زواياصحيفة البعث

بن غفير متسللاً إلى ساحات الأقصى

علي اليوسف

اقتحم زعيم الصهيونية الدينية المتطرفة، إيتمار بن غفير، ومجموعة من المستوطنين، صباح اليوم، باحات المسجد الأقصى تحت حماية مشددة من شرطة الإحتلال، وهذه أول عملية اقتحام لـ بن غفير بعد توليه حقيبة الأمن في الكيان الصهيوني.

لقد استغرقت مدة اقتحام بن غفير 13 دقيقة، منذ دخوله المسجد إلى خروجه منه، وهو ما يشي أن هناك تنسيقا بينه وبين رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، الذي أشار عليه، على ما يبدو،  ألا يتجاوز دخوله وخروجه الربع ساعة، وهو الوقت الذي لن تكون هناك ردود فعل فلسطينية مباشرة، أو مواجهات غاضبة.

هذا السلوك الاستفزازي، من المؤكد أنه يحمل في طياته أبعاداً تهديدية للمقاومة الفلسطينية التي حذرت أنها لن تقف مكتوفة الأيدي في حال نفذ بن غفير تهديده باقتحام المسجد الأقصى. وفي جانب آخر، يريد هذا المتطرف أن يظهر بأنه قادر على اقتحام المسجد الأقصى رغم كل التحذيرات التي وجهت له.

لكن هذا المتطرف المأفون لا يلقي بالاً  إلى حقيقة أن تغيير الوضع الحالي، وإقرار التقسيم الزماني والمكاني في المسجد الأقصى، ليس إلا إعلان حرب، وتطورا خطيرا يتحمل عواقبه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. كما لا يدرك أن المسجد الأقصى كان وسيبقى فلسطينياً وعربياً، ولا يمكن لأي قوة أو شخص فاشي تغيير هذه الحقيقة.

لذلك، إن دخول بن غفير إلى ساحة الأقصى ليست انتصاراً له، كما أنه ليست هزيمة للمقاومة، بل كل ما هنالك أن طريقة دخوله لا تعدو كونها مكرا وخديعة، وهو ما يظهر خشيته من إثارة غضب الفلسطينيين القادرين على إيقاف بن غفير، بل وإفشال مشروع المحتل ككل. كان بن غفير – في السابق – يدخل ساحات الأقصى في تظاهرة من المستوطنين، ولكن هذه المرة دخل مع عشرات من الشرطة لحمايته، لكن طريقة دخول بن غفير بهذه الطريقة لا يمكن أن تغير الواقع، ولن ينجح في فرض سياسات جديدة، لأن –  كما كان في “سيف القدس” – أهل القدس والمقاومة الفلسطينية كفيلان بصد بن غفير وإحباط خطوته.

إن حكومة الاحتلال المتطرفة تتحمل مسؤولية دفع الأوضاع نحو الانفجار والمواجهة، لأنها تصب الزيت على النار، وتتحدى إرادة الشعب الفلسطيني ومقاوميه الذين لن يلتزموا الصمت إزاء هذه الجرائم، وأن الكلمة الأخيرة ستكون للشعب الفلسطيني ورافعته المقاومة، خاصةً أن الاقتحام يؤكد أن ما جرى هو عملية تضليل إعلامي قادها نتنياهو وبن غفير خلافاً للتقارير التي أفادت بأنه تراجع عن نيته اقتحام الأقصى عقب الجلسة التي جمعته برئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

لا شك أن دخول بن غفير للمسجد الأقصى ستكون له عواقبه على استقرار المنطقة بأسرها، فالقدس الشريف والمقدسات خط أحمر لا يمكن تجاوزه، والخطوة التي قام بها هذا الصهيوني المتطرف تأتي في ظل الاتفاقات التي شكلت على أساسها الحكومة الإسرائيلية الحالية الأكثر يمينية في تاريخ الحكومات الإسرائيلية، لأن قيام أحد وزراء الحكومة الإسرائيلية باقتحام المسجد الأقصى، وانتهاك حرمته، خطوة استفزازية مدانة، وتمثل خرقاً فاضحاً ومرفوضاً للقانون الدولي، وللوضع التاريخي والقانوني القائم في القدس ومقدساتها.

وحتى في الشكل والحدث هناك فرق بين دخول بن غفير كمستوطن، ودخوله كوزير، وهذا يعطي الحق للسلطة الفلسطينية باستخدام وسائلها الدبلوماسية في مواجهة التحريض السياسي الذي تنتهجه الحكومة الصهيونية، وبالتالي وضع  الأوساط الأممية والدولية أمام مسؤولياتها لاتخاذ موقف مناصر للقضية الفلسطينية، كما من الضروري  تعرية بن غفير من هالة الصهيوني المقاتل، ووضعه في صورة المستوطن الجبان، وصورة هذا المستوطن الجبان لن يكرسها سوى تحرك المقدسيين، ومن خلفهم المقاومة الفلسطينية للإضاءة على المكان الذي دخله بن غفير، وتحويله إلى بيئة طاردة لـه ولأمثاله.