مجلة البعث الأسبوعية

العقوبات القاسية على يوفنتوس تعيد الحديث عن قانون اللعب النظيف وإيرادات الأندية الأوروبية

البعث الأسبوعية-المحرر الرياضي

على نحو مفاجئ قرر الاتحاد الإيطالي لكرة القدم إيقاع حزمة من العقوبات على نادي يوفنتوس بسبب اتهامات بالتلاعب في الحسابات المالية على مدى سنوات من قبل إداريي النادي، العقوبات كان أبرزها حسم 15 نقطة من رصيد الفريق في مسابقة الدوري المحلي وبالتالي تراجعه للمركز العاشر على سلم الترتيب بعد أن كان ثالثاً، إضافة لإيقاف الرئيس السابق للنادي أندريا أنييلي والمدير التنفيذي السابق ماوريتسيو أريفابيني لمدة سنتين، والمدير الرياضي السابق فابيو باراتشي لمدة 30 شهراً.

اتهامات خطيرة

العقوبة القاسية جاءت عقب تحقيقات فتحها الاتحاد الإيطالي بحق عدة أندية في الدرجتين الأولى والثانية بتهم مالية وتزوير في البيانات كان أبرزها نابولي وسامبدوريا إضافة لليوفي الذي كان النادي الوحيد الذي تمت إدانته بصورة مباشرة.

يوفنتوس اتهم باستخدام مكاسب رأس المال عبر التلاعب بصافي الفارق الإيجابي بين قيمة الشراء والبيع بعد شطب القيمة الحقيقية أو التقليل منها لسلسلة من صفقات تبادل اللاعبين التي تمر فيها أموال قليلة أو معدومة بين الأندية، وكانت إحدى الصفقات التي تم الاستدلال بها على نطاق واسع بين يوفنتوس وبرشلونة الاسباني في عام 2020 والتي شهدت انتقال البوسني ميراليم بيانيتش إلى كاتالونيا ووصول البرازيلي آرثر ميلو الى تورينو، حيث قدرت قيمة آرثر بـ72 مليون يورو وبيانيتش 60 مليون يورو، وهي مبالغ مكنت كلا الناديين حجزها على الفور في بياناتهما المالية، بينما تم توزيع تكلفة الصفقة على مدة عقد اللاعب، وحينها سجل يوفنتوس مكاسب رأسمالية قدرها 43 مليون يورو في صفقة بيانيتش، وهو ثاني أعلى رقم في تاريخ النادي.

صفعة جديدة

تأثر اليوفي بالعقوبة بدا واضحاً مع تراجع قيمة أسهمه في البورصة لتزداد متاعب النادي التوريني كونه أعلن قبل فترة تعرضه لخسائر مالية قياسية بلغت 254 مليون يورو (246 مليون دولار) خلال العام المالي المنتهي مع تراجع الإيرادات وارتفاع التكاليف في أول موسم لا يحقق فيه أي ألقاب خلال عقد كامل.

وهذه هي أكبر خسائر مالية في تاريخ يوفنتوس الذي أكد أن الخسائر ستستمر أيضاً حتى نهاية العام المالي 2022-2023، حيث بلغ إجمالي الديون المالية المستحقة عليه نحو 153 مليون يورو.

أما عن تأثير حذف النقاط على النادي في الموسم الحالي فتقدر الخسائر المالية بما لا يقل عن 80 مليون يورو إذا لم يتأهل الفريق لدوري أبطال أوروبا الموسم المقبل، وقد يرتفع هذا الرقم بسبب تراجع شراكة العلامة التجارية مع الرعاة.

تعديل جذري

ما حدث مع اليوفي جاء بعد أن أقر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم جملة من التعديلات على قانون اللعب المالي النظيف التي جاءت لتخفيف قيوده، وتبدأ المرحلة الأولى عام 2023 إذ ستكون نسبة الإنفاق 90% من إجمالي الأرباح السنوية لكل نادٍ، وتنخفض إلى 80% عام 2024 ثم إلى نسبة 70% عام 2025.

ويعني هذا أن الأندية ستكون مجبرة عام 2025 على صرف 70% فقط من إجمالي أرباحها السنوية على رواتب اللاعبين والصفقات وعمولات الوكلاء، وهو ما سيجعل بيع اللاعبين طريقة لصرف المزيد على شراء لاعبين جدد، مثلما فعل برشلونة هذا الموسم للتعاقد مع العديد من النجوم وأبرزهم روبرت ليفاندوفسكي.

وتنص القواعد الجديدة لليويفا على تطبيق عقوبات مالية وخصم نقاط على أي ناد يخالفها، وأثار التغيير جدلاً وتبايناً في المواقف بين الأندية الستة الكبرى التي وافقت أغلبيتها على التعديلات باستثناء بايرن ميونخ وريال مدريد.

فكرة وتحقيق

قانون اللعب المالي النظيف كان قد أوجد في عام 2009 حين قرر الاتحاد الأوروبي لكرة القدم استحداث لائحة جديدة على أن تدخل حيز التنفيذ اعتباراً من موسم 2011-2012، والغرض من هذه اللائحة حسبما أعلن الاتحاد وقتها كان “تقنين الوضع المالي لكل الأندية الأوروبية بصورة صحية”.

الهدف الرئيسي من تلك اللائحة هو منع الأندية من إنفاق مبالغ تفوق عوائدها المادية في فترة زمنية محددة، وكذلك حماية الأندية من الدخول في أزمات مادية قد تؤدي لمشاكل على المدى الطويل.

وسمح الاتحاد الأوروبي حينها للأندية بالإنفاق بشرط ألا يتجاوز المبلغ الذي يتم صرفه إيرادات النادي في مدة 3 سنوات سوى بخمسة ملايين يورو، مع وضع حد 30 مليون يورو إذا تعهد مالك النادي أو الجهات المعنية به بتغطية هذا المبلغ في فترة زمنية محددة.

ويتعين على كل نادٍ تعيين جهة مالية لإدارة حسابات النادي، تعمل على أن تتضمن هذه المصروفات كل الأمور المعنية، بما في ذلك قيمة الانتقالات، رواتب اللاعبين والموظفين، المصروفات الإدارية، أعمال البنية التحتية، منشآت التدريب، ومصروفات الفرق السنوية المختلفة.

سؤال وجيه

وعلى الرغم من هذا القانون إلا أنه حسب المراجعات المالية للاتحاد الأوروبي لكرة القدم فإن أكثر من نصف الأندية الأوروبية عانت من خسارة في الميزانية مقارنة بالعام الماضي.

وفي الوقت الذي تستطيع فيه نسبة قليلة من هذه الأندية التعامل مع الأمر وتعويض الخسائر لأسباب مختلفة، من بينها ثروة المالكين وزيادة قيمة الأسهم ارتباطًا بأداء الفرق في المسابقات المختلفة، إلا أن هناك نسبة قد تتجاوز ال20 % من الأندية معرضة لخطر مالي حقيقي.

ليبرز سؤال في غاية الأهمية عن كيفية تعويض الأندية لمصاريفها الكثيرة مع وجود العديد من التحديات السابقة واللاحقة والتي كان فيروس كورونا وغياب الجمهور أحد ملامحها.

دعاية وتلفزيون

أمام ضغط توفير المال أصبحت عقود البث التلفزيوني المصدر الرئيس لتمويل أندية كرة القدم التي تجذب القنوات التليفزيونية وتدفعها إلى وضع أموال طائلة لبث المنافسات العالية المستوى، حيث حصلت أندية الدوري الإنكليزي الممتاز (البريميرليغ) على سبيل المثال في الموسم الماضي على أكثر من 3.5 مليار يورو من عائدات البث التليفزيوني للمباريات.

كما أن عقود الرعاية من كبرى الشركات التجارية الباحثة عن ترويج لمنتجاتها عبر أقمصة الأندية الكبرى أو جدران مراكز التدريب، واللوحات الإعلانية داخل الملعب تشكل دعماً مالياً لا بأس به، فمانشستر يونايتد الإنكليزي وريال مدريد الإسباني وقّعا أغلى عقدي رعاية في عام 2021، وذلك بحصول كل منهما على أكثر من 70 مليون يورو في العام الواحد، بينما حلّ باريس سان جيرمان ثالثاً بما يزيد على 60 مليون يورو سنوياً.

أما جوائز البطولات فتعد من أهم مصادر التمويل والأرباح للأندية فالتنافس على إحراز الألقاب هدفه الحصول على جوائز مالية قيّمة فخلال موسم 2022 حصل ريال مدريد على 22 مليون دولار بعد تتويجه بلقب دوري أبطال أوروبا.

أسعار خيالية

كل ماسبق هو جزء من مداخيل النادي إضافة لبيع اللاعبين بأسعار خيالية للأندية الكبرى ومن بين أكثر الأندية المستفيدة أياكس أمستردام وبي إس في أيندهوفن الهولنديان وبوروسيا دورتموند الألماني، حيث جنى بوروسيا دورتموند أرباحاً بقيمة 766 مليون يورو من بيع اللاعبين خلال 5 مواسم بعد أن كان تعاقد معهم بصفقات محدودة جداً، على غرار صفقة النرويجي إرلينغ هالاند الذي انتقل إلى مانشستر سيتي الإنكليزي.

كما أن بيع تذاكر المباريات الودية والرسمية يدر سنوياً مبالغ كبيرة فبرشلونة وريال مدريد، أكثر أندية العالم استفادة من أرباح مبيعات التذاكر بما يزيد على 120 مليون يورو.

دون نسيان الإيرادات من حسابات منصات التواصل فقد كشفت تقارير إعلامية أن ريال مدريد وبرشلونة الإسبانيين يتربعان على عرش أكثر أندية كرة القدم متابعة على المنصات الاجتماعية بنحو 260 مليون متابع، يليهما يوفنتوس الإيطالي.