مجلة البعث الأسبوعية

إيران في مواجهة الحرب الهجينة

 البعث الأسبوعية- سمر سامي السمارة

قال سكوت بينيت، الضابط السابق في العمليات الأمريكية الخاصة، بصراحة وصدق، تسعى الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة إلى تكرار سيناريو أفغانستان والعراق في إيران من خلال خلق حالة من الفوضى لتدمير البلاد ونهب مواردها.

وأضاف بينيت لصحيفة “طهران تايمز” إن الغرب ملتزم تماماً بخلق حالة من الانهيار الفوضوي المطلق للحكومة الإيرانية والقطاعات الدينية والعسكرية في إيران، كما فعلوا في أفغانستان ثم العراق، من أجل تقسيم إيران إلى مناطق لسرقة الموارد الوطنية. وشدد بينيت على أن “إسرائيل” هي المحرض الرئيسي على العداء والمناورات الغربية ضد إيران، مستغلة هذه التوترات لتنفيذ هجماتها في لبنان وسورية والعراق.

وتابع، لقد أصبح من الواضح بشكل متزايد أن حملة إرهابية محلية يتم شنها ضد إيران تحت ستار احتجاجات مزيفة، يُزعم أنها دفاعاً عن “حقوق الإنسان”، وهو تماماً ما قامت به الولايات المتحدة، و”إسرائيل”، وحلف شمال الأطلسي في سورية. ومن المؤكد أن هذه القوى نفسها تستخدم أساليب مماثلة وتنشر نفس المرتزقة للتحريض على “ثورة ملونة” تهدف لتغيير النظام الإيراني. ومن المؤكد أن، هؤلاء المرتزقة هم مزيج من الإرهابيين الذين تدعمهم وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، والاستخبارات البريطانية وجهاز الموساد الإسرائيلي.

تهدف الخطة إلى تسلل الإرهابيين الأجانب إلى إيران، وإحداث فتنة داخلية وصراع بين أبناء البلد الواحد، حيث تُستخدم الهواتف المحمولة ووسائل التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الغربية بكثافة في هذه العملية.

جدير بالذكر،  أن بداية هذه الفتنة كان إثر نشوء حركة احتجاج نسائية على ادعاء كاذب بأن امرأة ماتت تحت التعذيب على أيدي الشرطة، بينما توفيت في الواقع بسبب مضاعفات طبية سببها مرض خطير سابق.

إن تفاصيل الحرب الهجينة بحسب سكوت بينيت، هي مزيج من العمليات الصغيرة التي تتخذ شكل العمل الدبلوماسي، والإعلامي، والعسكري، والاقتصادي ضد إيران لإيجاد دعامة يمكن الاستفادة منها لزعزعة استقرار الحكومة، وخلق الفوضى في البلاد. على الصعيد الدبلوماسي، ستُستخدم التصريحات العدائية في الأمم المتحدة، وهياكل الناتو، والاتحاد الأوروبي المختلفة بشكل متزايد لنشر الدعاية والمعلومات المضللة إلى الدول الأخرى حول الانتهاكات المزعومة لـ “حقوق الإنسان” في إيران، والبرامج النووية التي تهدف إلى تقويض الهيمنة الغربية.

يؤكد العديد من المحللين بأن حلف الناتو، والاتحاد الأوروبي يعززان قدراتهما الدفاعية ليس فقط في أوروبا، ولكن أيضاً في الخارج، فقد حددت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون ديرلاين مؤخراً، هندسة أمنية أوروبية جديدة وانخراطاً اقتصادياً وأمنياً أكبر في منطقة الخليج، الأمر الذي يُنظر إليه على نطاق واسع على أنه نهج جديد وعدواني يهدف إلى زيادة التوترات في المنطقة.

كما يمكن رؤية كيف تكثف “إسرائيل” هجماتها الجوية العدوانية ضد سورية، وتواصل انتهاك المجال الجوي العراقي، والخليج العربي كمناورات استقصائية ضد إيران. بالإضافة إلى ذلك، ستجري القوات الجوية الأمريكية وقوات الاحتلال الإسرائيلي أكبر مناورة جوية مشتركة منذ سنوات لاستهداف مواقع في إيران.

في السنوات الأخيرة، أجرى جيش الحرب الإسرائيلي، والقيادة المركزية الأمريكية بالفعل عدة مناورات مشتركة، ففي تموز من هذا العام، وقع الرئيس بايدن ورئيس الوزراء لإسرائيلي السابق يائير لابيد إعلاناً مشتركاً حول الشراكة “الإستراتيجية” الأمريكية – الإسرائيلية، والمعروفة أيضاً باسم “إعلان القدس”، والذي يؤكد التزام الولايات المتحدة بعدم السماح لإيران مطلقاً بامتلاك سلاح نووي، وأنها مستعدة لاستخدام جميع عناصر قوتها لضمان ذلك.

كانت التدريبات المشتركة اللاحقة موضوع اجتماعات في واشنطن بين رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي أفيف كوخافي ومسؤولين أمريكيين، بمن فيهم رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي، وقائد القيادة المركزية الجنرال مايكل كوريلا. حيث تم تخصيص قرابة الـ 3.5 مليار شيكل- 1 مليار دولار-  من ميزانية الحرب للجيش الإسرائيلي البالغة 58 مليار شيكل -17 مليار دولار- للأنشطة العسكرية في العام المقبل المتعلقة بالضربات المزعومة على إيران.

كل ما سبق يدعم بوضوح بأن “إسرائيل” هي المصدر الرئيسي للعداء الغربي، والمناورة ضد إيران، حيث تستخدم هذه التوترات لتنفيذ هجمات في لبنان وسورية والعراق. كما بات معروفاً أنه عادة ما تكون الثورات الملونة هدفاً للحملات العدوانية الغربية، وأن الحروب الهجينة هي الدخان والنار لخلق غطاء لخلق الظروف والفوضى والتوترات لإطلاق هذه الثورات الملونة.وتشمل الحروب الهجينة الصراع الذي صنعته الولايات المتحدة في العراق و ليبيا وسورية بين أبناء الشعب الواحد، حيث تم توظيف وتمويل وتدريب مرتزقة أجانب من عدة دول برعاية وكالة الاستخبارات المركزية والبنتاغون تحت قيادة الجنرال لويد أوستن، وزير الدفاع الآن، حيث كان الهدف من هذه العمليات خلق التوتر والفوضى والصراع والعداوة بين شعوب المناطق حتى يمكن سرقة ثرواتها الطبيعية.

يكفي أن نلقي نظرة على تاريخ هذه العمليات على مدى السنوات العشرين الماضية: أفغانستان، والعراق، والصومال، وليبيا، وسورية، ولبنان واليمن، والآن تمثل أوكرانيا وإيران بالطبع الهدف التالي لهذا البرنامج الغربي للثورات الملونة، وبالتالي يرى مراقبون أن  الحاجة إلى تحالف دولي لمواجهة مثل هذه الأعمال العدائية أصبحت ملحة.