ثقافةصحيفة البعث

ياسمين عتيق.. بيوت دمشقية وأزياء تراثية

أمينة عباس

تحت عنوان “ياسمين عتيق” أقيمت مؤخراً في المركز الثقافي في كفرسوسة ندوة تراثية شارك فيها د. أنس تللو والباحثة الأكاديمية ياسمين العينية وتحدثا فيها عن البيوت الدمشقية والأزياء التراثية.

قوارير عطر

انطلاقاً مما قاله الشاعر نزار قباني حين وصف بيته الدمشقي: “هل تعرفون معنى أن يسكنَ الإنسانُ في قارورةِ عطر؟ بيتُنا كان تلك القارورة” استرسل د. أنس تللو في محاضرته بالحديث عن البيت الدمشقي وعمارته وأقسامه ونباتاته، مؤكداً في الوقت ذاته أن المهمّ في الحديث عن هذه البيوت ليس الحديث عن البحرة ولا عن الإيوان والليوان والجدران، وإنما عن ذكرياتنا مع الإنسان لأننا إن أحببنا الدار إنما أحببنا من سكنَها، فالإنسان حين يكلف بهذه البيوت القديمة لا يكلف منها بأرضها ولا بجدرانها ولا بسقوفها وأركانها ولا بصحنها وإيوانها ولا بوردها وريحانها ولكن بمن غبر من سكانها مستشهداً بقول الشاعر قيس بن الملوح:

أَمُرُّ عَلى الدِيارِ دِيارِ لَيلى

أُقَبِّلَ ذا الجِدارَ وَذا الجِدارا

وَما حُبُّ الدِيارِ شَغَفنَ قَلبي

وَلَكِن حُبُّ مَن سَكَنَ الدِيارا

أشبه بمتحف

وبيَّن د. تللو أن كل ما نراه في البيت الدمشقي من زخارف ونقوش هو أشبه بمتحف لأجمل أنواع العمارة العربية لم يتمّ تصميمه من أجل التباهي بفن العمارة العربية، ولا لجذب السواح بل للوصول إلى راحة النفس الإنسانية، لذلك تم تصميم البيت ليبعث الهدوء والسكينة والطمأنينة وهو الذي قطف من كلّ وادٍ أبهى مناظره، وقبسَ من كلّ حديقةٍ أشهى ثمارها، فجمعَ بين جنباتِهِ ضروباً وأفانين من العراقةِ والظرافةِ والهناءةِ والسعادةِ والسرور، مبيناً أن البيت الدمشقي كان يضم أسرة كبيرة مؤلفة من الأب والأم والأولاد والأحفاد وعائلاتهم، ولا غرابة في ذلك، وقد كان قصراً في مساحته ورائعاً في تصميمه، يحمل بين جدرانه عبقَ التراثِ القديم، ومجرد الجلوس تحت سقف الليوان والنظر إلى نافورة المياه يبعثُ في النفس الشجن ويدعوها إلى سعادة التأمل الممتع.. من هنا كان جنة لساكنيه وملاذاً آمناً لهم بعيداً عن الضجيج ومنقِذاً من تلوث البيئة، ونجد فيه غرفاً وأماكن لها أسماء متعددة تناسب طبيعة الغرفة، متسائلاً: “لماذا تهفو قلوب السواح إليه؟” ليجيب أن السواح لم يعجبهم البيت المرتب الأنيق، إنهم يتلهفون إلى هذه الروح التي يفتقدون إليها وهي الجوهرة الإنسانية، جوهرة الشرق التي تهفو لرؤيتها ولذكرياتها نفوس الغرب.

الأزياء التراثية والهوية

كما تحدثت الباحثة في التراث الشعبي ياسمين العينية عن الأزياء التراثية السورية مستعرضة تاريخ تطور الأزياء بشكل عام وسورية بشكل خاص، وعوامل التغيير التي طرأت وأثّرت على تطور هذه الأزياء، سواء أكانت عوامل مناخية أم جغرافية أو العرف والدين والعادات والتقاليد وتأثير العولمة والسياسة والسفر والهجرة والتهجير وغيرها من العوامل، مشيرة إلى علاقة الأزياء التراثية بالهوية لدى المجتمعات وتأثيرها على التماسك المجتمعي والفوارق في المصطلحات بين ما هو تراثي وأثري وشعبي في الأزياء والتداخل في المسميات، إلى جانب شرحها للفوارق بين التراث المادي والتراث اللامادي والتداخل بينهما، حيث كلّ منهما يمثل بطاقة تعريف للمجتمع وللهوية التراثية والثقافية، واصفة ضمن محور الأزياء السورية أزياء المحافظات السورية وأريافها، فكل منطقة وبلدة ومدينة لها لباس وزيّ يميزها عن سواها من المناطق، وختمت حديثها بتقديم مقترحات ومبادرات لإحياء التراث السوري من خلال المعارض الدورية وتضمين المواضيع ذات الصلة بالتراث في المناهج التعليمية، ودعم البحث وتشكيل لجان توثيق بدعم من الجهات المعنية والتشاركية في العمل مع الوزارات الحكومية والمجتمع المدني والمهتمين بهذا الشأن، إلى جانب طباعة منشورات لها علاقة بالتراث السوري وزيادة التفاعل بشكل أوسع ضمن وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام، وتأسيس مراكز ومتاحف لحفظ التراث الشعبي.