزات ورفع الأجور، وإقامة الدورات التثقيفية لمتابعة كل جديد ومستحدث في القوانين والتقييم المستمر للمستويات.

دعم خلبي

لا شك أن دورات الصقل والترقية هي من أجل الاطلاع على أخر المستجدات في عالم التحكيم ، وأخر ما تم تعديله على القوانين الدولية لاتحادات الألعاب، كما أن الهدف منها هو صقل تلك الكوادر، وتقييم الوضع الفني لكل حكم وجاهزيته للمنافسات وفق القوانين والمحاضرات التي تم استعراضها في الدورة، وكيفية إيصال المباريات لخط الأمان، والوقوف على كل ما هو جديد عالمياً وهذا ضمن خطط العمل والاستراتيجية التي يجب على أي اتحاد لعبة بالتعاون مع الاتحادات الدولية وتدخل ضمن مهام التطوير الدولية، لكن من خلال المعطيات على أرض الواقع أن دورات الصقل التي تقيمها الاتحادات “خلبية” الهدف منها فقط هو زيادة كوادر اللعبة دون الاهتمام بتطورها.

إضافة إلى أن المشاركة في تلك الدورات مكلفة لأي “حكم” من رسوم وإطعام وإقامة وغيرها أي أن أي مشارك سيدفع الملايين للدورة، وعليه فإن كوادر الألعاب تمنت من المكتب التنفيذي للاتحاد الرياضي العام أو على الأندية التي يتبعون لها أو حتى اتحاد الألعاب نفسها بتقديم يد المساعدة لهم عبر دفع ولو نصف القيمة ليشاركوا بالدورات الخارجية على وجه التحديد، أو التدخل لإقامة دورة مماثلة في ربوعنا بدلاً من السفر للخارج.