أخبارصحيفة البعث

مَن هو “الشريك المفضّل” لإفريقيا

تقرير إخباري:

بعد الحديث الأمريكي عن مواجهة النفوذ الروسي المتصاعد في إفريقيا، والصراع الحاصل بين واشنطن وموسكو هناك على خلفية الوضع القائم في العالم وانحسار النفوذ الأمريكي في القارة، حيث قالت نائبة المتحدث باسم وزارة الدفاع الأميركية، سابرينا سينغ: إنّ البنتاغون “يراقب زيادة وجود روسيا شمالي إفريقيا لكنه ليس مستعدّاً بعدُ للحديث عن إجراءات ردّ محتمل”، تزايد في الآونة الأخيرة الحديث عن مواجهة النفوذ الصيني هناك، وفي الحقيقة تعدّ مواجهة النفوذين الصيني والروسي في القارة الإفريقية إحدى المسائل الأساسية المطروحة في الاستراتيجية الدفاعية الأمريكية، حيث تسعى واشنطن جاهدة للحدّ من حضور روسيا والصين في هذه القارة، ولكن الدعم الغربي المتزايد للحركات الإرهابية في القارة، وقيام الغرب بشكل غير مباشر بفرض حصار على الدول الفقيرة في إفريقيا من خلال نظام العقوبات المفروض على الأسمدة والحبوب الروسية، أدّيا بشكل واضح إلى انحياز الدول الإفريقية إلى موسكو وبكين في صراعهما القائم حالياً مع الغرب، وخاصة أن العلاقة مع العملاقين الصاعدين تجلب التنمية إلى القارة التي هي بأمسّ الحاجة إليها مع وجود كمّ هائل من الثروات الطبيعية ومطارح واسعة للاستثمار، يصرّ الغرب على ابتزاز القارة فيها.

وتحاول الولايات المتحدة الأمريكية أن تفوز بسباقها الاقتصادي مع الصين أو على الأقل أن تلحق بها ضمن نشاطها التجاري الخارجي، حيث صرّح نائب وزير التجارة الأميركي دون غريفز بأن الولايات المتحدة تخلّفت عن الركب بعدما تجاوزت الصين الاستثمار الأجنبي الأميركي في إفريقيا، لكنه اعتبر أن واشنطن لا تزال “الشريك المفضّل” لإفريقيا.

وقبل بدء قمّة قادة الولايات المتحدة وإفريقيا كشف غريفز أن “القارة، التي يشعر قادتها في كثير من الأحيان بأنهم لم ينالوا اهتماماً كبيراً من الاقتصادات الرائدة، باتت مهمّة للقوى العالمية بسبب النموّ السريع في عدد سكانها، ومواردها الطبيعية الكبيرة، وكتلة التصويت الكبيرة في الأمم المتحدة”، كما أعلن البيت الأبيض دعم الرئيس جو بايدن للاتحاد الإفريقي ليصبح عضواً دائماً في مجموعة الدول العشرين، وقام بايدن بتعيين جوني كارسون الدبلوماسي المخضرم ليكون الشخص المسؤول عن تنفيذ المبادرات التي تخرج من القمّة.

أما نائب وزير الخزانة والي أديمو، فقد دقّ ناقوس الخطر بشأن تضاؤل الاستثمار في البلدان المتوسطة والمنخفضة الدخل، ولاسيما في إفريقيا، حيث بلغت التجارة بين الولايات المتحدة وإفريقيا جنوب الصحراء الكبرى 44.9 مليار دولار العام الماضي، بزيادة 22% عن عام 2019، لكن الاستثمار الأجنبي المباشر في المنطقة انخفض بنسبة 5.3% إلى 30.31 مليار دولار في عام 2021، وفي المقابل ارتفعت التجارة بين إفريقيا والصين العام الماضي إلى 254 مليار دولار في العام الماضي، وزادت بنحو 35% مع زيادة الصادرات الصينية في القارة.

ومن جهة الصين، بيّن سفير الصين لدى الولايات المتحدة تشين جانغ: إن الصين كانت منذ فترة طويلة “صادقة في التعامل مع إفريقيا باعتبارها السوق الناشئ النابض بالحياة في المستقبل، ولسنا مهتمين بآراء أي دولة أخرى حول دور الصين في إفريقيا”، لكن العديد من المسؤولين أكدوا أن واشنطن لا تستطيع ولن تطلب من الدول الإفريقية الابتعاد عن الصين، رغم أن إنشاء قواعد عسكرية صينية في إفريقيا واستخدام أنظمة الاتصالات الصينية هناك يمكن أن يضرّ بواشنطن وبالعلاقات العسكرية معهم.

نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي للشؤون الإفريقية شيدي بلايدن، قال: لدينا نوع معيّن من العلاقات الأمنية والعسكرية والدفاعية مع الشركاء الأفارقة، ويمكن أن يتعرّض ذلك للخطر إذا كان لديهم قاعدة صينية في منطقتهم، وأضاف: إن استخدام شبكة اتصالات هواوي الصينية يجعل من الصعب علينا أن نكون قادرين على العمل مع الشركاء الأفارقة.

وكان مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان قال في وقت سابق: إن الولايات المتحدة سوف تتعهّد خلال القمة الأميركية الإفريقية بدعم إفريقيا بمبلغ قيمته 55 مليار دولار خلال الأعوام الثلاثة المقبلة.

وواضح ممّا تقدّم أن الولايات المتحدة تحاول جاهدة استدراك الوضع، وإعادة الربط مع القارة الإفريقية قبل أن تخرج نهائياً من النفوذ الأمريكي لمصلحة علاقات اقتصادية أكثر توازناً وفائدة مع كل من روسيا والصين.

ميادة حسن