أخبارصحيفة البعث

روسيا تملأ الفراغ الأمريكي والفرنسي في إفريقيا

تقرير إخباري:

تتزايد يومياً المؤشّرات التي تؤكد انحسار النفوذ الأمريكي من أماكن واسعة من العالم، ومهما حاولت الإدارة الأمريكية التغطية على هذا المشهد، فإن الواقع على الأرض يؤكد عجز الإدارة الأمريكية عن تأمين حضور قويّ لها في هذه الأماكن، فقد شهدت القارة الإفريقية غياباً أمريكياً واضحاً عن الاهتمام ابتداء من عام 2014، الأمر الذي أتاح لقوى أخرى دولية أن تملأ هذا الفراغ الذي تركه الغياب الأمريكي عن المشهد.

وبالنظر إلى العجز الواضح الذي أبدته الحكومات الفرنسية المتعاقبة عن تأمين علاقة متوازنة لها مع الدول الإفريقية، واضطرارها في كثير من الأحيان إلى سحب قواتها من بعض الدول التي كان لها حضور قوي فيها، وذلك على خلفية تزايد الرفض الشعبي لوجود مثل هذه القوات التي انحصر دورها فقط برعاية الجماعات الإرهابية التي تؤمّن لها القدرة على الاستمرار في نهب ثروات هذه الدول كما حدث في كل من مالي وبوركينا فاسو، كان ضرورياً طبعاً سعي بعض الدول القوية إلى ملء الفراغ الحاصل هناك.

فقد أعلنت مؤسسة روس كونغرس المسؤولة عن تنظيم المؤتمرات في روسيا، أن القمة الروسية الإفريقية الثانية التي تم التخطيط لجدول أعمال مزدحم لها ستُعقد في الفترة الممتدة من 26 إلى 29 تموز 2023.

البيان جاء بعد تأكيد وزير خارجية روسيا سيرغي لافروف مراتٍ عدة أن موسكو دعت جميع الدول الإفريقية إلى المشاركة في القمة، عكس قرار الولايات المتحدة الامتناع عن دعوة بعض الدول التي شهدت انقلاباتٍ عسكرية، إلى قمّة “الولايات المتحدة-إفريقيا” التي جرت في كانون الأول الماضي.

ومن الضروري التذكير بأن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أكد أن روسيا والدول الإفريقية يستطيعون تعزيز الأمن والاستقرار في العالم أجمع من خلال العمل المشترك، علماً أن مدينة سوتشي استضافت في تشرين الأول 2020 قمّة روسيا – إفريقيا، برئاسة مشتركة للرئيسين بوتين، والمصري عبد الفتاح السيسي رئيس الاتحاد الإفريقي آنذاك، وكذلك المنتدى “الروسي الإفريقي”، في حدث يعدّ الأول بمثل هذا المستوى، في تاريخ العلاقات الروسية الإفريقية.

وقد أعلنت وزارة الدفاع الأميركية سابقاً أن البنتاغون يلاحظ ارتفاع حضور روسيا شمالي إفريقيا، وكشفت واشنطن في آب الفائت عن إعادة صياغة شاملة لسياستها في إفريقيا جنوبي الصحراء، بحيث تعتزم “مواجهة الوجود الروسي والوجود الصيني، وتطوير أساليب غير عسكرية ضد الإرهاب”، مؤكدة أن “للولايات المتحدة مصلحة كبيرة في ضمان إبقاء المنطقة مفتوحة ومتاحة للجميع، وأن الحكومات والشعوب يمكنها بنفسها اتخاذ خياراتها السياسية”، وتحدّثت واشنطن عن 55 مليار دولار مساعداتٍ لإفريقيا على مدى 3 أعوام، أي بمعدل 18.3 مليار دولار فقط كل عام لقارة إفريقيا، التي تعاني الجوع والتصحّر والحروب والمؤامرات، مع العلم أن أوكرانيا تحصل على ما يزيد على 10 مليارات كل شهر في هذه المرحلة.

لم تستطع أميركا حتى الآن أن تملأ الفراغ الذي تركته فرنسا، بل تقوم فرنسا بتوريط أميركا من خلال الانسحاب من دون تنسيق مع الدولة التي توجد فيها قواتها أو مع القوات الأميركية في القارة الإفريقية، ما يظهر فشلاً دبلوماسياً وانحساراً أميركياً بسبب تجاهلها لمدة 4 أعوام لإفريقيا ودولها من جانب الرئيس السابق دونالد ترامب، بينما الرئيس الحالي جو بايدن، لم يكن في عجلة من أجل ملء الفراغ الذي تركه سَلَفه.

أميركا انقطعت عن إفريقيا وتناستها، واعترف بذلك بعض المسؤولين الأميركيين، الذين قالوا: “كان يجب أن نستمرّ في عقد القمم بعد آخر قمّة عام 2014″، وهذا بطبيعة الحال سيجعل الزعماء الأفارقة يتجهون في طموحاتهم إلى تعزيز علاقاتهم مع قوى أخرى، وخاصة بعد علمهم أن واشنطن هي من يعيق تصدير الحبوب والسماد الروسي إلى الدول الفقيرة، وهذا سيمنح روسيا الورقة الرابحة في ملء الفراغ على هذه الساحة.

ميادة حسن