دراساتصحيفة البعث

التغلب على الصين في القارة الأفريقية مجرد أمنية

عائدة أسعد

على الرغم من عدم ذكر الصين ولو مرة واحدة في جدول الأعمال المكوّن من 34 صفحة لقمة زعماء الولايات المتحدة وأفريقيا في واشنطن قبل أيام، لن يتفاجأ أحد إن حاول المضيف استغلال القمة كفرصة لمواجهة نفوذ الصين في القارة.

لقد مرّت ثماني سنوات منذ أن عقدت إدارة باراك أوباما القمة الأولى، وخلال تلك الفترة الزمنية، حتى المتشدّدون الصينيون في واشنطن، لم يدركوا أن الاستعمار الجديد ونظريات مصيدة الديون التي ابتكرتها واشنطن هي في الأساس لتشويه صورة الصين في أفريقيا.

بات من المعروف أن العلاقات الاقتصادية والتجارية التي تربط الصين بأفريقيا وتوثيقها وإنتاجيتها حسّنت بشكل متزايد من سبل عيش الأفارقة من خلال خلق فرص العمل، وجلب التقنيات والمجمعات الصناعية والمدارس والمستشفيات والطرق والسكك الحديدية لهم.

في المقابل، أدركت إدارة جو بايدن أنها لا تستطيع أن تحلّ محل دور الصين في توفير إنفاق هائل على البنية التحتية، وأن القليل من الشركات الأمريكية مهتمة بالاستثمار في البلدان الأفريقية، وكانت حريصة للغاية هذه المرة على عدم منح الأفارقة أي خيار بين الصين أو الولايات المتحدة، وكان هذا هو الشيء نفسه الذي عقدت عليه الإدارة السابقة آمالاً كبيرة.

وعندما كشف وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكين عن استراتيجية الإدارة تجاه أفريقيا خلال رحلته التي شملت ثلاث دول إلى القارة في آب الماضي، قوبلت برد فاتر. وعندما أعلنت إدارة بايدن قبل القمة أنها ستقدم نحو 55 مليار دولار لأفريقيا لدعم اقتصادها والصحة العامة والأمن، أيضاً قوبلت بتشكك في إظهار الأموال. وعلى الرغم من أن مبلغ الشيك أصغر من المبلغ الذي وقع عليه للبنية التحتية العالمية والطاقة وتغيّر المناخ، فإن هذا لا يعني أنه سيكون من الأسهل صرفه نقداً من تلك الشيكات التي تبلغ قيمتها عدة تريليونات من الدولارات.

وحتى لو تسلّل البعض إلى القارة أخيراً، فسيكون ذلك مشروطاً للغاية وسيخضع لمتطلبات قاسية، بعضها سيكون على حساب الدول الأفريقية ويهدّد استقلالها وسيادتها، وهو أمر عرَّفته الولايات المتحدة بشكل غريب على أنه الشفافية، وهذا يذكر أيضاً بوعود الولايات المتحدة لمساعدة جنوب شرق آسيا وأمريكا اللاتينية، حيث عقدت الولايات المتحدة أيضاً قمماً مع الاثنتين في وقت سابق من هذا العام، موضحةً سبب عدم اهتمام المقصودين بالتمويل الأمريكي.

تجدرُ الإشارة إلى أنه مع إفلاس نظرياتها ضد الصين في أفريقيا وتمويلها الضئيل الموعود الذي لا يمكن الدفاع عنه، فإن طموح إدارة بايدن للتغلب على الصين في القارة هو مجرد تمن، والسبب الأساسي لذلك هو أنه على عكس تعاون الصين مع الدول الأفريقية الذي يقوم على الاحترام والسعي لتحقيق المنافع المتبادلة، فإن سياسة الولايات المتحدة تجاه إفريقيا تسعى ببساطة إلى خدمة مصالح الولايات المتحدة الخاصة!.