صحيفة البعثمحليات

زاوية منفرجة!!

معن الغادري

طالما تم التعويل على العمل الجماعي والتشاركي والاعتماد على الطاقات والقدرات الذاتية، لإبطال مفاعيل الحصار الاقتصادي وإزالة كلّ ما يعيق العملية التنموية المطلوبة، وتسريع دورة الإنتاج الزراعي والصناعي، وإنجاز المشاريع الحيوية والاستراتيجية، التي تدعم عملية الاستقرار المجتمعي وتقوي دعائم مشروع البناء والإعمار..  إلا أن ما أطلق من شعارات خلال الفترات المتعاقبة لم يصل إلى مرحلة النضوج الكافي، بل استُخدم في غير مكانه وسياقه عن قصد أو غير قصد، لا فرق ما دامت النتائج جاءت عكسية وكارثية في كثير من الملفات والتي يتصدّرها ملفا الفساد المالي والإداري. وبالتالي كان طبيعياً أن تكون مؤشرات الأداء والإنجاز، طيلة السنوات الماضية التي أعقبت تطهير حلب من الإرهاب، متواضعة ولا تتوافق مع الشعارات والوعود التي أطلقها المعنيون، باستثناء ما نُفذ من مشاريع متفرقة لم تحدث أي فارق في المشهد العام، عدا مشاريع المياه والري التي كان لها الأثر الإيجابي في استقرار منظومة المياه بشكل عام.

والواضح أن المشكلة في حلب تختلف عن غيرها من المشكلات التي تواجه باقي المحافظات، على الرغم من تشابهها وتطابقها، وهو ما يدلّ على وجود خلل كبير وملموس في عملية إدارة الأزمات والملفات الأكثر إلحاحاً.

وهنا لابد من الإشارة إلى وجود إشكالية كبيرة، وكبيرة جداً، تتمثل في تخمة الأعمال والمهام المسندة للبعض في عدد من مفاصل العمل الحساسة، والتي تؤدي بالنتيجة إلى تورم الأنا أكثر مما هي متورمة أصلاً لدى الممسكين بالقرار والمتنعمين بمزايا المناصب، وهو أحد أبرز أشكال الفساد الإداري والتنفيذي، والذي يحجب فرص العمل عن أصحاب الاختصاص المبعدين عن المشهد قسراً وليس اختياراً، ما يثير الشكوك والظنون، ويزيد من انطباعات سوء النية حول كلّ ما يتعلق بطبيعة العمل ومخرجاته.

ما نودّ قوله وتأكيده مجدداً أن المركزية المحكمة في العمل، وفي حلب على وجه التحديد، والمرتبطة بـ “شخص دون غيره” أثبتت فشلها، وأنتجت واقعاً فضفاضاً وفاسداً على المستويات كافة، فـ “الكل تابع”، وهي حقيقة مرّة وكارثية لا يمكن نكرانها، وما زالت حتى الآن هي السائدة والرائجة والمحرك المباشر للعمل المؤسساتي اليومي، وهو ما يستدعي المعالجة وعلى أعلى مستوى لتغيير هذا المفهوم، بإدخال مفهوم جديد يكون فيه العمل مكتمل الزوايا، وليس مسنداً على زاويا مائلة، وأخرى منفرجة وعلى نحو فاضح ومكشوف كما هو عليه المشهد في ملفي المحروقات والإغاثة، وغيرها من الملفات التي تعجّ بالفوضى والفساد وتنفرد بها حلب عن غيرها!.