أخبارصحيفة البعث

سيناريوهات صدام محتمل تعكس الرعب الأمريكي من الصين

تقرير إخباري:

لم يمضِ زمنٌ طويل على جلوس الولايات المتحدة الأمريكية على طاولة النقاش مع الصين في قمّة العشرين ومؤتمر إيبك، في محاولة من الأمريكيين لتهدئة التوترات التي نجمت بسبب سوء تقديرهم لأهمية تايوان بالنسبة إلى الصين إثر زيارة بيلوسي إليها، وما تلاها من تصريحاتٍ لواشنطن تفيد بتقديم الدعم لتايوان ولاسيّما العسكري، الأمر الذي قاد إلى اشتداد النبرة العسكرية عقبه، والتي وصلت إلى درجة أجبرت الرئيس الصيني شي جين بينغ على ارتداء بزته العسكرية كرسالة منه عقب ما أجرته الصين من مناورات عسكرية، باستخدام الاحتمال العسكري؛ الأمر الذي صرّح به بشكل علني في المؤتمر العشرين لحزب الشيوعي الصيني، إذ إن المسألة التايوانية تدخل في صلب الأمن القومي الصيني، وشأن داخلي بحت تحاول الولايات المتحدة الأمريكية بكل الأشكال التدخل فيه بهدف زعزعة الأمن والاستقرار الصيني، وفقاً لتقديراتها الاستراتيجية المتعلقة بمنع قيام الصين بإعادة تايوان إلى الوطن الأم، لما سيترتب على ذلك من مخاطر تضرّ بالمصالح الأمريكية من قبيل حجم تجارتها الدولية في مضيق تايوان، ومنع الإضرار بمصالح حلفائها، ولا يمكن استبعاد الرغبة الأمريكية في إشغال الصين بافتعال أزمات داخلية فيها تشغلها عن شؤونها الخارجية، لأن مسألة ضمان المصالح الأمريكية في الممرات المائية العالمية مسألة وجودية وحيوية بالنسبة لها، وفي سبيل ضمانها هي مستعدّة للتنافس الحاد ولممارسة الحرب النفسية وكذلك التلويح بالورقة العسكرية وتحديث تحالفاتها، وليس أدلّ على هذا ما شهدناه من تنفيذ خبراء عسكريين وأمنيين أميركيين (24) عملية محاكاة لمواجهة عسكرية بين الصين من جهة، والولايات المتحدة واليابان وتايوان من جهة أخرى.

وقد أدار المحاكاة مركز الدراسات الدولية والاستراتيجية “CSIS” بإشراف مباشر من ثلاثة خبراء في مجال الأمن الدولي وكلية الدراسات البحرية، وتوصّل الخبراء إلى نتيجة واحدة على الشكل الآتي: “ستكون هناك أضرار بالغة لموقع الولايات المتحدة الأميركية لسنوات طويلة، إضافةً إلى وجود اقتصاد مدمّر في تايوان، فضلاً عن فقدان عشرات السفن ومئات الطائرات وعشرات الآلاف من الجنود”.

أمّا في الجانب الآخر، فقد أظهرت المحاكاة أنّ الصين ستتكبّد خسائر ضخمة تصل إلى حدّ “زعزعة استقرار الحكم” حسب تصوّرهم، ولقد استندت المحاكاة إلى الاحتمالات المرتفعة لحصول مواجهة عسكرية بناءً على زعمهم بأنّ الصين تواصل تعزيز جيشها وتحتفظ بالحق باستخدام القوة” في تايوان، كما تم افتراض جرّ اليابان حُكماً إلى الحرب وتعرّض قواعدها العسكرية للهجوم، وسيعاني الاقتصاد التايواني أضراراً فادحة، واحتمال تطوّر المواجهة لتصل إلى حدود التصعيد النووي.

بالمجمل، عكست عملية المحاكاة هذه احتمالات حصول سيناريو الصدام العسكري فعلياً بين الصين من جهة والولايات المتحدة وحلفائها من جهة أخرى، وهذا ما يمكن فهمه كتعبير عن مستوى القلق الأميركي من أي مواجهة مع الصين، ويبقى ما تقوم به الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها بما في ذلك سلسلة مناوراتها العسكرية يصبّ في بوتقة التذكير بالمصالح الحيوية وإعادة تنظيمها وضبط الاتفاق حولها، لأن تفسير ما يجري بأنه تهديد بحربٍ أو بداية تجهيز لها هو تفسير غير عقلاني ولا واقعي ومفرزاته الكارثية ستكون على العالم أجمع.

د. ساعود جمال ساعود